** أنا شاب أرى من نفسي تقصيرا وجبنا عن إنكار المنكر فمثلا إذا ركبت الحافلة والسائق مشغل أغاني فلا أستطيع أن أنكر عليه ولا أدري لماذا؟ إما لأني أخجل أمام الناس وإما لأني لا أجد ما أقوله وأضل طوال الطريق أؤنب نفسي، مع أني نشيط إلى حد كبير في دعوة من أعرفهم من أهل المسجد والأقارب وأما من لا أعرفه إذا رأيته يعصي مثل ما يحدث معي في الحافلة فأجد الكلمات كلها ضاعت من فمي ولا أجد ما أقوله وكيف أبدأ له بالكلام بأسلوب لا يجعله ينفر أو يوبخني·· وعلى العكس مع الأقارب وفي المسجد أجد طلاقة في لساني وقد ألقي بعض الكلمات بعد الصلاة في المسجد· أنا أعلم أن هذا خطأ لكن كيف أتخلص منه؟ * يجيب الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن العيادة بالقول: إعلم أنك على خير ودائما هذا الطريق صعب جدا فلا تتخيل أنه مفروش بالورود، وتذكر دائما أن من يتصدى للإنكار سيواجه مثل ما تواجه أنت·· ولكن ما هي السبل الكفيلة التي تجعلك تملك زمام الشجاعة وتقول ما تريد في وقت الحاجة··؟ أولا: يجب دراسة الأمر الذي تريد أن تنكره·· ما هو موقفه من الشرع·· وما هي درجته··؟ فقد تنكر أمرا فيه خلاف قد يسوغ أو هو مكروه؟·· وهكذا· ثانيا: احسب حساب المصلحة والمفسدة هنا·· فقد تنكر فتحصل مفسدة أعظم·· إذن فالحكمة هنا أن تدع الإنكار· ثالثا: مكان الإنكار·· هل هو من المناسب الإنكار فيه أم لا··؟ فمثلا قلت أنك في الحافلة وتريد أن تنكر عليه إذا رفع صوت الغناء·· ولكن هل كل من في الحافلة يوافقوك؟ فقد يوجد أناس يعارضون فعلك ويريدون أن يستمعوا·· فتحصل مفسدة أكبر· كل هذه الأمور يجب أن توضع في الحسبان قبل إنكار المنكر _بشكل عام_ ولكن في حالتك وهو الخجل من الإنكار·· اعلم يا أخي أن لك زملاء كثيرين جدا كلهم يتمنى أن ينكر المنكر ولكنه عند اللحظة المناسبة يجبن·· ولهذا أسباب منها: 1- تخذيل الشيطان·· فإنه يفتح عليك أمورا تجعلك تحجم عن الإنكار·· فيقول لك قد يضرك الإنكار·· أو قد تحصل لك فتنة·· أو أن هذا الأمر مباح·· أو أنك لست وصيا على بني آدم·· وهكذا· 2- قلة العلم والفقه، فأحيانا لا أدري عن هذا المنكر هل هو حرام أم حلال أم مكروه؟ 3- قلة التجربة في مخاطبة الناس، أي أن الأمر يحتاج إلى تمرن وتعود· إلى غير ذلك من المثبطات·· ولكن ما هو الحل وكيف الوصول إليه··؟ 1- حاول الاستزادة من العلم الشرعي، خاصة فيما يتعلق بالأمور الظاهرة التي يمارسها الناس· 2- تعلم التدرج في الإنكار وأنواعه: الإنكار باليد ثم الإنكار باللسان ثم الإنكار بالقلب كما جاءت السنة في ذلك· 3- التمرن على مخاطبة الآخرين يزيح عنك جليد الخجل، واعلم أن من تحدثه لن يأكلك، ولكن ما هي الطريقة المثلى للحديث؟ أ- دائما الكلام اللين الهادىء يكون له تأثير بليغ· ب- ابدأ بالسلام والتحية على من تريد التحدث معه· ج- امتدح الجوانب الخيِّرة فيه، كونه مسلماً موحِّداً يحب الخير·· فالنفس طماعة تحب الثناء، فإذا قلت للشخص أنك من أهل الخير والصلاح لا يمكن أن يرفض ذلك، وتجده يفتح لك قلبه· د- لا تنسى الابتسامة على محياك وأنت تحدثه· ه- لا يحس منك بالتعالي وأنك تأمره أمرا، فالناس لا يحبون الذي يأمرهم· و- لا تتوقع أنه سيستجيب لك من أول مرة، فما عليك إلا أن تلقي البذرة وقد تنبت في مكان آخر أو وقت آخر· م- تذكر أنك لا تهدي من أحببت، فالهداية بيد الله سبحانه· ز- لا تحدثه أمام الناس فتُخجله وتأخذه العزة بالإثم· أحيلك على كتاب (كيف تكسب الأصدقاء وتؤثر في الناس؟) المؤلف: ديل كارنجي فقد يفيدك كثيرا في كيفية التأثير في الناس دون إغضابهم· أما حالتك داخل الحافلة·· فطبق الطريقة التالية إن أمكن: 1- اقترب من السائق قليلا· 2- سلم عليه بهدوء واسأله عن حاله· 3- تعاطف معه وشاركه همه بأن عمله في الحافلة شاق·· وهكذا·· فإذا ارتاح لك فاطلب منه بأدب أن يخفض من صوت المسجل قليلا، فقد يكون بعض الركاب لا يرغبونه وهكذا·· فقد يستجيب لك وإذا لم يفعل فسيؤثر فعلك فيه بعد ذلك· 4- لا تلتفت إلى نزغات الشيطان التخذيلية، فكن على عكس اتجاه الشيطان، فإذا قال لك لا تفعل فافعل·· وإذا قال لك افعل فلا تفعل لأن الشيطان لا يمكن أن يأتي بالخير أبدا كما قال تعالى: إن الشيطان لكم عدوا فاتخذوه عدوا·· الآية· أعانك الله وسدد خطاك·