عادة ما يراقب الاولياء ما يشاهده ابناؤهم على شاشة التلفزيون من برامج، فيمنعون عنهم ما لا يتلاءم مع سنهم، ولكنهم لا يعلمون انه، وفي بعض الاحيان، فان القنوات الفضائية والمخصصة للاطفال يمكن ان تكون اخطر عليهم من افلام الكبار. ولو انها مخصصة للاطفال الذين لا تتجاوز اعمارهم، ورغم ان فيها رسوما متحركة، وافلام الدمى وغيرها من البرامج التي تبدو بريئة وموجهة بالدرجة الاولى الى الاطفال، الا ان ذلك لا يمنع كونها في بعض الاحيان ملغمة، أي ان بها لقطات لا يمكن ان يشاهدها الطفل، لان تلك القنوات ببساطة، هي قنوات اجنبية، ولان الطفل الاجنبي ليس كالطفل الجزا ئري، او ان ثقافتهما تختلف اختلافا جوهريا، فما هو مسموح في بعض البلدان الاوروبية، يعتبر ممنوعا حتى على الكبار منا، وهو ما يهمل ان يراقبه الاولياء احيانا، مطمئنين الى انه ما دام طفلهم يشاهد رسوما متحركة، او قناة مخصصة للاطفال، فانه لا خوف عليه. ونحن ننتقل بين بعض المحطات الفضائية، لفت انتباهنا منظر غريب، كنا في محطة "سي في او" الكندية المخصصة للاطفال والناطقة بالفرنسية، وكان هناك مسلسل لاطفال يقومون بمغامرات، عرفنا هذا بعد ان تابعناه الى النهاية، بعد ما راينا من مشاهد صدمتنا، فما ان مررنا المحطة حتى شاهدنا اطفالا في العاشرة من العمر، اتجهوا الى الحانة لكي ينادوا والدهم بها، وكان ومخمورا وفي حالة يرثى لها، موقف عادي بالنسبة للبيئة التي صوِّر فيها المسلسل، ولكن الامر يمكن ان يكون خطيرا على ابنائنا المسلمين، ولم يقتصر الامر عند هذا الحد، بل انه صور علاقة بين طفل في الرابعة عشر وفتاة في مثل سنه او تصغره بقليل، كان الاثنان يتبادلان القبل، وهو الأمر الذي لم يعد مستغربا عند الغربيين، فكرنا في التنقل الى المحطات الاخرى المخصصة للاطفال، والتي يمكنا ان يطلع عليها ابناؤنا عن حسن نية، فيصطدمون بمثل ما اصطدمنا به. وقد اشتكى لنا بعض الاولياء من الظاهرة التي صارت تزعجهم، من حيث انها، وكما قالوا لنا تجعل ابناءهم يتشربون بثقافة اخرى تؤثر على اخلاقهم ودينهم، وسمية، 39 سنة، واحدة من النسوة اللائي تعرضن الى موقف محرج، حيث انها صدمت بان رات ابنتها صاحبة الثالثة عشرة في و ضعية مشبوهة مع ابن عمها، هو الامر الذي كتمته عن العائلة، ونبهت ابنتها الى فضاعته، ولكنها مع ذلك احتارت في البداية عن سبب ذلك التصرف، وكيف انها جرؤت عليه، خاصّة، وانها ربتها احسن تربية، تقول لنا، لكنها انتهت بان اكتشفت مصدر ذلك الانحلال، وهو بعض الرسوم المتحركة التي تبث على قناة مخصصة للاطفال، والتي تصور، ليس فقط مشاهد العشق، ولكن حتى الخلاعة، وهو الامر الذي استغربته، ولم تحسب ان قنوات الاطفال هي الاخرى ملغمة، اما نسيم، فهو الاخر تفاجا باخيه صاحب العاشرة يشاهد امورا غريبة على الشاشة، اطفال في البيت حولوه الى ملهى ليلي ورا حوا يرقصون ويعربدون، كان الفيلم يصور كيف ان الاطفال يمكن ان ينحرفوا اذا ما تركناهم لوحدهم في البيت، ولكنهم لم يكتفوا بالاشارة الى ذلك، بل انهم قدموا كل ذلك الى الاطفال، وهو ما جعل نسيم يغير رايه في تلك القنوات، ويقرر ان يقطعها عن اخيه، اما نادية فهي الاخرى اشتكت لنا الامر ولكن من جهة اخرى، تقول انه حتى القنوات العربية، او بعضها، خاصة الخليجية المخصصة للاطفال يمكن ان تجعل الطفل يعيش عالما غير الذي اعتاد عليه، من مثل ان تصور له اطفالاً يركبون دراجات نارية، ويذهبون الى المسابح، ويعيشون حياة الترف والرفاهية، وهو ما لا يطابق حياتهم، ويجعلهم ينظرون الى اعلى، اما القنوات الغربية، تضيف، فيمكن ان تصور لهم ايمان الاطفال الغربيين بالمسيح، وتضرعهم لهم، وارتداءهم القلنسوة اليهودية، وغيرها من الامور التي لم يكبر اطفالنا بعد ليمكنهم الاطلاع عليه، ومن ثمة التفريق بين الصالحة والتي لا تصلح لهم. رغم ان بعض المناظر يمكن ان يصدم بها الطفل في حياته اليومية وفي دراسته، وربما في الافلام التي يراها خارج البيت، ولكن بث تلك المناظر في قنوات مخصصة للاطفال يجعل الامر عاديا، وهو ما يشكل خطورة على الاطفال بالدرجة الاولى.