كيف تعطي الشيطان الخنجر الذي يطعنك به؟! ولماذا تكرِّر الجريمة وبنفس الكيفية؟! جريمة اغتيال الإيمان وقتل الصفاء ألا تعلم أن كل وقت فراغ لا يسده العبد سيملأه الشيطان بخواطر سوء تقود ولابد إلى أفعال سوء والوقاية خير من العلاج وعدم إفساح الطريق للخواطر السيئة بأن لا يُسمح لها بالنشوء أسهل بكثير من محاولات صرفها ومحوها من الذهن بعد استفحالها لذا كان شغل الفراغ بالهوايات المفيدة والأنشطة الترفيهية المباحة والطاعات والقربات من أقوى الأسلاك الشائكة التي توضع في مواجهة الشيطان لتمنع زحفه على القلب واستيلاءه عليه. لذا كان من الوصايا الشفائية الغالية: نفسك إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل وكانت صيحة كل تائب اكتوى بنار الذنب يوما: لو كان الفراغ رجلا لقتلته. وهو سرٌّ من أسرار التوجيه الرباني: فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ (7) فقد أمره ربه بأن لا يخلي وقتا من أوقاته أبدا فإذا فرغ من عبادة أتبعها بأخرى فما هي هذه العبادة الأخرى؟! اسمع الأقوال: قال ابن عباس رضي الله عنه: فإذا فرغت من صلاتك فاجتهد في الدعاء. وقال ابن مسعود رضي الله عنه: إذا فرغت من الفرائض فانصب في قيام الليل. وقال الحسن وقتادة: إذا فرغت من جهاد عدوك فانصب لعبادة ربك. وقال الجنيد: إذا فرغت من أمر الخلق فاجتهد في عبادة الحق. إن إشغال النفس بعمل الصالحات (صلاة .. صيام .. بر وإحسان .. صدقات .. زيارة مريض .. إجابة دعوة .. تحضير كلمة .. سماع شريط .. مباسطة الأهل والإخوان ...) هو أهم وقاية يتخذها العبد ضد جراثيم الذنوب وأوبئة المعاصي وهو بمثابة سد الفراغات في جدار القلب فلا يتسلل منها الشيطان. واسمع فرسان الميدان يا عاشق الجنان: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: إني أكره الرَّجُل أن أراه يمشي سبهْللا: لا في أمر الدنيا ولا في أمر الآخرة وفى رواية أنه قال: إني لأنظر إلى الرجل فيعجبني فإذا قيل: إنه لا عمل له سقط من عيني.