مع بداية العدّ العكسي للعدوان الأطلسي على ليبيا هل تقود الجزائر هيكلا إقليميا جديدا لمحاربة الإرهاب؟ منذ أن بدأ العدّ العكسي للعدوان الأطلسي على ليبيا أصبح الحديث عن تدفّق السلاح وانتشار الإرهابيين في بلدان شمال إفريقيا محطّ اهتمام السلطات والرأي العام ومن هذه الدول الجزائر التي رشّحها سياسيون وخبراء أمنيون لقيادة هيكل إقليمي جديد يُعنى بمحاربة الإرهاب من خلال تبادل المعلومات الاستخباراتية والخبرات الميدانية. ناقش خبراء ومسؤولون رفيعو المستوى من الجزائر مصر وموريتانيا أوّل أمس بالعاصمة التونسية ملف (التحدّيات الأمنية في شمال إفريقيا) فيما جاء التشديد على التعجيل بتشكيل هيكل مشترك لتبادل المعلومات والخبرات حول ملف مكافحة الإرهاب وإيجاد الحلول اللاّزمة للدمويين العائدين من بؤر التوتّر في سوريا والعراق. وتداول المؤتمرون آليات وحلول لمنع تدفّق المجموعات الإرهابية وتجنّب الحلّ العسكري في الأراضي الليبية. ونقلت الصحافة التونسية عن مسؤولين رفيعي المستوى ممّن حظروا فعاليات الندوة التي نظّمها المركز الدولي للدراسات الاستراتيجية الأمنية والعسكرية تأكيداتهم على سعي قيادات المنطقة لتجهيز غرف مشتركة كهيكل أمني بين دول شمال إفريقيا حيث يتمّ تبادل المعلومات لمتابعة الإرهاب والإرهابيين. من جانب آخر أكّدت مختلف الأطراف المشاركة في المؤتمر على أهمّية الدور الجزائري في خلق خطّة إقليمية موحّدة لمكافحة الإرهاب بالتزامن مع الحديث عن قرب تدخّل عسكري في ليبيا وتداعياته على دول شمال إفريقيا. ولعلّ ما يرجّح فرضية قيادة الجزائر لهذا الهيكل الأمني الجديد -حسب مراقبين- هو التجربة الجزائرية المعترف بها دوليا في مكافحة الإرهاب الذي كانت أوّل من اكتوى بناره في التسعينيات فضلا عن تصنيف الجيش الجزائري كأقوى جيوش المنطقة من حيث العتاد والقدرات القتالية والاستخباراتية. ومن جهتها قالت الوزيرة السابقة ورئيسة الهلال الأحمر الجزائري سعيدة بن حبيلس إنها عاشت من خلال نضالها الطويل مأساة شعوب شمال إفريقيا بسبب التدخّل العسكري الأجنبي وقد فهمت الجزائر أن التدخّل العسكري السابق في ليبيا تكون نتائجه وخيمة وله تداعيات على المنطقة وذلك الذي حدث بالفعل فيما اعتبرت أن حلف (الناتو) لم ولن يكون أداة للديمقراطية لأنه خلق كأداة حرب. بالموازاة مع ذلك أحكمت قوّات الجيش الشعبي ومصالح الأمن السيطرة على الحدود الشرقية الشاسعة مع تصاعد وتيرة التحذيرات الإقليمية من إمكانية تسلّل دمويين من ليبيا خاصّة بعد عملية صبراتة التي استهدفت -حسب الرواية الأمريكية- قيادات داعشية قامت بتفجير متحف باردو ومنتجع سوسة السياحي في تونس العام الماضي. وتستعدّ الدول الغربية للعدوان على ليبيا وخاصّة الولايات المتّحدة الأمريكية وإيطالياالتي سمحت مؤخّرا لواشنطن باستغلال قاعدة سيغونيلا الحربية الإيطالية لإرسال طائرات تجسّسية من دون طيّار للقيام بمهام على الأراضي الليبية. ويرى مراقبون أن الموافقة الإيطالية على استعمال القاعدة المشار إليها هي انطلاق للعدّ العكسي للعدوان على ليبيا لإعادة احتلالها ولهف ثرواتها بتعلة محاربة الإرهاب الذي من المؤكّد أن هذه الحرب ستزيد من انتشاره لتتحوّل بلدان شمال إفريقيا إلى أفغانستان جديدة يرتع فيها الكلّ بلا رقيب أو حسيب.