ترصد الأجواء التي تعيشها عائلات الحجاج زغاريد وابتهاج ببيوت الحجاج العائدين ...ونحيب وعزاء ببيوت المتوفّين الظروف التي تمر بها عائلات الحجاج هي ظروف جد مزرية لاسيما المتوفين أو المفقودين فموسم الحج لهذه السنة شهد العديد من الكوارث والمآسي التي أدخلت الكثير من العائلات في حزن وحسرة على ذويها فعائلات الحجاج المتوفين تقيم العزاء ويتوافد عليها المعزون أما من تاه أهاليهم في الحج فهم ينتظرون بصيص أمل يؤكد حقيقة ما جرى لذويهم ودون هذا وذاك فالزغاريد و(الوعدات) تملأ بيوت الحجاج العائدين والفرحة تملأ قلوب عائلاتهم برؤيتهم مرة أخرى خاصة مع الكوارث التي شهدها موسم الحج بسقوط الرافعة على الحجاج وموت المئات وانتهت المأساة بكارثة أعظم على إثر تدافع منى الذي خلف العديد من الضحايا. عتيقة مغوفل المتوجه هذه الأيام إلى مطار هواري بومدين الدولي بالعاصمة أو غيره من المطارات الدولية المتواجدة بأرض الوطن يلاحظ العدد الكبير من الأسر التي تقصد المكان حتى تستقبل ذويها العائدين من البقاع المقدسة بعد أداء فريضة الحج وتلبية نداء الرحمن في زيارة بيت الله الحرام بحيث تسمع دوي الزغاريد كعادة تعبر عبرها العائلات عن الفرحة بعودة الحاج سالما غانما لتقام بعدها الوعدات والحفلات العائلية أما من فقدوا ذويهم فقد ملأت قلويهم الحسرة والحزن في قاعات الاستقبال وغاب عنهم شوق لقاء أهاليهم وسط وفود الحجاج المقبلة من بيت الله الحرام.
دموع وزغاريد لاستقبال الحجاج قصدنا مطار هواري بومدين في إحدى الأمسيات من أجل استقبال أحد أفراد العائلة القادم من إحدى المدن الأوروبية بينما نحن متواجدون في المطار لمحنا إحدى العائلات وهي واقفة وراء الشباك المخصص للزوار الذي يستقبلون ذويهم العائدين من السفر كانت تنتظر بشوق وحرقة قدوم أحد أقاربها من السفر وقد كان ابنهم الأكبر ينظر في ساعة يده ويترقب وقت نزول الطائرة المنتظرة وهو الأمر الذي جعل الفضول يراودنا حتى نعرف من القادم الذي ينتظره هذا العدد الهائل من أفراد الأسرة بكل هذا الشوق لذلك جلسنا بإحدى الزوايا المقابلة لهم وبقينا ننتظر معهم من القادم؟ ومن أين؟. لحظات على انتظارنا وإذا بنا نسمع إحدى موظفات المطار تقول الرحلة رقم562 القادمة من المملكة العربية السعودية ستحط على أرضية المطار بعد دقائق وإذا بنا نلمح أفراد العائلة التي كانت تنتظر هناك بدأوا يتحركون يمينا وشمالا حتى يتمكنوا من الوصول إلى الحاجز المخصص لهم حتى يستقبلوا الشخص المنتظر وقفنا نحن أيضا خلفهم حتى نعرف من القادم هنيهة وإذا بأحد حجاج بيت الله الحرام يخرج من الرواق المخصص له يليه الثاني والثالث ففهمنا بعدها أن الشخص المقصود هو عائد من بيت الله الحرام بينما نحن كذلك وإذا بأحدهم يقول لإحدى النسوة الواقفات معه (انظري والدي هناك ؟) فيرد عليه الثاني: (وهل رأيت أمي معه؟) ففهمنا بعدها أن العائدين من السفر هما الوالدان كانا رفقة زوار بيت الله الحرام لتأدية مناسك الحج. وبعد أن خرجا الوالدان من الرواق المخصص للمسافرين سارع إليهما الأبناء في مشهد تقشعر له الأبدان وانطلقت النسوة في الزغاريد المتواصلة التي ملأ دويها القاعة تعبيرا عن الفرحة والبهجة اللتان لم تسعهما اقشعرت أبداننا من رؤية مظاهر الفرح بادية على تلك العائلة التي كانت تنتظر رجوع الوالدين من بيت الله الحرام سالمين بكل شغف وعلى ما يبدو أن مظاهر الفرح بعودة الحجاج من بيت الله الحرام لا تقتصر فقط على حفل الاستقبال الذي تنظمه العائلة في المطار بل تتعداه إلى أكثر من ذلك. إقامة الوعدات من أكثر الطقوس شيوعا في المجتمع الجزائري احتفالا بعودة حجاج بيت الله الحرام إقامة وعدات لاستقبال الضيوف الذين يقدمون إلى بيت الحاج خصيصا لتهنئته بحيث تذبح الكباش فرحا بعودة الحاج وتحضر أطباقا خصيصا لاستقبال الضيوف على غرار الكسكس باللحم والمرق ويتوافد أفراد العائلة لتهنئة الحاج بتأدية أعظم ركن في الحج الذي يوليه المجتمع الجزائري بالاهتمام البالغ بحيث تحكمه أعراف وعادات حميدة. وكما أخبرتنا به السيدة زينب التي قالت إنهم استقبلوا أبيهم العائد من الحج مؤخرا وكانت فرحة عارمة لاسيما مع الأحداث التي شهدها الحج في هذه السنة ووفاة الكثيرين رحمهم الله وقالت إن الدموع كانت حاضرة أيضا واختلطت بالفرحة والابتهاج وهم يبرمجون لإقامة وعدة لأفراد العائلة وسينحرون كبشا لاستقبال العائلة الكبيرة وطبعا سيتم حسب ما جرت عليه العادة توزيع ماء زمزم على الصغار والكبار في أقداح صغيرة بالنظر إلى البركة العظيمة لذلك الماء وسيطلب منهم الدعاء خاصة وأنه حسب الأحاديث فإن الدعاء قبل شرب ماء زمزم هو مستجاب بإذن المولى عز وجل كما سنوزع الحناء والسبحة على المهنئين أو كما قالت (ريحة مكة العزيزة) وبينت تضامنها ومواساتها لعائلات الحجاج المتوفين والمفقودين خاصة وأنها فاجعة الأهل ليست بالسهلة. دموع وآهات ببيوت الحجاج المتوفين خيمت أجواء من الحزن والآهات على الكثير من العائلات الجزائرية التي فقدت حاجا في الأحداث الأخيرة ومن العائلات من فقدت الوالدين معا لتنتظر عائلات أخرى بصيص أمل يبين لها الحقيقة وهي بالفعل ظروف صعبة تعيشها بعض عائلات الحجاج التي لم يهنأ لها بال منذ حادث التدافع بمنى وهي تعيش على وقع التوتر والقلق لاسيما عائلات الحجاج المفقودين أما عائلات المتوفين فتقيم ببيوتها مراسم العزاء على حسب ما تتطلبه أعراف الجزائريين وتستقبل المعزين على وقع الحسرة والألم والدموع وهو حال إحدى العائلات التي وصلها نبأ وفاة العم في حادثة سقوط الرافعة بمكةالمكرمة أول أيام الحج إلا أن أفراد العائلة بقوا على أمل أن يكون حاجهم حيا يرزق أو أنه مريض لذلك قصد أفراد العائلة المطار من أجل انتظاره عسى أن يصل العم رفقة وفود الحجيج ولكن عمهم لم يكن هناك فتيقنت العائلة أن العم قد توفي فعلا وهناك بدأ الصراخ والبكاء حزنا على الغالي الذي ذهب دون رجعة وتتأزم الحالة أكثر عند عائلات الحجاج المفقودين الذين يعيشون حالة من (السوسبانس) وينتظرون أخبارا جدية تخص ذويهم ومنهم حتى من فقد الأمل بعد مرور قرابة 15 يوما عن حادثة التدافع دون وصول أي أخبار أو معلومات تطمئنهم وتبعث في قلوبهم السكينة.