يعتبر أداء ركن الحج من أعظم الأشياء التي يقوم بها الفرد في حياته، وذلك نظرا لقدسية وأهمية هذا الركن في الإسلام، فكل من ما يقوم بزيارة بيت الله الحرام ويعود منها يصبح له شأن عظيم بين أهله، لذلك يتأهب هؤلاء لاستقباله يوم عودته من البقاع المقدسة بعد أدائه فريضة الحج، وذلك بإقامة مأدبات الأكل والشرب التي تقام على شرف الحاج وتقدم كصدقة للأحباب والمحتجين برجوع هذا الأخير بخير من بيت الله الحرام. المتوجه هذه الأيام إلى مطار هواري بومدين الدولي بالعاصمة أو غيره من المطارات الدولية المتواجدة بأرض الوطن، يلاحظ العدد الكبير من الأسر التي تقصد المكان حتى تستقبل ذويها الراجعين من البقاع المقدسة بعد أداء فريضة الحج وتلبية نداء الرحمان في زيارة بيته الحرام، وهو الأمر الذي لاحظناه بينما كنا متواجدين بمطار هواري بومدين لاستقبال قريب عائد من إحدى المدن الفرنسية. دموع وزغاريد لاستقبال الحجاج بينما نحن متواجدون في المطار لمحنا إحدى العائلات وهي واقفة وراء الشباك المخصص للزوار الذي يستقبلون ذويهم العائدين من السفر، كانت تنتظر في شوق وحرقة قدوم أحد أقاربها من السفر وقد كان ابنهم الأكبر كلما مرة ينظر في ساعة يده ويترقب وقت نزول الطائرة المنتظرة، وهو الأمر الذي جعل الفضول يراودنا حتى نعرف من القادم الذي ينتظره هذا العدد الهائل من أفراد الأسرة بكل هذا الشوق له، لذلك جلسنا بإحدى الزوايا المقابلة لهم وبقينا ننتظر معهم من القادم؟ ومن أين؟ لحظات على انتظارنا وإذا بنا نسمع إحدى موظفات المطار تقول الرحلة رقم562 القادمة من المملكة العربية السعودية ستحط على أرضية المطار بعد دقائق، وإذا بنا نلمح أفراد العائلة التي كانت تنتظر، بدأوا يتحركون يمينا شمالا حتى يتمكنوا من الوصول إلى الحاجز المخصص لهم حتى يستقبلوا الشخص المنتظر، وقفنا نحن أيضا خلفهم حتى نعرف من القادم، هنيهة وإذا بأحد حجاج بيت الله الحرام يخرج من الرواق المخصص له، يليه الثاني والثالث ففهمنا بعدها أن الشخص المنتظر عائد من بيت الله الحرام، بينما نحن كذلك وإذا بأحدهم يقول لإحدى النسوة الواقفات معه، (انظري والدي هناك) فترد عليه: (وهل رأيت أمي معه؟)، ففهمنا بعدها أن العائدين من السفر هم الوالدان كانا رفقة زوار بيت الله الحرام لتأدية مناسك الحج. وبعد أن خرجا الوالدان من الرواق المخصص للمسافرين ملأت الزغاريد المطار ما جعل أجواء الفرح والسعادة تعم جميع أرجاء مطار هواري بومدين الدولي. نحر وحفلات عائلية بعد عودة زوار بيت الله الحرام من أكثر الطقوس شيوعا في المجتمع الجزائري احتفالا بعودة حجاج بيت الله الحرام إقامة مادوبات الأكل والشرب صدقة للفقراء على شرفهم، وهناك من يعزمون على النحر بشراء الكباش وإقامة حفلات بهيجة تملأها الفرحة بعودة الحاج أو الحاجة خصوصا وأن لحظات الوداع كانت حارقة وكانت تكتنفها مشاعر عدم عودة الحاج أو الحاجة وموته بالبقاع المقدسة لاسيما مع التجارب التي نعيشها في كل سنة ما يجعل العائلات تفرح فرحة عارمة بعودة ذويها من الحج. ماء زمزم هدية الحجاج كل شخص يعود من السفر ومن أية دولة كانت حتى ولو كان العائد من أفقر دولة في العالم إلا وينتظر أهله وبشغف ما يحضره معه من هدايا، وهو حال العائلة التي استقبلت والديها في مطار هواري بومدين، فقد سأل أحد الأحفاد الصغار جده عن الهدية التي أحضرها معه الحاج من بيت الله الحرام فرد عليه جده أنه سيفتح حقيبة الأمتعة ليريه ما أحضره له في البيت، ولكن قام الجد بسحب دلو من بين قدميه وطلب من ابنته أن تجمع له أكبر عدد ممكن من الكؤوس البلاستيكية، وفعلا لبت البنت طلب والدها الذي قام بملء الكؤوس التي طلبها من ابنته بماء زمزم وقام بتوزيعها على ذويه الذين كانوا متواجدين في المكان وطلب من كل شخص أن يدعي بالخير له ولغيره لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول إن الدعاء عند شرب ماء زمزم قد يكون مستجابا عند الله عزوجل.