معلم تاريخي يشكو من الإهمال قصر مستاوة العريق... القلب النابض لمدينة تقرت
يشكل قصر(مستاوة) العتيق القلب النابض والنواة الأولى التي شكلت مدينة تقرت وجزء هام من تشكيلتها العمرانية التي تعود إلى الفترة القديمة وتحديدا إلى ما قبل القرن 15 ميلادي ولطالما كان مسرحا لعديد الأحداث التاريخية التي مرت بالمنطقة على مر العصور. فقصر تقرت العتيق في نسيجه العمراني لا يختلف عن القصور الصحراوية بصفة عامة حيث روعي فيه تخطيطه للعامل المناخي وتبعا لما تمليه العقيدة الإسلامية وما هو متعارف به في العادات والتقاليد حسب المعلومات المستقاة من مديرية الثقافة لولاية ورقلة. وأوضح عبد المجيد قطار رئيس مكتب ترقية التراث الثقافي أن قصر (مستاوة) الذي لم يبق فيه ممن يشغل سكناته إلا عدد قليل جدا من سكان هذه المنطقة بفعل وضعيته المتردية المتسبب فيها بصفة خاصة تدخلات الإنسان ثم عوامل المناخ من رياح وحرارة شديدة وأمطار يعود إلى قبيلة مستاوة الزناتية التي كانت تشكل أغلب سكانه. فقد ساعد القصر القديم لمنطقة تقرت على استقرار العنصر البشري بالمنطقة لما يتمتع به من خصائص أهمها تواجده في قلب المدينة وعلى منطقة منبسطة ما أعطاه شكلا دائريا ونمطا عمرانيا إسلاميا كما أنه يستجيب للعوامل الجغرافية المناخية والاجتماعية لجميع قاطنيه وقد بدت أهمية هذا الإرث التاريخي الكبير مع تولي سيدي أحمد بن يحي تسيير شؤونه ليعرف مع بداية القرن 19 تحولا كبيرا على يد أسرة بني جلاب التي تسلمت آنذاك مقاليد الحكم وجعلت من منطقة تقرت عاصمة بني جلاب قبل أن تسقط في يد الاستعمار الفرنسي. ويتربع قصر تقرت القديم الذي لعب دورا دفاعيا على المنطقة وسكانها من غارات الغزاة على مساحة تقارب 6.5 هكتار ولكنه ومع مرور الوقت تلاشى معظم أجزائه حيث وفي سنة 1995 قدرت مساحته حوالي 1.5 هكتار أما حاليا فلم يبق سوى جزء صغير جدا منه. ويتشكل نسيجه العمراني من مجموعة من السكنات والمنازل التي شغلها قاطنوه آنذاك يتوسطها الجامع الكبير وسوق يومي محاط بسور عالي به ثلاثة أبواب رئيسية هي باب السلام وباب البلاد وباب القدر كما تمت الإشارة إليه وفي الفترة الممتدة من 1854 و 1962 وفورا بعد تغلغل الاستعمار الفرنسي بالمنطقة أدخلت العديد من التغييرات على الإطار العام لهذا المعلم التاريخي من طرف الإدارة الفرنسية حيث تم تهديم وظيفته الدفاعية عن المنطقة وتدمير عدد من هياكله على غرار الجامع الكبير وأقواسه وأبوابه الثلاثة إضافة إلى تحويل العديد من سكناته ومعابده إلى الإدارة الفرنسية. وبالرغم من القيمة الثقافية والتراثية التي يشكلها هذا القصر الصحراوي العريق إلا أنه يعاني الإهمال ويوشك على الزوال والاندثار بفعل عوامل المناخ وتطاير الرمال وقوة الرياح التي يواجهها بحكم طبيعة المنطقة من جهة ولتدخلات الإنسان عليه. كما أنه لم يستفد من أي عمليات للترميم وإعادة الاعتبار كما تمت الإشارة إليه. ويتواجد حاليا قصر مستاوة العتيق على غرار 15 قصرا صحراويا آخر بالولاية من بينها قصور الحجيرة وتبسبست والعلية ضمن قائمة الجرد الإضافي للممتلكات الأثرية المنتظر تصنيفها كمعالم وطنية منذ سنة 2009 كما أفاد به عبد المجيد قطار.