المجاهد المرحوم بوعلام قانون ... المناضل الفذ والمشرف على أول مركز لصناعة القنابل إبان الثورة تزامنا مع الاحتفالات المخلدة للذكرى ال 55 لعيد الاستقلال تتذكر مدينة البليدة على غرار باقي ولايات الوطن شهداءها ومجاهديها الذين قدموا تضحيات جسام من أجل أن تحيا الجزائر ومن بين هؤلاء ابنها البار المجاهد المرحوم بوعلام قانون الذي كان من بين أنشط السياسيين والمناضلين منذ البدء في التحضير لاندلاع الثورة التحريرية المجيدة. ق. م يعد المجاهد المرحوم بوعلام قانون المشرف على أول مركز لصناعة القنابل التي استعملت في ثورة الفاتح من نوفمبر أحد مفجري الثورة التحريرية المجيدة رفقة محمد بوضياف وسويداني بوجمعة وغيرهم من الذين لم يبخلوا بالنفس والنفيس للذود عن استقلال الجزائر. ولد بوعلام قانون في 21 جويلية 1918 بدوار حلوية بالصومعة (شرق البليدة) وترعرع وسط عائلة ميسورة الحال لقنته المبادئ الدينية و الروح الوطنية. درس في المدرسة الابتدائية ثم تابع تعليمه في مركز التكوين المهني الفرنسي ببوفاريك ليفتح محلا بعدها بذات المدينة حسبما ذكره لوأج أحد أبنائه العشرة فوزي قانون. كان يتحلى بالشجاعة والفطنة والذكاء منذ صغره كما عرف باندفاعه في الذود عن الدفاع عن الجزائر ولم يكن يدخر في ذلك جهدا حسب فوزي قانون ارتبط اسم هذا البطل بأكبر الأسماء الثورية على غرار ديدوش مراد ومحمد بوضياف وبن يوسف بن خدة و سويداني بوجمعة وغيرهم لأنه عايشهم وكان في تواصل دائم معهم. الانخراط في النضال السياسي منذ الصغر انخرط المرحوم في النضال السياسي منذ نعومة أظافره حيث كان عضوا في حزب نجم شمال افريقيا ثم حزب الشعب في الثلاثينيات ليتدرج بعدها في عدة مسؤوليات في المنظمة الخاصة مما جعله محل بحث من طرف سلطات الاحتلال الفرنسي بعد انكشاف أمره سنة 1950. وفي أعقاب ذلك لجأ إلى عائلة صهره موايسي محفوظ بالمكان المسمى حوش القايلة ببلدية بوينان رفقة كل من سويداني بوجمعة وأحمد بوشعيب الذين أسسا أول مركز لصناعة القنابل بحلوية (الصومعة) لينتقلا بعدها إلى أولاد يعيش تحت إشراف بوعلام قانون الذي كان يختار المناضلين الذين يلتحقون بهذا المصنع شرط أن يكونوا أكفاء وأهل للثقة المطلقة. وكان هذا المركز الذي دشنه محمد بوضياف وسويداني بوجمعة في 14 ماي 1954 بأولاد يعيش يصنع القنابل والعبوات الناسفة والقنابل الحارقة التي استعملت في المعارك ضد جيش الاستعمار الفرنسي في الأيام الأولى لانطلاق ثورة الفاتح نوفمبر 1954 ورغم أن هذا الاسم لم يكن معروفا كثيرا إلا أن المهام التي أسندت إليه كانت ثقيلة جدا حيث كلف عشية التحضير للثورة بالتنسيق بين المجاهدين في الجبال ومسؤولي الحركة الوطنية آنذاك وبتجميع السلاح وتحضير مخططات للهجوم على الثكنات الفرنسية وصناعة 350 قنبلة تم تجهيز 150 منها ليتم نقل جزء كبير منها إلى الجزائر العاصمة في شاحنات ومنها ما تم شحنه في القطار نحو تبسة وغرب البلاد. و أصبح بوعلام قانون الذي ساهم في عملية جمع الأسلحة تحسبا لاندلاع الثورة بعدها مسؤولا في لجنة التنظيم والعمل للتحضير للثورة بطلب من المجاهد محمد بوضياف ثم مسؤولا على النظام شبه العسكري. يعد المرحوم من بين المجموعة التي حضرت لتفجير ثورة نوفمبر المباركة بالبليدة حيث شارك في أول اجتماع انعقد في أفريل 1954 بوادي بوشمعلة بالصومعة. وفي آخر اجتماع انعقد قبيل اندلاع الثورة المظفرة في منطقة المتيجة في 10 أكتوبر 1954 بأولاد يعيش. كما شارك بوعلام قانون في اقتحام ثكنة بوفاريك في الفاتح من نوفمبر 1954 رفقة عمر اوعمران وسويداني بوجمعة وصامت عمر ورابح عبد القادر. وكان أحد المجاهدين الذين اشتبكوا بمنطقة (40 والي) بمنطقة تالا حمدان بأعالي جبال الصومعة مساء الفاتح نوفمبر مع جنود الاحتلال الذين كانوا يقومون بعمليات تمشيط في هذه المنطقة كرد فعل على العمليات التي نفذها المجاهدون في غرة نوفمبر. السجن يحرمه من المشاركة في الثورة وفي 5 نوفمبر 1954 ألقي عليه القبض إثر وشاية استهدفته وسجن بسجن الحراش ليتم ترحيله إلى سركاجي ثم سجن لومباز بباتنة لينفى إلى سجن مرسيليا (فرنسا). لتبدأ معاناته مع التعذيب الوحشي وحكم عليه في عدة قضايا بالمؤبد والأشغال الشاقة ثم بالإعدام غير أنه عقب الإعلان عن وقف إطلاق النار سنة 1962 تم إطلاق سراحه. توفي المجاهد الرمز الذي لم تشأ الأقدار أن تترك له حرية اختيار الالتحاق برفقائه المجاهدين في الجبال في 3 جويلية 2007 عن عمر يناهز 89 سنة إثر مرض عضال ألزمه الفراش لعدة سنوات. وعقب استقلال الجزائر أصبح المجاهد المرحوم بمثابة مرجع يتم استشارته من طرف اللجنة المكلفة بجمع الشهادات والحقائق للولاية التاريخية الرابعة برئاسة المجاهد يوسف الخطيب لتأكيد أو نفي المعلومات كما كان يقدم محاضرات تاريخية في مختلف الجامعات إلى غاية وفاته. ولعل أكثر مقولة شهيرة كان يرددها بوعلام قانون -حسب ابنه فوزي- هي(يجب أن نتعلم العطاء والمسامحة بدون حساب) كما كان يوصي الشباب قائلا إن ثمن الاستقلال لم يكن بخسا ولهذا يجب عليكم توخي الحذر للمحافظة على هذا المكسب النفيس.