من المعروف تعلق المرأة بالموضة، وهوسها بكلّ المواد التجميلية التي يمكن أن تزيدها أناقة وبهاء، وقد يكون ذلك الجمال على حساب صحتها، خاصّة إن بلغ بها الهوس درجة تتجاهل فيها خطر تلك المواد وتأثيراتها الجانبية، ولا تفكر إلاّ في مفعولها على المدى القريب، وهو الأمر الذي تستغلّه بعض صالونات الحلاقة للربح السريع· مصطفى مهدي إضافة خصلات من الشعر للفتاة صار موضة بين الفتيات، اللائي يسعين من جهة لأنْ يكنّ أكثر جمالا، ومن جهة أخرى لأن يغيّرن "اللوك" الخاص بهنّ في كلّ مرة، لهذا يلجأن إلى صالونات الحلاقة، ويطلبن كلّ ما هو موضة لشعورهن من تسريحات وألوان، وقد يفضلن عوض صبغ شعرهن وصله بخصلات، والتي يشترينها بأسعار عادة ما تكون مرتفعة، من 1000 دينار، وحتى 4000 دينار، على حسب نوع الشعر، أو نوعية الشعر، وقد لا يستعملنها، أو لا يتركنها إلاّ لأيام معدودات أو لليلة وحدة لحفل أو لعرس، ولكن بعض صالونات الحلاقة لا يُهمها إلاّ الربح السريع، وصارت تًُقدم لزبوناتها شعرا يمكن أن يُشكل خطرا على المرأة، خاصّة وأنه مجهول المصدر· عادة ما يُستورد الشعر من الهند، حيث أنّ هناك مصانع خاصّة لشراء الشعر من الهنود، رجالا ونساء كلهم يأتون إلى تلك المصانع والورشات للتضحية بشعرهم في سبيل الحصول على بعض المال، هي تجارة رابحة، خاصة إذا علمنا أنّ هؤلاء التجار يعيدون بيع ذلك الشعر في الصالونات الأوروبية بمبالغ ضخمة، لتصله النسوة بشعورهن، ولأنّ ظاهرة قصّ الشعر، أو بيعه من طرف الموطنين والمواطنات العاديين، ليست موجودة في بلادنا، فإن كميات كبيرة من الشعر تستوردها صالونات الحلاقة، وتختلف نوعية ذلك الشعر، وبالتالي ثمنه، ولأنّ مصدره مجهول كذلك، ولا تكتفي صاحبة الصالون إلا القول بأنه مستورد من وراء البحار، وفي الغالب لا تشير إلى تلك البلاد، لهذا فإن تجارة الشعر صارت رائجة في الجزائر كذلك، حيث أنّ بعض الصالونات تحتفظ بشعر الزبونات لإعادة بيعه، أو وصله لزبونة أخرى وهكذا، ولأن ذلك الشعر لا يمر على مخابر ولا شيء، فأنه يمكن أن ينقل العدوى بين الزبونات، ليس هذا وحسب يمكن أن ينقل أمراضا، وخاصّة الحساسية، فزبونات كثيرات اشتكين من إصابتهن بالحساسية بعدما قصدن تلك الصالونات، التي تكون النظافة وصحة الزبون آخر اهتماماتهن· كما أن بعض الشعر الموجود في صالونات الحلاقة ليس إلاّ شعرا مصطنعا، ومستخرجا من شعر الحيوانات، يصنع في ورشات مشبوهة، ثم يقدم على أنه شعر للزبونات، واللائي لا ينظرن إلاّ إلى جماله، ولا يسألن حتى عن مصدره، وإن كان ملائما لشعرهن أم لا، وتقول لنا أم حسين صاحبة صالون "جمالك" بباش جراح: "إني أقدِّم خدمة وصل الشعر في صالون الحلاقة الخاص بي، ولكن أدقق في مصدر تلك الخصلات، صحيح أنها تأتينا من الهند، أو ربما بلدان أخرى بعيدة، لكننا نجلبها من تونس وبلدان أوروبية قريبة وألمانيا، إذ أننا لا نجلبها من مصدرها الأصلي، ولكن مع هذا فإن الحذر واجب، فهناك صالونات حلاقة تتاجر بشعر زبوناتها وتعيد بيعه، ربما حتى لأشخاص يتاجرون به في أوروبا، وهناك من يفعل مع شعر الحيوانات كالكلاب، والزبونة يغريها الثمن فتقبل عليه، دون النظر إلى العواقب، ولا تبيُّن مصدره"·