في الآونة الأخيرة أضحى المتسولون ينتهجون كل السبل لأجل جمع الصدقات وجلب شفقة الغير وبعد أن كانت طرقهم في التسول نوعا ما معقولة في السابق، باتت غريبة في السنوات الأخيرة وغير معقولة البتة، فعادة ما يقرنون تسولهم بكلمة »العواشير« المقترنة في مجتمعنا بالمناسبات الدينية كعاشوراء والمولد النبوي وأول محرم والعيدين المباركين، لاسيما وأن تلك المناسبات تدر عليهم ربحا كبيرا بعد استعمال تلك الكلمة المتداولة والملخصة في لفظ »العواشير« ولو كان استعمالها في نطاقها قبيل حلول المناسبة أو أثناءها أو حتى بعدها بأيام قلائل لهان الأمر، وإنما أضحت تنطلق سهوا أو حتى عمدا من أفواه بعض المتسولين في الأيام العادية التي لا تقترن بأية مناسبة وذلك ما أدى إلى استغراب الجميع. »العواشير« لفظ مقترن لدى المجتمع الجزائري بالمناسبات الدينية، وبما أن بعض المتسولين أقرنوا تسولهم بتلك المناسبات في ظل تضاعف عددهم خلالها، عادة ما نجدهم يستخدمون في تسولهم لفظ »العواشير« وهو اللفظ المحبَّب لديهم لجمع الصدقات وجلب شفقة الغير للتصدق عليهم، ولو كان ذلك السلوك في أيام العواشير حقيقة لهان الأمر، وإنما خرج عنها وأضحى يستخدمه بعض المتسولين حتى في غير أيامها، مما أدى إلى حيرة الكل من الغاية التي يهدف إليها هؤلاء بانتهاج ذلك السلوك، هل لتغليط المواطنين أم لغايات أخرى ينفردون هم بمعرفتها دون غيرهم؟. ولعل الدافع الذي دفع بهم إلى التلفظ بذلك اللفظ في غير محله أو خارج أيامه، هو أن أيام »العواشير« تدر عليهم أموالا طائلة، مما أدى بهم لا شعوريا إلى التفوه بتلك الكلمة حتى في الأيام العادية بطريقة لا إرادية وتمنوا لو تكون كل الأيام هي أيام »عواشير« لكثرة المتصدقين خلالها، بالنظر إلى مضاعفة الأجر والحسنات في تلك الأيام المباركة. ذلك ما جعل بعض المتسولين يتفوهون بتلك الكلمة في كل وقت على مستوى الأماكن العمومية بدون أي حرج، كون أن الكثيرين يريدون استغفال المواطنين باستعمالها، مما يؤدي إلى استغرابهم ودهشتهم عند مصادفتهم لتلك المواقف الصادرة من بعض المتسولين الذين أنساهم لهثهم وراء المال انتقاء العبارات السليمة والمتزامنة مع الأحداث لجلب شفقة الناس، فصاروا يخلطون بين الأيام العادية وتلك المقترنة بالمناسبات الدينية. تقول إحدى السيدات إنها تستغرب لأمر بعض المتسولين الذين يتحينون المناسبات الدينية أو »العواشير« كما يطلق عليها بالعامية من أجل الركض وراء المتصدقين، بل وصاروا يستعملون ذلك اللفظ حتى خارج أيامه مما يؤدي إلى دهشة الناس، فقد تعوّد بعضهم على التفوه باللفظ بفعل العادة مما جعلهم ينطقون به حتى في غير أيامه،. وأضافت أنها تصادفت بموقف أحدهم وهو يصعد إلى الحافلة خلال هذا الأسبوع الذي لا يقترن مع أي مناسبة، وهو يبادر بسؤال المسافرين مستعملا كلمة »العواشير« وذلك ما أفقدني تركيزي ورحت أعاود حساباتي واستنجدت بمذكرتي للتأكد من الأمر فلم أتقاطع مع أي مناسبة بعد تدقيقي في أيام الشهر يوماً بيوم، فبعد أن تعوّدنا على تلك الكلمة في أيام الأعياد والمناسبات الدينية الأخرى لاسيما عاشوراء وعيد الفطر المبارك المقترنين بإخراج الزكاة صرنا نسمع ذلك اللفظ كل يوم مما أخلط الحسابات عليهم وعلى الغير".