حققت شركة آبل في الأعوام الماضية قفزات كبيرة في شتى المجالات، مما أعاد لها الريادة والتفوق في أسواق عديدة وثبت من علامتها التجارية كالعليا قيمة في العالم. فعلى سبيل المثال، نجحت خطة آبل المتمثلة في طرح هواتف ذكية بشاشات كبيرة بمساعدة الشركة على فرض نفسها في هذا المجال الذي طالما استحوذت عليه شركات مثل سامسونغ، أما في مجال صناعة الحواسيب، وبعد ثلاثين عاما من وجودها في هذا السوق، فقد تمكنت آبل من تحقيق مبيعات تاريخية لحواسيب ماك، بلغت 5.7 ملايين حاسوب خلال ربع واحد. ولا تقتصر أرباح آبل على ما تحققه من مبيعات الهواتف الذكية والحواسيب اللوحية والمحمولة، إلا أن هذه القطاعات تجلب لها أرباحا هامة، فمثلا، يقدر هامش التشغيل لقطاع الهواتف الذكية في آبل بحوالي 28%، بينما أعلنت منافستها سامسونغ عن هامش تشغيل لقسم الهواتف الذكية قيمته 9%، في حين تعاني صناعة الهواتف الذكية في شركات مثل سوني وإل جي وإتش تي سي ومايكروسوفت وبلاكبيري من انخفاض الأرباح وانتكاسات اقتصادية في بعض الأحيان. وهامش التشغيل هو مقياس لكفاءة الشركة في التشغيل ومدى مدخولها من إيرادات المبيعات، ويعطي المحللين فكرة عما حققته الشركة قبل احتساب الفوائد والضرائب والنفقات. أما في مجال صناعة الحواسيب الشخصية، ورغم ارتفاع تكلفة حواسيب الماك التي تباع بسعر وسطي يقدر ب1200 دولار أميركي للحاسوب الواحد -أي ضعف سعر الحاسوب المصنع من شركات أخرى تقريبا- فإن هامش تشغيل آبل في هذا القطاع يقدر بنحو 18%، مع الإشارة إلى أنها استحوذت على ثلثي أرباح مبيعات الحواسيب المصنعة من قبل أكبر ستة مصنعين للحواسيب في العالم، وذلك في الربع الثاني من هذا العام. وتعدد تفسيرات المحللين للأسباب وراء النجاحات المتتالية التي تحققها آبل، ففي حين يرى البعض أن السبب يعود إلى نواح إعلانية أو تصميمية، يرى آخرون أن أسبابا أخرى عديدة هي التي تقف وراء الإقبال على منتجات آبل، حيث لا تقل خطط الشركات المنافسة في مجال الإعلانات عن خطط آبل، كما تتمتع المنتجات المُنافسة هي الأخرى بتصاميم جيدة. فقد تكون فخامة المنتجات التي توفرها آبل، وجودة موادها الأولية، هي من تقف وراء نجاح منتجات الشركة، فمثلا، يعتبر الكثيرون هاتف "آيفون 5 سي" أحد أفشل الهواتف الذكية التي طورتها آبل، وهو الهاتف الذي يعد نسخة رخيصة التكلفة من "آيفون 5 إس"، لكنه لم يلق إقبالا من قبل مستهلكي آبل لأسباب منها رغبتهم بعدم الظهور أمام معارفهم بغير القادرين على تحمل تكلفة شراء هاتف آيفون الأعلى درجة، مما يعني أن مستهلكي الشركة هم من المستعدين لدفع الأموال واقتناء منتجات آبل حتى وإن ارتفعت تكلفة الحصول عليها. وحتى حين دخلت آبل سوق الساعات الذكية، فإنها استهدفت بأحد الطرز المستهلكين من أصحاب الميزانيات المرتفعة، وذلك بطرحها ساعة بقيمة عشرة آلاف دولار أميركي، كما أنها طرحت طرزا أخرى بأسعار تبدأ من 350 دولارا، نجحت من خلالها بتحقيق مبيعات جيدة متجاوزة مبيعات المنافسين من الساعات الذكية، مثل سوني وإل جي. ولبسط سيطرتها في مختلف الأسواق، تسعى آبل دائما إلى تحقيق هدفها بطرح أفضل المنتجات في الأسواق التي تهتم بدخولها أو البقاء فيها، وفقا لما يؤكده "فيل تشيلر" رئيس التسويق في آبل. وبأكثر من أربعمائة ألف هاتف آيفون في الخدمة حول العالم، والتهافت المستمر على هواتف آيفون الحديثة، يبدو أن صناعة الهواتف الذكية في آبل تعيش عصرها الذهبي رغم ارتفاع التكلفة، حيث يرى البعض أن آبل قد نجحت بأن تجعل من أجهزتها منتجات فخمة لكنها في المتناول في آن معا.