تواصلت احتجاجات سكان حي ديار المحصول بالمدنية في العاصمة، والتي بدأت بحر الأسبوع الماضي وجسّدها استمرار غلق الطريق المؤدّي إلى الحي، ممّا أدّى إلى عرقلة حركة المرور نوعا ما· علما أن الاجتماع الأخير الذي جمع ممثّلي الحي مع الوالي المنتدب لدائرة "سيدي امحمد" لم يفض إلى أيّ نتائج بعد أن اِلتزم ممثّلو الحي بضرورة ترحيل كلّ سكان الحي دفعة واحدة وإفادتهم بتاريخ الترحيل، ممّا أدّى إلى عدم التوصّل إلى حلول إيجابية، ما انجرّ عنه استمرار غلق الطريق بالحواجز الحديدية مع بقاء التعزيزات الأمنية وتطويق مداخل ومخارج الحي، خاصّة وأنه يتوسّط هيئات هامّة على غرار وزارة السكن وكذا مقام الشهيد· واقتربت "أخبار اليوم" من بعض سكان حي ديار المحصول الذين لا تقلّ مأساتهم عن مآسي أحياء أخرى على غرار ديار الباهية وكذا حي ديار الشمس، خاصّة وأن معظم العائلات تعيش في غرفة واحدة منها المطبخ ومنها الحمّام ومنها قاعة الجلوس وغرفة النّوم، ممّا أدّى إلى خروج العشرات من شبّان الحي في تلك الاحتجاجات من أجل انتشالهم من تلك القبور التي لا تتّسع إلاّ لفردين على الأكثر بالنّظر إلى الكثافة السكانية التي يشهدها الحي، والذي يعود بناءه إلى الحقبة الاستعمارية· وقد اقتربنا من أحد السادة بذات الحي الذي قال إن الطريق سيبقى مغلقا "ولن نسكت عن حقّنا، إذ كيف لعائلة تكوّن من 12 فردا أن تُحشر في بيت واحد ليقتسمه أفرادها في النّوم والأكل والشرب؟ ممّا ولّد العديد من المشاكل الاجتماعية داخل الأسر، خاصّة تلك التي تشتمل على عائلتين بعد تزويج الأبناء"، وهناك من يطاردهم شبح العزوبية وهم في سنّ الخمسين فما فوق، والسبب في ذلك هو أزمة السكن التي تعدّ أمّ باقي الأزمات التي تتخبّط فيها أغلب العائلات بالحي· وعلى العموم فإن كلّ العائلات الجزائرية تعاني من أزمة الضيق الخانق الذي أفرزته بيوت الحقبة الاستعمارية، ليضيف أن مطالبهم شرعية ومن حقّهم الاستفادة من مساكن لائقة مثلهم مثل باقي البشر تنسيهم غمّ وهمّ تلك الأقفاص التي عاشروها لأكثر من 50 سنة· ويبدو أن النقطة التي أفاضت الكأس وألهبت فتيل الاحتجاجات بديار المحصول بالمدنية هي قائمة السكنات الاجتماعية التي أفرزتها البلدية لاستفادة 80 عائلة من سكنات جمعت بعض نواحي المدنية، على غرار ديار السلام والنّاظور، وكذا بعض العائلات من ديار المحصول، ممّا أشعر العائلات الأخرى التي تتخبّط في نفس المأساة بالإجحاف والتهميش وجعلها تنتفض وتخرج إلى الشارع مطالبة بحقّها في امتلاك سكن لائق كغيرها من البشر· ** ··· ولجان إحصاء تحلّ ب "الباهية" عمّت الفرحة والبهجة بديار الباهية بالمدنية بعد أن توافدت إلى سكانها صبيحة أمس لجان الإحصاء بغرض إحصاء العائلات، وهو الإجراء الأوّل الذي يسبق عملية الترحيل· وتجدر الإشارة أن ديار الباهية كانت قد عرفت موجة من الاحتجاجات يوم الثلاثاء الماضي من أجل الوصول إلى حلول جادّة تنتشل سكانها من تلك الأقفاص التي قضوا بها أكثر من 60 عاما· وقد اقتربت "أخبار اليوم" من بعض العائلات وشاركتهم فرحتهم، التي جسّدتها تلك الابتسامات التي ظهرت على وجوههم بعد استكمال عملية الإحصاء، وهي الخطوة التي ستؤدّي بهم إلى مغادرة تلك الأقفاص إلى الأبد·