حرق للمساجد في أمريكا واعتداء على المصاحف في فرنسا *** تتضاعف موجة الإسلاموفوبيا بشكل متسارع عبر العالم خلال الآونة الأخيرة فسنة 2015 أبت إلا أن تسجل في آخر أيامها بصمتها السوداء في هذا سحل العنصرية على أيدي المتطرفين من أوروبا إلى أمريكا. ق.د/وكالات تزداد الاعتداءات ضدّ المسلمين والعرب في الولاياتالمتحدة وتتخذ أشكالاً عديدة يحمل معظمها طابع الكراهية ففي الأسابيع الأخيرة لم يمرّ يوم واحد من دون أن تسجل جمعيات حقوقية عربية ومسلمة اعتداءات جديدة ليمينيين أمريكيين على أحد المراكز الإسلامية أو المساجد أو الأفراد العرب أو المسلمين في أرجاء الولاياتالمتحدة. لم يعد انتشار الاعتداءات يقتصر على المناطق المحافظة في البلاد فقد بدأت تتسلل كذلك إلى مدن ومناطق معروفة عامة بتسامحها وتنوعها مثل نيويورك. يقول رئيس (جمعية فيلادلفيا العربية الأميركية) مروان كريدية: (مساء الأحد الماضي توقفت سيارة شحن أمام مسجد الأقصى في فيلادلفيا. ورمي منها رأس خنزير وهو ما سجلته كاميرات المراقبة. في ساعات الصباح المبكر عندما جاء المسؤول عن المسجد وجد رأس الخنزير واتصل بي. ثم اتصلنا بالشرطة ومكتب التحقيقات الفدرالي (إف بي آي)). يؤكد كريدية أنّ (الكثير من العرب والمسلمين الأمريكيين يشعرون بالغضب وخيبة الأمل والإهانة بسبب هجمات عنصرية ينفذها يمينيون ضدهم). كذلك يؤكد أنّ ممارسات تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) تلعب دوراً مهماً في تأجيج هذه الهجمات لكنّ الجو العام خصوصاً تصريحات السياسيين وعلى وجه التحديد المتنافسين على رئاسة الحزب الجمهوري تخلق جواً مسموماً . يضيف أنّ العرب والمسلمين عامة هم جزء لا يتجزأ من نسيج المجتمع الأمريكي . الأسبوع الماضي وحده سجلت عدة حوادث من بينها اعتداء متطرف على صاحب محل بالضرب المبرح في منطقة استوريا التي تتركز فيها نسبة مرتفعة من المهاجرين خصوصاً العرب والمسلمين. كما هاجم متطرف آخر فتاة محجبة في أحد المطاعم. وعبّر المعتدون في عدة حوادث عن كرههم للإسلام أو العرب. الكره يتصاعد عدد الهجمات ارتفع خصوصاً بعد هجمات العاصمة الفرنسية باريس ومن بعدها هجمات سان برناردينو في كاليفورنيا التي نفذها رجل وزوجته من أصول باكستانية وراح ضحيتها 14 شخصاً. يؤكد رئيس (اللجنة الأمريكية العربية ضد التمييز) عبد أيوب أنّ مؤسسته لاحظت (ارتفاعاً في عدد الشكاوى التي يقدمها المسلمون والعرب ضد مؤسسات أو شركات أو حتى أفراد). يضيف أنّ المؤسسة تلقّت أخيراً شكوى عن منع شركة طيران مسافرين أمريكيين من أصل عربي من الصعود إلى الطائرة لأنهما كانا يتحدثان العربية بدعوى شعور أحد الركاب بالخوف . لكنّ الشركة اضطرت في نهاية الأمر للسماح لهما بالصعود إلى الطائرة بعد اتصالهما بالشرطة التي تحققت من الموضوع. يؤكد أيوب أنّ مؤسسته تمثل الرجلين في دعوى ضد شركة الطيران. ولا يعد هذا حادثاً وحيداً فقد سجلت العديد من الحوادث المشابهة. تتخذ التصريحات العدائية والتحريضية وجوهاً عديدة طاولت حتى المهاجرين السوريين والعراقيين الذين تنوي الحكومة الأميركية استقبال أعداد كبيرة منهم بدءاً من العام المقبل تصل إلى 10 آلاف شخص. إعلان الحكومة عن الرقم أدى إلى تصريحات عدائية ضد هؤلاء المهاجرين خصوصاً من سياسيين في الحزب الجمهوري. كذلك صدرت عن سياسيين في الحزب الديمقراطي وإن بدرجة أقل. كما أعلن حكّام العديد من الولاياتالأمريكية عن رفضهم توطين أي من المهاجرين السوريين أو العراقيين في ولاياتهم وهو ما يخالف صلاحياتهم أصلاً لأنّ القرارات في هذا السياق تتخذها الحكومة الفدرالية. كذلك تمكن الحزب الجمهوري بدعم من أعضاء ديمقراطيين في مجلس النواب الأميركي من المصادقة على مشروع قرار حول آليات قبول طلبات اللجوء للسوريين والعراقيين المعقدة والطويلة أصلاً مما يجعلها بحسب مشروع القرار شبه مستحيلة. وعلى الرغم أنه من غير المتوقع أن يجري تبني المشروع مع وجوب مصادقة مجلس الشيوخ عليه وإعلان الرئيس الأميركي باراك أوباما نيته استخدام الفيتو ضده إلاّ أنّ مجرد تبنيه في مجلس النواب يثير الكثير من الاستياء. وعن ذلك تقول رئيسة (الشبكة الوطنية للجاليات العربية الأميركية) نادية تنيوفا ل(العربي الجديد): (هذا البلد بلد مهاجرين ويعرف السياسيون المنتخبون أنّ أي متقدم لطلبات اللجوء من خارج الولاياتالمتحدة يحتاج على الأقل إلى سنتين قبل أن يحصل على جواب الرفض أو الموافقة على طلبه. ويمر هذا بترتيبات وفحوصات أمنية مكثفة. لكنّ فكرة أننا لن نقبل مهاجرين فكرة مرعبة خصوصاً هذا المشروع لأنه يميز العراقيين والسوريين عن غيرهم من المتقدمين بطلبات اللجوء ويختص بهم). إلى ذلك من المتوقع أن تصدر إحصائيات رسمية حول عدد الهجمات ضد العرب والمسلمين في الولاياتالمتحدة بداية العام المقبل إلاّ أنّها ليست دقيقة فكثيرون لا يبلغون عن الهجمات ضدهم. في المقابل تشير الكثير من الجمعيات العربية والمسلمة عن موجة من التعاطف والدعم من قبل منظمات مختلفة في الولاياتالمتحدة بما فيها منظمات يهودية ومسيحية ومدنية علمانية وأخرى تعنى بحقوق الإنسان. لكنّ الأمر (المخيف) أنّ شعبية المرشح الرئاسي دونالد ترامب زادت عقب تعبيره عن رغبته بمنع المسلمين من الدخول إلى الولاياتالمتحدة. جزيرة كورسيكا تنتفض ضد المسلمين تظاهر نحو مئة شخص أول أمس السبت مجددا في مدينة اجاكسيو في جزيرة كورسيكا الفرنسية وهم يهتفون (العرب إلى الخارج)! و(هذه بلدنا!) في حي شعبي تعرضت فيها قاعة صلاة للمسلمين للتخريب عشية تجمع أول جرى الجمعة. وشهدت تظاهرة السبت حادثا صغيرا عندما حطم رجل بالحجارة زجاج أبواب ثلاثة مبان كما ذكرت مراسلة لوكالة فرانس برس. لكن التظاهرة التي جرت وسط مراقبة من الشرطة تفرقت بلا أي حادث آخر. ومساء السبت طلب رئيس إدارة كورسيكا كريستوف ميرمان وقف التظاهرات ووعد بأن يكون (رجال الشرطة موجودين في كل الأحياء) حسب تصريحات نقلها المتظاهرون الذين دعوا إلى اجتماع مع ممثل الدولة في الجزيرة. وكما حدث الجمعة تجمع المتظاهرون السبت في الحي الشعبي في تلال اجاكسيو بعد اعتداء شبان ملثمين ليل الخميس الجمعة على شرطيين ورجال اطفاء تم استدعاؤهم لإخماد حريق. وأسفر هذا الاعتداء عن سقوط ثلاثة جرحى هم رجلا إطفاء وشرطي. وقال رجال الإطفاء إن الهجوم قام به (نحو عشرين شخصا) مؤكدين أنه اتسم بعنف كبير واستخدمت فيه قضبان حديدية وعصي للبيزبول. وأكد مئات المتظاهرين الذين جاؤوا إلى الحي الجمعة أنهم يبحثون عن منفذي الهجوم. لكن مجموعة من حوالي 300 شخص انفصلت عنهم وقامت بتخريب قاعة للصلاة وحاولت خصوصا إحراق مصاحف. كما أصيب مطعم للكباب بأضرار. وتأتي هذه الحوادث في أجواء من التوتر في فرنسا بعد اعتداءات اسفرت عن سقوط 130 قتيلا في باريس في 13 نوفمبر وكذلك بعد فوز القوميين الكورسيكيين في انتخابات المناطق التي شهدت صعودا لليمين المتطرف في فرنسا. ودان رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس الاعتداء على الإطفائيين والشرطي معتبرا أنه (غير مقبول) كما دان (التدنيس غير المقبول لقاعة صلاة للمسلمين). من جهته ندد وزير الداخلية الفرنسي برنار كازنوف (بالهجمات التي تنم عن تعصب وتتسم بالعنصرية وكره الأجانب) ودعا رئيس المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية انور كبيبش في بيان (كل مواطنينا إلى الهدوء) بينما دعا اتحاد مساجد فرنسا السلطات العامة الى (تعزيز وسائل) حول أماكن العبادة و(مسلمي فرنسا) الى (اليقظة وضبط النفس في مواجهة أي استفزازت). واعتبرت الجبهة الوطنية اليمينية المتطرفة أنه (حين يشعر المواطنون بأن الدولة لا تبسط النظام الجمهوري فإن ذلك يولد خطرا أكيدا بأن يتولوا إحقاق العدل بأيديهم). وقال مهدي (35 عاما) وهو من سكان الحي الشعبي حدائق الامبراطور في اجاكسيو الذي شهد الأحداث إن الاعتداء على الإطفائيين قامت به (مجموعة صغيرة من الشبان). وأضاف أن (هذا ناجم عن تخلي الأهل عن دورهم إنها مشكلة تربية) مؤكدا (أننا نريد أن نعيش جميعا بلا مشاكل).