أقرّت الحكومة الفرنسية، الأربعاء، مشروع قانون يحظر ارتداء النقاب في الأماكن العامة رغم تحفظات قانونيين وممثلي مسلمي فرنسا على هذا النص، الذي سيعكف البرلمان على دراسته في جويلية. كما تسعى أحزاب وحركات سياسية في بلدان أوروبية أخرى - منها إيطاليا وإسبانيا - لإقرار قوانين وضوابط تمنع ارتداء النقاب بشتى أشكاله. وأعلن الرئيس نيكولا ساركوزي خلال الجلسة التي عقدها مجلس الوزراء لبحث هذا المشروع، أن »في هذه القضية تسلك الحكومة، وهي مدركة تمام الإدراك، طريقاً صارماً لكنه عادل«. وأضاف: »نحن أمة عريقة مجتمعة حول فكرة معينة عن كرامة الإنسان لا سيما كرامة المرأة وحول نظرة معينة بشأن الحياة المشتركة. إن النقاب الذي يخفي تماماً الوجه يطال تلك القيم التي نعتبرها أساسية وجوهرية في ميثاق الجمهورية«. "وجهكِ" حق وطني وينصّ مشروع القانون على أنه »لا يحق لأحد في الأماكن العامة أن يرتدي لباساً يهدف إلى إخفاء الوجه«، وأن من يخالف ذلك يعرض نفسه لغرامة قدرها 150 أورو أو فترة تدريب على المواطنة لتذكيره بقيم الجمهورية. ولم تأخذ الحكومة برأي مجلس الدولة، وهو أعلى هيئة قضائية إدارية في البلاد، والذي نصح بأن يقتصر هذا الحظر في بعض المرافق العامة (إدارات ووسائل نقل، الخ). واعتبر أن حظر النقاب في الشارع »يفتقر إلى أساس قانوني لا يرقى إلى الشك«. واعتبر نيكولا ساركوزي أن »الكرامة لا تفرق.. وأن المواطنة يجب أن تُمارس بوجه ظاهر، وبالتالي فإنه لا مفر من حظر النقاب في النهاية في الأماكن العامة بأسرها«. وسيكون من الصعب التوصل إلى إجماع على هذا المشروع في البرلمان؛ لأن قسماً كبيراً من المعارضة اليسارية يعتبر المشروع غير قابل للتنفيذ، ويدعو إلى احترام رأي مجلس الدولة. كذلك أعرب ممثلو مسلمي فرنسا عن معارضتهم لهذه الممارسة التي تنفرد بها »أقلية قليلة جداً«، وكذلك قانون حظرها الذي اعتبروه »مثيراً للعداوة«. ولا يتجاوز عدد النساء اللواتي يحملن النقاب أو البرقع 2000 في فرنسا - حسب السلطات المحلية - من أصل ستة ملايين مسلم. وتزعم جماعات مدافعة عن »حقوق المرأة« ووزراء من حكومة يمين الوسط، أن هناك نساء يجبَرن على ارتداء النقاب، ويُعزلن عن المجتمع. ويقتبس الوزراء عن رجال دين مسلمين القول بأن النقاب ليس فريضة دينية، ويشيرون إلى أنه ليس شائعاً في الدول التي جاءت منها الغالبية العظمى للمسلمين في فرنسا. الطعن في القانون ويبدي إمام مسجد باريس شكوكه بشأن ضرورة فرض حظر مثل هذا؛ إذ يقول دليل بوبكر: »أعتقد أنه موضوع صعب من البداية، ولا يوجد مبرر كبير يجبرهم على فرض قيود أو هذا النوع من الحظر، هذا النوع من الحظر مهدد بشدة بأن يواجه طعناً«. والطعن مؤكد تقريباً وربما يأتي من المجلس الدستوري في فرنسا، وهو أعلى هيئة قضائية في فرنسا، ويجب أن يوقع على جميع القوانين التي يصدرها البرلمان. وذكرت وسائل إعلام فرنسية أن المجلس حذر الحكومة من أنه قد يقضي بعدم دستورية فرض حظر شامل على ارتداء النقاب في جميع الأماكن العامة. كذلك فإن الشرطة لا تؤيد على ما يبدو مشروع القانون المقترح. وقال دنيس جاكوب رئيس تحالف اتحاد الشرطة: »بالنسبة لمهمة الشرطة أعتقد بصراحة تامة أن لدينا تكليفات أخرى أهم من ملاحقة المنقبات. وأرجو المعذرة في أن أقول هذا بتعليقات سلبية«. وسيستغرق إقرار مشروع القانون أشهراً في البرلمان. ومن المستحيل معرفة مدى تخفيف بعض بنوده قبل إقراره كتشريع، علماً أنه سيترتب عليه تغريم من ترتدي النقاب لغرامة 700 أورو، وربما السجن في حال تكرار المخالفة. بهذا الإجراء ستكون فرنسا ثاني بلد أوروبي بعد بلجيكا يحظر فيه النقاب في الفضاء العام، وتتزايد في بلدان أوروبية أخرى المطالبات بالحد من ظاهرة النقاب ومحاربتها في الأماكن العامة. النقابوفوبيا وأثارت أول غرامة في حق امرأة ترتدي النقاب أثناء تواجدها داخل مكتب البريد بمدينة نوفارا الإيطالية، ضجة واسعة في صفوف بعض أفراد الجالية المسلمة هناك، الذين نعتوا الحادث بأنه مس بالدين الإسلامي وميز ضد المسلمين بإيطاليا. وفي انتظار الموافقة على قانون منع البرقع والنقاب بالأماكن العمومية بإيطاليا الذي هو قيد المناقشة بالبرلمان، اعتبر عمدة مدينة نوفارا »ماسمو جوردانو«، أن الغرامة بالإضافة إلى إجبارية التحقق من هوية المرأة، تدخل في نطاق قانون 1975 للطوارئ، والجاري به العمل حتى اليوم، والذي يجبر المواطنين على التعريف بهويتهم وعدم إخفاء وجوههم عند الدخول إلى المصارف ومكاتب البريد دون ارتداء حتى خوذة الدراجة النارية. وفي إسبانيا كذلك، من المقرر أن تدرّس بلدة ليريدا الكتالونية أواخر الشهر الجاري، دعوات تطالب بفرض حظر ارتداء النقاب في الأماكن العامة، وذلك وسط معارضة متزايدة لارتدائه في أنحاء البلاد. واقترح حزب التقارب والاتحاد الكاتالوني القومي حظر ارتداء النقاب في الأماكن العامة ببلدة ليريدا الواقعة شمالي شرقي كاتالونيا. ووصف الحزب في بيان النقاب بأنه »عقبة في سبيل كرامة المرأة وإدماجها في مجتمعنا«. وأضاف الحزب: »إن وجود ممثلي السلفيين المتشددين في بلدة ليريدا سهل انتشار ممارسات تتنافى مع قيم المساواة بين الجنسين واحترام النساء«. وذكرت صحيفة إلبايس الإسبانية أن رئيس بلدية ليريدا الاشتراكي أنخيل روس، أعرب في السابق عن معارضته لارتداء النقاب.