الإشاعات قتلتها عدّة مرّات جميلة بوحيرد... (الشهيدة الحيّة) ف. ه عادت الإشاعات لتقتل (الشهيدة الحيّة) جميلة بوحيرد مرّة أخرى حيث تضاربت في الأيّام الأخيرة المعلومات حول رحيل المجاهدة الجزائرية الكبيرة جميلة بوحيرد البالغة من العمر 80 عاما خصوصا من خلال التعليقات الفايسبوكية وبعض المواقع غير الموثوقة وقد تبيّن أن خبر وفاتها لا يتعدّى الإشاعة. جميلة بوحيرد التي يعتقد كثيرون أنها شهيدة وقتلتها الإشاعات عدّة مرّات أبرز مجاهدة جزائرية على الإطلاق ومن المناضلات اللواتي ساهمن بشكل مباشر في الثورة الجزائرية على الاستعمار الفرنسي لها في منتصف القرن الماضي. ولدت جميلة من أب جزائري مثقّف وأُمّ تونسية من القصبة وكانت البنت الوحيدة بين أفراد أسرتها فقد أنجبت والدتها 7 شبّان كان لوالدتها التأثير الأكبر في حبّها للوطن وذكّرتها بأنها جزائرية لا فرنسية. رغم سنّها الصغير آنذاك واصلت جميلة تعليمها المدرسي ومن ثَمّ اِلتحقت بمعهد للخياطة والتفصيل فقد كانت تهوى تصميم الأزياء مارست الرّقص الكلاسيكي وكانت بارعة في ركوب الخيل إلى أن اندلعت الثورة الجزائرية عام 1954 حيث انضمّت إلى جبهة التحرير الوطني الجزائرية للنضال ضد الاحتلال الفرنسي وهي في العشرين من عمرها ثمّ اِلتحقت بصفوف الفدائيين وكانت أوّل المتطوعات لزرع القنابل في طريق الاستعمار الفرنسي ونظرا لبطولاتها أصبحت المطاردة رقم 1. قصّة جميلة لا تبدأ مع اندلاع الثورة عام 1954 بل تعود في الواقع إلى عام 1830 عندما غزت فرنساالجزائر واحتلّتها بعد أن تعرّض قنصلها للإهانة على يد الحاكم الجزائري الذي كان يحمل لقب الداي. وقد حارب الجزائريون قوّات الاحتلال بضراوة لكن عدوهم كان يتفوّق عليهم عُدّة وعددا. وعلى مدى العقود الخمسة اللاّحقة كانت معظم أراضي الجزائر قد صودرت ومنحت لمستوطنين فرنسيين وصل عددهم إلى ربع مليون في الوقت الذي كان فيه عدد الشعب الجزائري يتناقص باطّراد. في عام 1957 ألقي القبض على جميلة عندما سقطت على الأرض تنزف دما بعد إصابتها برصاصة في الكتف وألقي القبض عليها وبدأت رحلتها القاسية مع التعذيب وجملتها الشهيرة التي قالتها آنذاك: (أعرف أنكم سوف تحكمون عليَّ بالإعدام لكن لا تنسوا أنكم بقتلي تغتالون تقاليد الحرّية في بلدكم ولكنكم لن تمنعوا الجزائر من أن تصبح حرّة مستقلّة). من داخل المستشفى قام الفرنسيون بتعذيب المناضلة فتعرّضت للصعق الكهربائي لمدّة ثلاثة أيّام كي تعترف على زملائها لكنها تحمّلت هذا التعذيب وكانت تغيب عن الوعي وحين تفيق تقول: (الجزائر أُمُّنا) وحين فشل المعذِّبون في انتزاع أيّ اِعتراف منها تقرّرت محاكمتها صوريا وصدر في حقّها حكم بالإعدام عام 1957 وتحدّد يوم 7 مارس 1958 لتنفيذ الحكم لكن العالم كلّه ثار واجتمعت لجنة حقوق الإنسان في الأمم المتّحدة بعد أن تلقّت الملايين من برقيات الاستنكار من كلّ أنحاء العالم. تأجّل تنفيذ الحكم ثمّ عُدّل إلى السجن مدى الحياة وبعد تحرير الجزائر عام 1962 خرجت جميلة بوحيرد من السجن وتزوّجت محاميها الفرنسي جاك فيرجيس الذي دافع عن مناضلي جبهة التحرير الوطني خاصّة المجاهدة جميلة بوحيرد والذي أسلم واتّخذ (منصور) اسما له وانفصلا في بداية التسعينيات.