قد يجد بعض الأشخاص أنفسهم أحيانا أمام متاعب قانونية ومتابعات قضائية مختلفة تهدد حريتهم وتهددهم بالسجن نتيجة قيامهم بأفعال أو تلفظهم بأقوال لم يعتقدوا أو لم يأخذوا على محمل الجد أن القانون الجزائري يعاقب عليها فعلا، ولان القاعدة تقول "لا يعذر بجهل القانون، فان هنالك بعض الحالات التي يتورط فيها أشخاص في قضايا متعددة، أو يتم جرهم إليها، باستغلال هفواتهم الصغيرة أو أخطائهم أثناء ردات فعلهم الغاضبة، ما يحتم على الكثيرين التحكم في أعصابهم، وعدم الوصول بالمناوشات أو الخلافات البسيطة، خاصة، إلى مراحل لا تنتهي إلا على أبواب المحاكم، وجولات كثيرة من الجلسات والدعاوى وأتعاب المحامين. ولعل من بينها، القضايا المتعلقة بالتهديد بالقتل، التي تكون أحيانا قائمة على نية مبيتة وإصرار على القيام بهذا الفعل في حال عدم استجابة الشخص الذي يتم تهديده لأحد أوامر أو شروط الشخص المهدِّد، وأحيانا أخرى، تكون مجرد تهديد عابر، مع عدم وجود نية الشروع فيه فعلا، وهو ما نلاحظه في الكثير من الأحيان أثناء الشجارات والنزاعات ما بين الجيران أو الأقارب أو الناس في الشارع، وغيرها. وسواء كانت نية تنفيذ التهديد موجودة أم لا، فان القانون واضح في هذا الشأن، وحسب احد المحامين من مجلس قضاء العاصمة، الذي تحدثنا معه حول هذا الموضوع، فقد قال أن الأمر سيان أمام القانون، إذ يكفي تهديد أي شخص بالقتل، حتى يصبح لهذا الأخير الحق في رفع دعوى قضائية ضد الشخص الذي قام بتهديده، ولو إن ذلك كان نتيجة لحظة غضب، لم يتمكن فيها الطرف الآخر من التحكم في أعصابه فتلفظ بذلك التهديد. إلا انه وحسب نفس المحامي، فليس كل شخص بإمكانه أن يتهم شخصا آخر بتهديده بالقتل، بل يتعين عليه إثبات واقعة التهديد الشفوي وذلك إما عن طريق الشهود أو عن طريق أية وسيلة تجعل من واقعة التهديد المصحوب بشرط قائمة، فجريمة التهديد من الجرائم العمدية التي تتحقق بتوفر الركن المادي ويكون ذلك بالإشارة أو بالكلام والركن المعنوي ويتمثل في قصد جنائي عام وآخر خاص فالعام يتمثل في توجه إرادة الجاني لإحداث آثار جريمة التهديد لما لها من وقع يثير الخوف في نفسية المجني عليه أما القصد الخاص فيتمثل أساسا في علم الجاني أن ذالك السلوك الإجرامي يحقق النتيجة الجرمية. وكثيرة هي القضايا التي تتم معالجتها عبر كافة المحاكم تقريبا، بشكل شبه يومي، فبمحكمة بئر مراد رايس طالب وكيل الجمهورية أثناء النظر في واحدة من هذه القضايا بتسليط عقوبة عامين حبسا نافذا على متهم بجنحة التهديد بالقتل مع تغريمه بمبلغ 200 ألف دينار، التهديد الذي كان المتهم نتيجة خلافات عائلية بينهما. ومن بين القضايا الغريبة التي عالجتها نفس المحكمة في إحدى المرات وتتعلق بهذا الشأن فهي قضية شاب قام بتهديد جاره بواسطة رسائل خطية بعد تأثره بفيلم أمريكي، حسبما صرح به المتهم الذي لم ينكر الجرم المنسوب إليه حيث قال إن الفكرة أصلا راودته بعد مشاهدته لفيلم أمريكي وعليه فقد قام باختيار جاره كضحية. وتوبع المتهم الشاب البالغ من العمر 24 سنة بجنحة التهديد بالاعتداء على ابن جاره في حالة ما إذا لم يدفع له مبلغ 150 مليون سنتيم وقد برر فعلته بأنه كان يريد تمويل مشروع خاص به، وقد قام الضحية بإيداع الشكوى بعد أن تلقى رسالتين كتابيتين من قبل المتهم حاملة لعبارات التهديد بقتل ابنه، ولكنه تنازل بعد ذلك عن الشكوى بعد اكتشافه أن الفاعل ابن حيه وجاره، في حين التمس ممثل الحق العام عقوبة 3 سنوات حبسا نافذا على المتهم مع تغريمه بمبلغ 50 ألف دينار. أما عن المواد القانونية المتعلقة بهذه الجريمة في قانون العقوبات الجزائري فهي من المادة 284 إلى المادة 287، حيث تقول المادة 284 أن كل من هدد بارتكاب جرائم القتل أو السجن أو أي اعتداء آخر على الأشخاص مما يعاقب عليها بالإعدام أو السجن المؤبد وكان ذلك بمحرر موقع أو غير موقع عليه أو بصور أو رموز أو شعارات، يعاقب بالحبس من سنتين إلى عشر سنوات و بغرامة من 500 إلى 5000 دج إذا كان التهديد مصحوبا بأمر بإيداع مبلغ من النقود في مكان معين أو بتنفيذ أي شرط آخر. أما المادة 285 فتنص على انه إذا لم يكن التهديد مصحوبا بأي أمر أو شرط فيعاقب الجاني بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات و بغرامة من 500 إلى 2500 دج. وتشير المادة 286 إلى انه إذا كان التهديد مصحوبا بأمر أو شرط شفهي فيعاقب الجاني بالحبس من ستة أشهر إلى سنتين و بغرامة من 500 إلى 1500 دج. في حين أن المادة 287 فتقول أن كل من هدد بالاعتداء أو العنف غير المنصوص عليه في المادة 284 و ذلك بإحدى الطرق المنصوص عليها في المواد من 284 إلى 286 يعاقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنة و بغرامة من 500 إلى 1000 دج إذا كان التهديد مصحوبا بأمر أو شرط.