تفجيرات الانتحاريين تحصد عشرات الضحايا هكذا تحولت بغداد إلى عاصمة للدماء تفاجأ سكان العاصمة بغداد منذ الساعات الأولى لصباح أمس الثلاثاء بانتشار كثيف لقوات الجيش العراقي في أرتال مدرعة ودبابات وآليات ثقيلة ومختلف المدرعات العسكرية في عموم العاصمة وخاصة حول المنطقة الخضراء المحصنة التي تقع فيها مؤسسات الحكومة وسفارات عدد من دول العالم ورغم ذلك فإن التفجيرات الانتحارية وجدت طريقها لشوارع بغداد وبدأ المشهد مشابهاً لانقلاب 14 جويلية عام 1958 الذي أطاح بالحكم الملكي في البلاد على يد الزعيمين الراحلين عبد الكريم قاسم وعبد السلام عارف ما أثار تساؤلات البغداديين عما يجري وسارعت قيادة العمليات لتوضيح تفاصيل ما يحدث. وقالت قيادة عمليات بغداد في بيان إنّ (ما يجري هو استعدادات واسعة لاستعراض عسكري قريب سينطلق في بغداد). وأوضح المتحدث باسم القيادة العميد سعد معن أن قطع الطرق الذي حصل في عدد من شوارع العاصمة في جانبي الكرخ والرصافة يأتي ضمن الاستعدادات لإجراء استعراض عسكري قريب. ولفت معن إلى أنه تمت إعادة فتح كافة الطرق في جانبي الكرخ والرصافة في بغداد أمام حركة المواطنين فيما بقيت منطقتا السعدون وساحة التحرير ضمن الإجراءات الأمنية. من جانبها كشفت مصادر أمنية في وزارة الداخلية أن قوات الأمن قطعت جسري الجمهورية والسنك المؤديين إلى المنطقة الخضراء والشوارع الرئيسية في العاصمة تحت إجراءات أمنية مشددة مجهولة السبب. وأوضحت المصادر أن قطع الطرق تركز على المحاور الأربعة المؤدية إلى ساحة التحرير وسط العاصمة من جهة شارع أبو نؤاس وساحة الطيران وساحة الخلاني. ويأتي ذلك في وقت كشفت فيه مصادر أمنية وعسكرية أن هناك استعدادات جارية لإقامة استعراض عسكري كبير في العاصمة بغداد يوم 14 جويلية الحالي والذي يمثل يوم تأسيس الجمهورية العراقية الحديثة بعد الإطاحة بالحكم الملكي في البلاد عام 1958. وأغلقت القوات العراقية جسور الجمهورية والسنك والجادرية والشهداء وطرق سريع الدورة والسعدون والنضال والأميرات والزيتون وشارع 6 وهي طرق رئيسة إلى جانب إغلاق مناطق باب الشيخ وساحة الوثبة وساحة النسور وساحة التحرير وساحة الطيران وساحة الفارس وساحة الخلاني وهي مناطق تقع عند تقاطعات طرق مهمة في العاصمة. وتتزامن هذه الإجراءات مع توتر أمني شديد تشهده مناطق العاصمة بعد التفجير الذي ضرب منطقة الكرادة وسط بغداد قبل أيام وذهب ضحيته نحو 500 قتيل وجريح بالإضافة إلى دعوات لتظاهرات حاشدة أمام المنطقة الخضراء. وانتشرت المليشيات المسلحة في شوارع بغداد عقب تفجير منطقة الكرادة أخيراً إحدى أرقى مناطق العاصمة وأهمها وتصاعدت الخطابات الطائفية التي أطلقها عدد من قادة المليشيات في موقع التفجير. وجعل تضارب تبرير المصادر الأمنية لما يجري في العاصمة الأهالي في حالة من القلق والتوتر مما يحدث حيث خرج أهالي العاصمة إلى أعمالهم بشكل اعتيادي فتفاجؤوا بانتشار الدبابات والمدرعات وقطع الطرق مما اضطرهم للعودة إلى منازلهم لكن آخرين اعتبروها بادرة جيدة أن تنتشر قوات الجيش العراقي بدلاً من المليشيات. وامتدت الأرتال العسكرية معززة بناقلات الجنود والدبابات والمدرعات والمدفعية الثقيلة إلى عشرات الكيلومترات في شوارع العاصمة وسط تشديد أمني غير مسبوق منذ نحو عقدين من الزمن في بغداد. واختلفت آراء المحللين والمراقبين حول ما يجري في العاصمة على الرغم من بيان قيادة عمليات بغداد الذي أفصح عن استعدادات لإجراء استعراض عسكري كبير بعد يومين. ويرجح المحلل العسكري فلاح الحسني بأن يكون الأمر أكبر من مسألة الاستعراض العسكري خاصة بعد انتشار واسع للمليشيات المسلحة في بغداد ومحاولة فرض هيمنتها أمام وسائل الإعلام وتصاعد النبرة الطائفية من قادة المليشيات المسلحة. وأضاف الحسني للعربي الجديد أنه من المفرح أن نرى الجيش العراقي منتشراً في شوارع العاصمة إن كانت هناك نوايا صادقة لعزل المليشيات وإخراجها من المشهد الأمني والعسكري بعد ما دخله البلد بسببها من كوارث خطيرة. وبحسب الحسني فإنَّ ما يجري في بغداد أشبه ما يكون بالانقلاب العسكري لكن ليست هناك مؤشرات واضحة حتى الآن حول هذا الأمر سوى ما أعلنته قيادة عمليات بغداد حول استعراض عسكري مرتقب غير أن حجم الأرتال العسكرية المنتشرة قد تخفي شيئاً أكبر. اجتياح الانتحاريين وفي الأثناء ورغم هذه التشديدات العسكرية التي حاصرت الشوارع الرئيسية وجد الانتحاريون طريق إلى الأسواق وإلى العراقيين الأبرياء لممارسة هوايتهم المعهودة في القتل فلقد قُتل وأصيب أكثر من 30 عراقياً أمس الثلاثاء بتفجير سيارة مفخخة شمالي بغداد فيما اتخذت القوات العراقية إجراءات أمنية مشددة وقطعت عدداً من شوارع العاصمة. وقال مصدر في الشرطة إنّ سيارة مفخخة انفجرت في وقت مبكر من صباح أمس في سوق شعبي لبيع الخضار بمنطقة الراشدية شمالي بغداد لافتاً إلى أن التفجير أسفر عن مقتل 8 أشخاص وإصابة 23 آخرين بجروح متفاوتة. ووصل الدفاع المدني إلى مكان الحادث كما قُطعت جميع المنافذ المؤدية إليه من قبل عناصر الشرطة خشية استهدافه مرة أخرى. على الصعيد الأمني قال مصدر في قيادة عمليات الجيش ببغداد إن قوة عراقية مشتركة قطعت عدداً من الطرق المهمة وسط بغداد لافتاً إلى أن قوة من الجيش العراقي والشرطة الاتحادية قطعت طرق السعدون والنضال والكفاح والرشيد والكرادة خارج والعرصات وبدأت حملة دهم وتفتيش واسعة في مناطق الكرادة والسعدون والبتاوين وباب الشيخ والفضل بحثاً عن مطلوبين. وقُتل وأصيب مئات العراقيين الأسبوع الماضي بتفجير سيارة مفخخة في منطقة الكرادة وسط بغداد تبعتها حملة إقالات واستقالات طاولت عدداً من المسؤولين الأمنيين.