بدأت الطائرات العملاقة تدخل أجواء التراب الوطني لتعيد إلينا حجاجنا الميامين الذين تمكنوا من أداء الركن الخامس من أركان الإسلام الحنيف، بعد أن تعايشوا لمدة شهر في أعظم مكان تشد له الرحال وتتمناه وتتوق له وتشتاقه كل النفوس المؤمنة. وإذا كان الحاج يغادر أرض الوطن بعد لإعداد لوليمة يحضرها الكثير من الأهل والأحباب والجيران من أجل التسامح بينهم. فإننا نجد أن العائلات الجزائرية إستحدثت مؤخرا طرق جديدة لاستقبال حجاج بيوت الله، وبعدما كانت من قبل تقتصر على ولائم بسيطة يحضرها المقربون، تحولت إلى فضاء للتباهي بالقدرات المادية، والتي أصبحت تبدأها من المطار. بدأت تتوافد الدفعات الأولى من الحجاج الجزائريين عبر مطارات الوطن بمختلف الولايات، وكلهم فرح وسرور بعودتهم إلى ذويهم سالمين غانمين بعد أداء ركن من أركان الإسلام الخمس، ويرافق استقبال الحجاج عادات خاصة على مستوى الأسر الجزائرية، التي لا تبخل في إظهار الفرحة والسرور منذ قدوم الحاج من المطار إلى غاية وصوله إلى البيت، بحيث يستقبل بالزغاريد والعناق والتهاني التي تطبعها عادة الدموع الممتزجة بالفرحة العارمة بعودة الحاج أوالحاجة سالمين غانمين. استقبال حافل في المطار والكل مدعوين دخلت بعض العادات الجديدة على استقبال الحجاج من طرف الأسر الجزائرية وتظهر منذ استقدام الحاج من المطار، بحيث تحضر المواكب ويذهب أصحاب السيارات في إطلاق العنان لأبواق سياراتهم، وفي كل تلك المظاهر تعبيرا عن فرحهم وابتهاجهم بعودة الحاج إلى أحضان أسرته وذويه بعد تأدية فريضة الحج، لدرجة أن أصحاب السيارات الفاخرة أصبحوا مطلوبين بكثرة في هذه المناسبة، وهو ما يحدث اكتظاظا كبيرا على مستوى المطارات، التي تعج بمواكب الحجيج من كل الولايات. وتعد برمجة الوعدات عرفا لازما لا نقاش فيه وهناك من ينحر الأغنام خصيصا لذلك، بحيث تجمع تلك الوعدات الأقارب والأحباب ويتم الترحيب بعودة الحاج والالتفاف حوله، ويذهب هو في إخبارهم عن الأماكن المطهرة التي زارها وعن نفحاتها الربانية المباركة التي تشع نورا وطهرا وبركة، كما لا يتوانى عن تقديم زائريه هدايا رمزية جلبت من مكة، والتي عادة ما يترأسها ماء زمزم، وكذا الحناء، الجاوي، العنبر وسجادة الصلاة، لتكون فألا حسنا على من أهديت له. ولائم فاخرة ومأكولات متنوعة على شرف الحاج وبعدها تقام ولائم خاصة على شرف الحجاج يلتف من حولهم الأقارب والأحباب ويلامسونهم باعتبارهم كانوا قريبين من الكعبة المطهرة التي تعبق ريحُها منهم، خاصة وأنهم عادة ما يتزينون بتلك الألبسة البيضاء التي تعبر عن صفائهم ونقاوتهم بعد عودتهم من البيت الحرام. وتطبع تلك الأفراح جل الأسر الجزائرية بعد عودة الحجيج وتميزها طقوس خاصة تعبر عن ابتهاج الجميع بتأدية أحد الأفراد للركن الخامس من أركان الإسلام، وعادة ما تميزها الوعدات على شرف الحجاج، وتتم دعوة الأقارب إلى تلك الوعدات التي يتربعها الحاج أوالحاجة بذلك اللباس الأبيض الذي يشع نورا، واقترنت هذه الفترة بعودة حجاجنا الميامين من البقاع المقدسة وتتأهب العائلات وتستعد لاستقبال الحجاج وتطمح إلى استيفاء القدر الكافي الذي يليق بهم، من حيث الاستقبال، كيف لاوقد استوفوا أعظم ركن من أركان الإسلام. اقتربنا من بعض العائلات التي تستعد حاليا لاستقبال الحجاج، فقالت الآنسة مليكة، إن أخيها وأمها يتواجدان الآن في مكةالمكرمة وسيأتيان في نهاية هذا الأسبوع، وعليه فهي تحضر عل قدم وساق لاستقبالهما، فقد قامت بتحضير البيت لاستقبال الزوار، كما أن يوم قدومهما سيعرف استعدادات خاصة ستكون بالذهاب المبكر إلى المطار في موكب خاص بهما، لتستمر تلك الأجواء حتى بعد العودة بهما إلى المنزل، حيث سيجتمع الأقارب والأصدقاء والجيران للترحيب بهما وتقديم التهاني لهما على أداء مناسك الحج وزيارة مكةالمكرمة.