بقلم: الأستاذة سميرة بيطام سبحان من خلق وأبدع وخزن حقيقة الكون والبشر في أضعف مخلوقاته..و معظم المراجع باللغة الانجليزية فصلت بالتدقيق عن تجربة أكثر منه في المراجع العربية عن عالم الحشرات وعلم الحشرات الجنائي وهذا ما سأقوم بترجمته مستقبلا للقراء الكرام عن فنيات التحقيق الجنائي لمعرفة أسرار الجريمة والجاني وخباياها. فجمع الأدلة الجنائية من المشاكل الرئيسية في الاجراءات الجنائية وبدون هذه الأدلة لن تثبت الجريمة ولن تسند الى المتهم ولن يطبق قانون العقوبات ويجب على من يجمع الأدلة أن يلتزم بضمانات الحيطة والحذر حتى لا يتبدد الدليل خاصة ما كان منه مأخوذا من أثر الجاني أو المجني عليه أو ما تم التقاطه من مسرح الجريمة. فاذا كان المجني عليه المصاب ما زال حيا فلا يضحى به في سبيل المحافظة على الآثار ذلك لأن الحشرات التي تم تحريزها من على جسم الضحية ومن مسرح الجريمة أصبحت دلالة لقراءة جنائية أو ما يسمى بعلم الأحياء الجنائي وهو العلم الذي يعتمد على الحشرات المختلفة كأساس لكشف الواقعة الاجرامية ومن بعد وقوع الجريمة تنطلق حياة هذه الحشرات فكيف ذلك؟. لقد استخدم هذا العلم لأول مرة في الصين سنة 1235 م لكشف لغز مقتل مزارع صيني على إثر قتله بمنجل فطلب زعيم القرية من المزارعين إحضار مناجلهم ووضعها على الأرض فما هي إلا دقائق معدودة حتى تجمع الذباب (ذباب المنازل) حول أحد المناجل وهنا تم التعرف على المجرم الحقيقي بسبب رائحة اللحم والدم على منجله فعلى الرغم من تنظيفه الجيد للمنجل إلا أن الذباب إشتم الرائحة وإلتصق به نشرت هذه الحادثة من طرف المحامي * سونج تسو * ثم قام هذا المحامي والمحقق بدراسة الجثث قبل وبعد الدفن وفي هذه الفترة لم يتم بعد إكتشاف الرابطة التي تربط بين الذباب وبيضه وبين الدود الموجود على الجثة. أعتبر أول تطبيق فعلي لعلم الحشرات الجنائي في سنة 1855 مع الطبيب * بيرجرتي * من عوامل التحلل البيولوجي للجثث وغالبا ما تحتوي على مؤشرات ذات قيمة كبيرة في التحقيقات الجنائية فهي تقدم معلومات تتعلق بالزمان والمكان ولذلك وجب دراسة الحشرات وأماكن تواجدها وبيئتها الأساسية. فعلم الحشرات الجنائي له إستخدامات عديدة في مجال الطب الشرعي وأهمها تقدير زمن الوفاة الذي مضى على الجثة من خلال نوع الحشرة الموجودة فوقها من خلال دورة حياتها ويتم تحديد عمر الحشرة من خلال طولها ووزنها ويمكن أيضا بواسطتها تحديد مكان الجثة فهناك بعض الحشرات من تتواجد في البيئة المغلقة وهناك من تتواجد في البيئة المفتوحة وعدم وجود الحشرات فوق الجثة قد يكون بسبب حفظها في الثلاجة أو في مكان محكم الإغلاق. و قد أكد العلماء أن الحشرات تغزو الجسم بمراحل فكل مرحلة لها حشرات خاصة بها فهناك من تغزو الجسم في بداية مرحلة التحلل وهناك من تغزوه بعد التعفن ونجد أن الخنافس تغزوه بعد أن يهترأ ويتحلل. وغالبا ما تختار الحشرات الأعضاء المفتوحة من جسم الإنسان لوضع بيضها كالأنف والفم والأذن وكذلك الجروح المفتوحة. و بأكثر تفصيل فان الحشرة عندما تحط على جثة فإنها ستبحث لها عن مكان تضع فيه بيضها فاذا كانت الضحية قد أصيبت بأعيرة نارية فالغالب أن الحشرة تضع بيضها مكان الجرح و قد أكد علم الأمراض انه بالإمكان تحديد عمر الوفاة اذا لم يمض عليه اثنان وسبعون ساعة و هنا الحشرات تتغذى من الجثة ويجب الأخذ بعين الاعتبار مكان تواجد الحشرة ودرجة الحرارة للمكان وللجثة و تاريخ جمعها والطريقة التي تمت بها عملية الجمع. هذا وللعلم أن الجثة تمر على أربع أو خمس مراحل للتحلل حيث يتم الربط بين مرحلة التحلل ونوع الحشرات وعمرها كما أن علم الحشرات الجنائي دل على أن الجثة التي تحتوي على الكوكايين تنمو فيها اليرقات بشكل أسرع و الجثة التي تم حفظها ثم نقلها يمكن الكشف عنها بسهولة وهذا لأن الحشرات واليرقات لا تتواجد عليها بسهولة. هذا ومن خلال هذا السرد المختصر يمكن أن نخرج بمجموعة من التوصيات كتمهيد للنشر الواسع لهذا العلم من خلال تقنين القوانين وتحديد آليات تطبيقها وهي : 1-تعريف القارئ العربي والمختص القانوني بأهمية علم الحشرات ودوره في تثمين ملف العدالة بالأدلة الصحيحة. 2-تشجيع المسؤولين والمهتمين على انشاء مخبر في الشرق الوسط يضم مختلف أنواع الحشرات ويجهز ببنك للمعلومات كالذي وضع للبصمة الوراثية او DNA. 3-اعداد قاموس في المصطلحات التي تحوي أسماء الحشرات وأنواعها وفصيلتها وأماكن تواجدها ومعرفة موطن ميلاد الحشرة يسهل مسار الكشف عن جنسية الجاني فيما ان كانت الحشرة الموجودة على الجثة من أصل آسياوي فهذا معناه أن الجاني ارتكب الجريمة وهو من آسيا.. وكلما نقلت الجثة الى مكان آخر تفضحه جنسية الحشرة وأصل انتمائها. 4-تحديث جهاز الشرطة العلمية وتقنيي المخابر بتكوين خاص للتعريف أكثر بعلم الحشرات الجنائي مما يسهل عليهم مهامهم. هذا وعندما نقرأ اكتشاف الدكتور المصري على رسمي أستاذ الحشرات بالمركز القومى للبحوث تشعر بالخوف والطمأنينة في نفس الوقت الخوف من حكايات الجثث والقتلى والطمأنينة لمعرفة من قتل هذه الجثة. قال الدكتور على رسمى إنه تمكن من كشف جديد في استخدام الحشرات في الكشف عن جرائم التعذيب والاغتصاب ويعتبر دليل إدانة على فاعل هذه الجريمة. وأضاف أن هذا الاكتشاف يجمع بين الطب الشرعى ومجالاته المختلفة في الكشف عن القاتل الرئيسى وهو استخدام الذباب الأزرق في الكشف عن الجرائم من خلال وصول طريقه إلى الجثة ثم وضع بيضه عليها ومنها يتحول البيض إلى ديدان وهي سابقة تعد من النوع الأول على مستوى العالم في استخدام حشرات معينة للتعرف على آثار التعذيب في الأشخاص الأحياء منهم والأموات وكذلك التوصل للجاني في جرائم الاغتصاب حتى ولو أسفرت عن وفاة الضحية. وأشار إلى تحديد فترة وفاة الجثة من خلال تحديد عمر الدودة التي وضعتها الذباب الأزرق على الجثة ومنها يتم تحديد متى توفت الجثة والتعرف على الأشخاص الموجودين في اليوم الذي تم الكشف عنه من خلال فترة حياة الدودة. وأوضح أن هذا الاكتشاف يعد توثيقا لجرائم التعذيب في المعتقلات وذلك عن طريق وجود الحشرات على مكان مخرج بول الإنسان لعدم قدرته على التبول العادي وأنه في حالة تقييد وعدم حركة والكشف أيضا عن تعذيبه بعينيه عن طريق إغماء عينيه وأكل الحشرات له وهذا يؤكد أنه تم إغماء عينيه أثناء التعذيب مما أدى إلى تآكل عينيه مع وجود تقرحات على المنطقة التناسلية للمتوفى وفى أماكن ربط الأيدي والرجلين تجد الحشرات على أماكن التقرحات. سبحان من خلق وأبدع وصور.. وللموضوع تفاصيل طويلة سنسرد جزئياتها مستقبلا ان شاء الله...و يبقى فوق كل ذي علم عليم... *استخدام الحشرات في الكشف عن الجرائم.. أهمها الذباب الأزرق والخنافس والعناكب.. تحديد وقت وفاة الجثة وتوثيق جرائم التعذيب بالمعتقلات سلمى الكحيل على الموقع التالي : http://www.vetogate.com/1069364