بقلم: الأستاذة سميرة بيطام الجزء الأول من المقرر في القانون العام الأمريكي Common law بحسب المحامي معن ادعيس أنه لا يجوز لمأمور الضبط القضائي القبض بدون مذكرة لجنحة إلا إذا كانت مخلة بالأمن وارتكبت في حضور رجل البوليس متى كان باستطاعته اكتشافها بأي حاسة من حواسه وهذا الاستثناء تبرره ضرورة العمل الفوري لقمع الإخلال بالأمن ومنع استمراره بينما تتوسع تشريعات بعض الولايات في تخويل رجل البوليس سلطة القبض في الجنح فلا تقصرها على تلك المخلة بالأمن وحدها بل تجيزها في أي جنحة تقع في حضور رجل الضبطية القضائية فمثلا أضاف قانون ولاية ألينوي الأمريكية جنحا أخرى يجوز فيها القبض دون أمر على أن يضبط مرتكبها متلبسا ويذهب عدد قليل من الولايات إلى اتجاه وسط بين الاتجاهين السابقين فيجيز القبض في الجنح عموما طالما كانت لدى رجل البوليس مبررات معقولة تكفي للاعتقاد بأن جنحة ما قد ارتكبت بشرط أن يكون القبض ضروريا لمنع ضرر أكبر أو لمنع المتهم من الهروب. كما جاء تشريع ولاية وسكونسن بحالات إضافية للقبض بدون أمر حينما خول البوليس هذه السلطة عندما تتوفر لديه الأسباب المعقولة التي تدعو إلى الاعتقاد بأن ذلك الشخص قد ارتكب جنحة منتهكا أحكام القوانين السارية ولن يقبض عليه إذا أجل الإجراء. أما قانون الإجراءات الجزائية الجزائري فنجد المادة 41 تنص على توصف الجناية أو الجنحة بأنها في حالة تلبس إذا كانت مرتكبة في الحال أو عقب ارتكابها. كما تعتبر الجناية أو الجنحة متلبسا بها إذا كان الشخص المشتبه في ارتكابه إياها في وقت قريب جدا من وقت وقوع الجريمة قد تبعه العامة بالصياح أو وجدت في حيازته أشياء أو وجدت آثار أو دلائل تدعو إلى افتراض مساهمته في الجناية أو الجنحة. وتتسم بصفة التلبس كل جناية أو جنحة وقعت ولو في غير الظروف المنصوص عليها في الفقرتين السابقتين إذا كانت قد ارتكبت في منزل وكشف صاحب المنزل عنها عقب وقوعها وبادر في الحال باستدعاء أحد ضباط الشرطة القضائية لإثباتها. أما المادة 44 من نفس القانون السابق تنص (لا يجوز لضابط الشرطة القضائية الانتقال إلى مساكن الأشخاص الذين يظهر أنهم ساهموا في الجناية أو أنهم يحوزون أوراقا أو أشياء لها علاقة بالأفعال الجنائية المرتكبة لإجراء تفتيش إلا بإذن مكتوب صادر من وكيل الجمهورية أو قاضي التحقيق مع وجوب الاستظهار بهذا الأمر قبل الدخول إلى المنزل والشروع في التفتيش. هنا بودي أن أطرح سؤال استقراء من نص المادة 44 ماذا عن الأدلة التي بإمكانها أن تندثر لخاصية في محتواها في الفترة التي سيتم فيها تحرير الاذن ؟ ثم ليست كل الأدلة في مسرح الجريمة أوراق وشهود بل فيه أدلة مادية وبيولوجية فكيف للمحقق أو رجل الشرطة العلمية أن يحافظ على الأدلة لتحريزها والإذن لم يصدر بعد فهي آنية؟ ما يلاحظ أن عامل الزمن هنا قد لا يخدم المتحري بل يساعد على تمويه ملامح الجريمة المرتكبة خاصة أن المساهمين في الجريمة قد انتقلوا إلى مكان آخر وبإمكانهم فور الوصول طمس الأدلة خارج البيت ما يطرح فرضية مسرح جريمة افتراضي..فكيف للقوانين الجنائية هنا أن تحتوي مثل هكذا ثغرات ؟. وعودة الى تأكيد تساؤلي ففي بريطانيا مثلا ليس في القانون العام أو القوانين المكتوبة ما يخول للبوليس سلطة تفتيش المساكن بدون أمر تفتيش صادر عن الجهات المختصة بذلك. أما الجهات المختصة بإصدار أمر القبض بحسب القانون الجنائي لسنة 1967 فهم: قاضي المصالحات ضابط البوليس الأعلى في المركز قضاة المحكمة العليا. ويمكن سرد نقطة الاختلاف في مفهوم التلبس بالجريمة بين النظامين الفرنسي والأنجلوأمريكي إذ ينصرف وصف التلبس في النظام الفرنسي إلى الجريمة ذاتها في حين ينصرف الوصف في النظام الأنجلوأمريكي إلى الجاني ذاته وعلى ذلك أن الفعل أو الأفعال بذاتها هي التي تشكل انتهاكا للقانون الأمر الذي يتطلب مشاهدتها أو العلم بها وقت ارتكابها وإدراكها أدراكا سليما لا أن يجيء العلم بها في مرحلة لاحقة الأمر الذي يتطلب تواجد رجل البوليس في مسرح الجريمة. يتبع...