السوق الإلكترونية في الجزائر.. إشهار مقنع للسلع و مخاطرة للمشتري لا يزال التسوق على الانترنت في الجزائر محتشما و مليئا بالمخاطر، نظرا لغياب سوق فعلية تسمح بازدهار التجارة الافتراضية ،حسب الخبراء، و يرى أساتذة العلوم الاقتصادية بأن ما يتم التعامل به هنا في الجزائر إلكترونيا ،لا يعتبر سوق بالمفهوم الاصطلاحي للكلمة ،وإنما هو عبارة عن إشهار مقنع و وساطة إلكترونية فقط ، رغم وجود محاولات جادة لتأسيس السوق الافتراضية في مبادرات فردية و جماعية ، لكنها لا تصل لمستوى منصات البيع و الشراء الإلكتروني في أمريكا و أوروبا على غرار سوق أمازون. عراقيل كثيرة تقف في وجه نجاح العملية، إذ يعد شراء منتج باستعمال الانترنت في الجزائر حاليا ، بمثابة المخاطرة التي لا تحمد عقباها،إذ أن جل التعاملات تتم من خلال مجموعات البيع المتواجدة في مواقع التواصل الاجتماعي، مما يضطر البائع و المشتري للالتقاء بعد الاتفاق المبدئي على السعر، وكثيرا ما يتفاجأ المشتري بأن السلعة التي تم عرضها في المجموعة ليس لها نفس المواصفات التي عرضت على شبكة الانترنت، كما أن هذه العملية تحمل أخطارا أمنية ،إذ يتم استدراج في بعض الحالات ،خاصة إذا تعلق الأمر بالفتيات، إلى أماكن خطيرة، وهو ما عزز تخوف معظم الفتيات و النساء من لقاء البائع أو المشتري حيث يشترطن في أحيان كثيرة أن يتم اللقاء في أماكن عمومية مفتوحة. وأهم عائق يميز مجموعات البيع المنتشرة في مواقع التواصل الاجتماعي هو عدم وجود ضمان لعملية البيع، فتمثل تلك المجموعات ما يعرف بالسوق الموازية لسوق لم تنشا أسسها بعد في الجزائر «السوق الافتراضية»، فرغم أن موقع «واد كنيس» الجزائري الشهير يمثل أهم منصة للبيع الالكتروني في الجزائر، لكن لا يمكن اعتباره سوق إلكترونية، لأنه يقوم بعملية تعارف بين البائع والمشتري فقط ولا يوفر السلعة أو يضمن صلاحيتها، مثلما هو الحال مع مواقع شهيرة مثل متجر أمازون الذي يوفر السلعة ويضمن الوساطة. إن مواقع التجارة الجزائرية عبارة عن مواقع تكرس الوساطة والتعريف بالمنتج بعيدا عن ضمان صلاحيته وجودته. التسوق الالكتروني يكسر عادات تعود عليها الجزائريون مثل معاينة السلعة واكتشاف خواصها وعيوبها ،كما يعتبر التفاوض على السعر أحد هذه العادات الراسخة، مقارنة مع السلع الأخرى المتوفرة فتتم عملية المقارنة التي تفضي إلى تخفيض السعر أو الدخول في نزاع شفوي مع البائع، لكن السوق الالكترونية تخضع لأسعار ثابتة ،حيث أنه لا يمكن مناقشة السعر و يتم تخفيض الأسعار في موسم التخفيضات أو اصدار صيحات جديدة من السلعة. و تمثل التجارة الالكترونية عصب الاقتصاد الحالي، و مستقبل التجارة الدولية وهو ما حتم على مواقع كبرى مثل الفايسبوك،،تسهيل عمليات الشراء و تبادل الأموال ،حيث يفكر الموقع الأزرق في تفعيل عملية إرسال الأموال لصديق أو متعامل من خلال خانة الدردشة، و هو ما سيمثل ثورة في عالم التبادل المالي الافتراضي. أستاذ الاقتصاد نور الدين أونيس: منظومة التبادل الاقتصادي لم تتطور لتصل إلى السوق الالكترونية أستاذ الاقتصاد نور الدين أونيس، أكد بأنه لا يمكن الحديث عن أي سوق افتراضية في الجزائر، إذ لم تصل منظومة التبادل الاقتصادي حد التبادل الإلكتروني وهو ما يعكس الحالة العامة للتجارة في البلاد ،مقارنة مع بلدان أوروبية أضحت تتاجر في أشياء بسيطة إلكترونيا ،مؤسسة بذلك سوقا للأموال تبلغ ملايير الدولارات. محدثنا اعتبر بأن ما يتم في الانترنت حاليا ،هو بمثابة إشهار للمنتج عن طريق عرضه في شبكة الانترنت، لكن عمليات البيع والشراء لا تتم وهو ما جعل من التسوق الافتراضي الجزائري يأخذ طابعا إشهاريا محضا ولا يتم الاستغناء عن السوق الحقيقية إذ يتم ارشاد الراغب في الشراء إلى مكان بيع السلعة ولا يتم إرسالها له، حسب ما تنص عليه قواعد السوق الالكترونية. دكتور الاقتصاد عقبة سحنون غياب بطاقات الدفع الإلكتروني عطّل وجود سوق إلكترونية الدكتور في العلوم الاقتصادية بجامعة قسنطينة، عقبة سحنون ،يرى أن السوق الإلكترونية في الجزائر تكاد تكون معطلة تماما، وذلك راجع لذهنية المشتري الجزائري، إذ أنه يفضل التعامل بالأموال النقدية «كاش» و يرفض التعامل عن طريق الشيكات ،حيث ما يتم تسجيله في عمليات البيع عن طريق الشيكات عبارة عن أرقام ضئيلة جدا، مقارنة بما يتم تداوله نقدا ، فذهنية المواطن الجزائري، حسب محدثنا ،هي ذهنية ترفض الطرق الجديدة في التعامل، خاصة و أنها ذهنية متوجسة من كل ما هو إلكتروني وافتراضي. أستاذ الاقتصاد اعتبر الآليات الفعلية لتأسيس للسوق الالكترونية غير موجودة في البنوك الجزائرية، إذ لا يتم تحويل الأموال بطريقة سلسلة خاصة مع غياب بطاقات الدفع الإلكتروني، على غرار «ماستر كارت» و «فيزا». هذه الأخيرة التي تسهل بشكل كبير عمليات التسوق الإلكتروني وتحويل الأموال، فالبنوك الجزائرية، حسبه، لا تملك القدرة على مواكبة تحول الأموال و تتبعها وهو ما ساهم بشكل كبير في ايقاف مسار التحول للسوق الإلكترونية.