124 دليل جعلت الجاني ينهار ويعترف بالجريمة فكك المعهد الوطني للأدلة الجنائية وعلم الإجرام ببوشاوي بالعاصمة، أخيرا، خيوط جريمة القتل التي راح ضحيتها المحامي ''ن.خ''، 50 سنة، ورجل أعمال، في رمضان 2012، حيث أظهرت التحقيقات أن الجاني صديق حميم لهما، وتجمعه بهما علاقة منذ 10 سنوات. وصف المدير العام للمعهد، العقيد مسعودي عبد الحميد، خلال ندوة صحافية أمس، الجريمة بالمعقدة، باعتبار أن الجاني قام برمي أجزاء من الجثتين في ثلاثة أماكن مختلفة، ما صعّب في البداية تحديد هوية الفاعل، غير أنه بعد 20 يوما من التحقيقات، تم فك لغز هذه الجريمة التي اعتمد فيها على جمع 124 دليل، شملت 62 تحليلا بيولوجيا، ونتائج توصل إليها مختصون في علم الحشرات والسموم، و45 بصمة، مع التركيز على المكالمات الهاتفية التي أجراها المتهم. كما كشف المصدر أن الفاعل، البالغ من العمر 31 سنة، كان في كامل قواه العقلية، فهو ليس مدمن مخدرات أو معتادا على الإجرام. أما في تفاصيل القضية، فالجاني الذي يعمل في الترصيص، كان على علاقة بالضحيتين وسرعان ما تطوّرت إلى صداقة، إذ كان الجميع يلتقون في منزل استأجره رجل الأعمال المقاول بزرالدة، حيث كان يقيم معه صديقه المحامي. غير أنه بتاريخ 3 أوت 2012، المصادف لشهر رمضان 2012، وبعد مناوشات كلامية وقعت بين الضحيتين والمتهم، وقعت الجريمة التي ارتكبها هذا الأخير ببشاعة، لم تردعه فيها حرمة الشهر الكريم، إذ قتلهما ثم قطع الجثتين إلى عدة أجزاء، ورماهما في عدة أماكن، ليعود إلى منزله وكأن شيئا لم يحدث. غير أنه بتاريخ 4 أوت 2012، على الساعة الخامسة صباحا، عثرت دورية تابعة للكتيبة الإقليمية للدرك الوطني بزرالدة على كيسين كبيرين بمحاذاة غابة قرية بن ناصر، تحتويان على جثتين مفصولتي الرأس والأطراف العلوية والسفلية. وبعد تنقل فرقة الدرك الوطني بالسويدانية رفقة الشرطة التقنية والعلمية والحماية المدنية، اكتشف بعد معاينة الجثتين أنهما تحملان آثار طعنات خنجر، بينما عثر على رأسي الضحيتين بشاطئ ''بالم بيتش'' بزرالدة، وأطرافها بمحاذاة الطريق بحي عمارة ببلدية الشرافة. وكان لغز هذه الجريمة قد حيّر في البداية المحققين، الذين كان عليهم تحديد هوية جثتي الضحيتين اللذين ينحدران من ولايتي تيارت والجلفة، فكان الاستنجاد بالمعهد الوطني للأدلة الجنائية وعلم الإجرام، وخلية الشرطة التقنية للمجموعة الولائية للدرك الوطني بالعاصمة، إذ تم رفع جميع البصمات التي عثر عليها داخل سيارة استأجرها من وكالة لكراء السيارات استعملها الجاني في تنقلاته، عثر عليها بحي ''عدل'' في زرالدة، إضافة إلى أخذ آثار دمه التي كانت على جدران الشقة التي ارتكبت فيها الجريمة، وعلى علبة صابون في الحمام. وأظهرت النتائج أن الآثار البيولوجية تعود للمتهم ''ب.ر'' الذي نفى في البداية ارتكابه للجريمة، ونسج سيناريو للتنصل من العقوبة، إذ صرّح أنه كان يوم الحادث رفقة صديقيه المحامي والمقاول، وسرعان ما تهجم عليهم أحد الأشخاص، قام بذبح صديقيه، وطلب منه مساعدته في التخلص من الضحيتين، إن أراد النجاة بحياته. ولكن السيناريو الذي حبكه الجاني لم ينقذه من التهمة أمام الأدلة العلمية التي توصل إليها المعهد، حيث انهار بعد مواجهته بها، وقال إنه ارتكب الجريمة بمفرده، مصرّحا أنه تناول الفطور رفقة الضحيتين ثم خرجوا لقضاء حاجيات، وبعد عودتهم، وقعت مناوشات بينه وبين المقاول ليطعنه بسكين، وعند تدخل المحامي، قام بطعنه أيضا. وللتخلص من الجثتين، قام بتقطيعهما ووضعهما في أكياس بلاستيكية، ليكشف عن مكان تواجد رأس الجثتين. غير أن الشيء الذي مازال يحيّر المحققين هو أسباب ارتكاب الصديق للجريمة، ولعل هذا أهم ما ستكشف عنه محاكمته لاحقا بعد إيداعه الحبس المؤقت بالحراش. كما تورط في القضية شخص آخر كان، اشترى الهاتفين النقالين للضحيتين من المتهم بالقليعة. من جانب آخر، ذكر العقيد مسعودي أن المعهد عالج منذ بداية السنة الجارية 103 قضية أحيلت على العدالة، وأن تكلفة التحاليل التي يتم إجراؤها سنويا لكشف ملابسات الجريمة تكلف 120 مليون دينار، مبرزا أن التحاليل البيولوجية هي المكلفة ماديا، وتأخذ وقتا طويلا.