ظاهرة طفت على السطح وأصبح مُطبقوها كُثر في هذا الزمان الذي نعيشه إنها ظاهرة التصنع فهناك أناس تشعر أن حياتهم مصطنعة كلها تصنع وتكلف فإن جلست مع هذه الفئة لا تسمع إلا الجميل ولاترى إلا الحسن في حين أن حياتهم الشخصية كلها نقيض ما يُظهرون فقد يجعل من بر الوالدين موضوع الحديث ويحاضر عن الإحسان لهما لكن حين ترى حياته مع والديه تجده عاقا لهما بل وضعهما في دار العجزة وقد يدعوك إلى المحافظة على الصلوات والإكثار من النوافل في حين أنه من التاركين للصلاة وقد تظهر الفتاة أمام أم أحد الشباب المقبلين على الزواج أنها صاحبة أخلاق وبارة بوالديها ولكن هي على النقيض من ذلك بل يتعدى الأمر إلى أن هؤلاء يتصنعون على أنهم أصحاب أخلاق وصفات الصلاح والإصلاح وأمثال هؤلاء هم أبعد الناس عن كسب قلوب من حولهم وقد نهى الشرع الحنيف عن التكلف والتصنع وإظهار الإنسان وجها آخر غير حقيقته عن ابن عمر رضي الله عنهما قال:(نهينا عن التكلف)رواه البخاري. عن قتادة في قوله تعالى: (أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم) قال: كان بنو إسرائيل يأمرون الناس بطاعة الله وبتقواه وبالبر ويخالفون فعيرهم الله عز وجل. وكذلك قال السدي. نظر عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى شاب نكس رأسه فقال: يا هذا ارفع رأسك فإن الخشوع لا يزيد على ما في القلب فمن أظهر للناس خشوعاً فوق ما في قلبه فإنما أظهر نفاقاً على نفاق. عن كهمس بن الحسن: أن رجلاً تنفس عند عمر كأنه يتحازن فلكزه عمر (أو قال: فلكمه). كن على سجيتك وإياك والتصنع. عن أسماء رضي الله عنها أن امرأة قالت: يا رسول الله إن لي ضرة فهل علي جناح إن تشبعت من زوجي غير الذي يعطيني فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور) متفق عليه. قال النووي رحمه الله تعالى: المتشبع: هو الذي يظهر الشبع وليس بشبعان ومعناها هنا أنه يظهر أنه حصل له فضيلة وليست حاصلة ولابس ثوبي زور أي: ذي زور وهو الذي يزور على الناس بأن يتزي بزي أهل الزهد أو العلم أو الثروة ليغتر به الناس وليس هو بتلك الصفة وقيل غير ذلك والله أعلم. هذا يظهر جليا في الحفلات والأفراح فتجد النساء يتصنعن في طريقة الأكل واللباس وحتى طريقة المشي كأنهن أميرات بنات الأمراء أبا عن جد في حين تجدهن لا يملكن قوت اليوم إذا لماذا كل هذا التصنع ؟؟؟ في المقابل هناك أشخاصٌ يتصرفون على سجيتهم في أدب وتواضع أينما حلوا وارتحلوا وأينما جلسوا يأنَسون ويؤنسون يألفون ويؤلفون ينبسطون مع من حولهم لا تشعر أنهم غرباء لا تحس بفوقية في سلوكهم ولا انزواء في تصرفاتهم يتصرفون على سجيتهم في أدب وتواضع.