مشروع مراجعة الدستور: ضمانات سياسية وتوسيع للحريات
ترمي الأحكام التي ينطوي عليها مشروع مراجعة الدستور الذي أصدر المجلس الدستوري يوم الخميس رأيه المعلل بخصوصه إلى توفير الضمانات السياسية الكفيلة بفتح الممارسة السياسية وتوسيع فضاء الحريات وتعزيز دور الدولة في بعده الاجتماعي وقدرتها على توطيد التلاحم والوحدة الوطنية. وجاء مشروع الدستور في خمسة محاور أساسية تخص تعزيز الوحدة الوطنية والديمقراطية ودولة القانون إلى جانب سلسلة من التحسينات التي أدرجت على مستوى بعض المؤسسات. ويأتي مجموع هذه الأحكام ليترجم مسألة (تعزيز الحريات الديمقراطية) التي ستتجسد عبر حرية التظاهر السلمي وحرية الصحافة التي لا يمكن أن تخضع لعقوبة الحرمان من الحرية. ويؤكد النص بشكل واضح على مبدأ التداول على السلطة من خلال العودة إلى تحديد العهدات الرئاسية وإمكانية إعادة انتخاب رئيس الجمهورية مرة واحدة فقط وهو المبدأ الذي أدرج --بمقتضى التعديل-- ضمن الثوابت الوطنية بحيث لا يمكن لأي تعديل دستوري أن يمس به مستقبلا. كما يكرس المشروع أيضا تعزيز الديمقراطية من خلال تدعيم الحقوق المعترف بها للمعارضة في ظل توسيع قدرات ضمان مهام المراقبة.
تعزيز مكانة المعارضة على أكثر من صعيد وبموجب الأحكام الجديدة يتسنى للمعارضة البرلمانية اقتراح جدول أعمال خلال جلسة شهرية على مستوى كل غرفة كما سيصبح بإمكانها إخطار المجلس الدستوري بخصوص القوانين المصادق عليها من قبل البرلمان فضلا عن تشكيل لجان تحقيق وبعثات إعلامية والحصول على التقرير الوطني لمجلس المحاسبة. ويفسر تعزيز مكانة المعارضة البرلمانية كذلك بتحديد التشريع عن طريق الأمر بالنسبة للحالات (الإستعجالية) فقط في حالات الشغور البرلماني. أما فيما يتعلق بالتعددية الحزبية التي تعد أيضا من أهم محاور المشروع فهي مكرسة من خلال حق جميع الأحزاب السياسية (دون تمييز) في التعبير وتنظيم الإجتماعات. كما تستفيد المعارضة في ذات الإطار من حق المرور عبر وسائل الإعلام وفقا لتمثليها على المستوى الوطني ومن تمويل عمومي حسب تمثيلها في البرلمان. الدولة تضطلع بدورها الاجتماعي وعلى صعيد آخر حظي نظام الإنتخابات بدوره بضمانات جديدة تهدف إلى ضمان مصداقية هذه الاستحقاقات. فقد استدعت (الضرورة الدستورية لتنظيم انتخابات شفافة ونزيهة) إنشاء لجنة عليا مستقلة لمراقبة الإنتخابات تسهر على ضمان شفافية المسار الإنتخابي منذ استدعاء الهيئة الناخبة إلى غاية الإعلان عن النتائج المؤقتة . كما يتضمن النص بابًا يتعلق بدسترة ثوابت الهوية من أجل رفع اللغة الأمازيغية إلى مستوى لغة وطنية ورسمية. أما على الصعيد الإجتماعي فتؤكد الوثيقة على واجب الدولة في الحفاظ على التماسك الإجتماعي من خلال تعزيز دورها وقدراتها في الحفاظ على الطبقات الإجتماعية من الفوارق التي قد تهدد وحدتها.