باستثناء الجهود التي تقوم بها قناة الجزيرة للأطفال، يكاد الإعلام المتخصص الموجه للطفل العربي يكون معدوما في شقّه التلفزيوني، أما بقية القنوات الموجهة له فيبدو أنها تختزل مفهوم الإعلام المخصص للطفل في بثّ أفلام الكرتون المدبلجة بكل أنواعها على مدار الساعة دون أن تراعي في كثير من الأحيان أوقات البث وخصوصيات الفئة التي تخاطبها. أما على صعيد الإعلام المكتوب المتخصص، فلا يعدو الأمر أن يكون مجرد محاولات خجولة هنا وهناك كمجلة العربي الصغير الكويتية على سبيل المثال، في حين ينعدم تماما في دول أخرى، كالجزائر مثلا. العالم العربي لم ينتج سوى مائة مجلّة للطفل طيلة مئة عام. فلا غرابة إذن أن يحتل العرب ذيل القائمة بين شعوب العالم من حيث معدّلات القراءة، إذ لا يمكن بأي حال من الأحوال تصور ازدهار القراءة في العالم العربي إن كان الطفل أساسا لا يقرأ، لأن أغلبية الذين يمارسون القراءة أو المطالعة لأسباب مختلفة هم في الغالب أولئك الذين أتيحت لهم فرصة الاحتكاك بالكتب التي تحتوي على عناصر الجذب في مراحل متقدمة من حياتهم. ولاشك أن هذه الأرقام لن تتحسن كثيرا في ظل غياب إستراتيجية عربية متكاملة لتشجيع القراءة عند الطفل من خلال تأسيس مجلات متخصصة ذات شكل جذّاب ومحتوى مفيد، وكتب نافعة، إضافة إلى تطوير الكتاب المدرسي العربي الذي عجز عن كسب صداقة الطفل بسبب من أشكاله ومضامينه التعيسة، وإذا ما كره الطفل كتابه فإنه سيكره كل ما يتعلق بالعلم والثقافة لا ريب. وحش التلفزيون حاضر.. بقوة في المقابل، يبدو أن التلفزيون يسيطر تماما على الفراغ الذي خلّفه الكتاب.. إحدى الدراسات الحديثة ذكرت أن طفل القرن الواحد والعشرين يشاهد مائتي ألف فعل عنف و16 ألف جريمة على الشاشة قبل بلوغه الثامنة عشرة، وربطت الدراسة بين مشاهدة التلفزيون لساعات طويلة وبين الكسل والبدانة والعدوانية والانطوائية وغيرها من الأعراض والسلوكيات السيئة. إذن، ثمّة تحديات كبيرة لمواجهة هذا الوحش الذي يلتهم عالم الأطفال، قد تختلف الطرائق والوسائل لكن المؤكد هو أن الكتاب سيكون أحد أنجع الوسائل في تلك المواجهة.