شباب جادوا بحياتهم ثمنا لكرامة وحرية الشعب المصري في ثورته ضد القهر والظلم خلال المظاهرات التي اندلعت شراراتها منذ 25 جانفي الماضي، وما زالت قائمة إلى الآن باستمرار اعتصام الشباب في ميدان الحرية أو ميدان التحرير في وسط العاصمة المصرية القاهرة· خرج هؤلاء الشهداء في المظاهرات باحثين عن حياة كريمة وغد أفضل لبلادهم عامر بالحرية والعدالة الاجتماعية، كثير منهم لا ينتمون إلى حزب أو حركة، وربما لم يقوموا بأي عمل سياسي طوال حياتهم، ولكن حماسهم ورغبتهم في محو ظلام الخوف والقهر دفعهم للمضي قدما نحو غاياتهم· خرج بحثاً عن التغيير أحمد إيهاب محمد فؤاد عباس، 29 سنة، مهندس خريج جامعة حلوان، وهو متزوج منذ شهرين فقط، وكان يحلم مثله مثل أي شاب مصري بالتغيير، بحياة كريمة له ولأولاده في المستقبل، لكنه لم يفكر يوما في التظاهر من أجل المطالبة بالتغيير· كان بداخله رغم ذلك يشعر أن هذا اليوم آتٍ لا محالة·· ولكنه كان ينتظر الشرارة ليخرج مع الجميع في يد واحدة وبصوت واحد يطالبون بإسقاط النظام واستحداث مصر جديدة· وحين اندلعت هذه الشرارة الشعبية يوم الثلاثاء 25 جانفي، أخبر زوجته أنه "قرر" الخروج في مظاهرات جمعة الغضب الموافق 28 جانفي 2011، ولن يتراجع عن قراره بأي حال· وخرج أحمد بالفعل للمرة الأولى ولم يكن يعلم أنها ستكون الأخيرة، خرج بعد أن تحرر من قوقعة الأغلبية الصامتة المصرية، ولكنه لم يعد لزوجته التي كانت تنتظره بفارغ الصبر، ليحكي لها عما فعله وعما شاهده، وعن المظاهرات التي لم يسبق لها مثيل في تاريخ مصر· استشهد أحمد بينما كان يواجه بقلب شجاع جحافل الأمن التي تمركزت عند مدخل جسر قصر النيل لمنع المتظاهرين من الدخول لزمر ثورتهم، ميدان التحرير· تلقى ثلاث رصاصات غادرة في جسده، واحدة منها اخترقت عيناه، ولقي ربه متأثرا بجراحه في الثاني من شهر فيفري الحالي، بعد أن قدم روحه فداءً للوطن والحرية وإنهاء عهد الاستبداد والفرْعنة إلى الأبد، وبعد أن مهد الطريق لزملائه من أجل دخول ميدان التحرير· أسرع عدد من المتظاهرين إلى نقله لمستشفى الحسين الجامعي بالقاهرة، واستمر بها إلى أن فاضت روحه إلى بارئها يوم 2 فيفري الجاري، فاقترح عدد من شباب الثورة المصرية أن يسجل اسمه بأحرف من نور في نصب تذكاري لشهداء ثورة الحرية يقام في ميدان التحرير·