قطاع الفلاحة رهان الحكومة لتقليص فاتورة الاستيراد ** يمكن اعتبار القطاع الفلاحي من القطاعات الإستراتيجية المهمة والتي تعول عليها الحكومة الجزائرية مستقبلاً ليكون أحد الروافد المهمة للاقتصاد الوطني ويشكل بالتالي أحد الموارد المالية والاقتصادية الهامة للخزينة العامة لدولة فهذا القطاع الحيوي والذي يمكن أن يحقق الاكتفاء الذاتي للدولة وفي مجالات غذائية كثيرة فالطبيعة الخصبة لكثير من المناطق الجغرافية وخاصة السهلية منها حيث يوجد أن هناك حوالي 20 مليون هكتار من المساحات السهلية غير المستغلة في معظمها بالشكل الكافي والتي يمكن أن تجعل من الجزائر أول بلد مصدّر لعدد كبير من الخضر والفواكه والمحاصيل الزراعية إلى الكثير من الدول الأوروبية والعربية والإفريقية وتقدّر المساحة الصالحة للزراعة في الجزائر بحوالي 8.5 مليون هكتار أماَّ النسبة المستغلة منها فلا تتعدى ما مساحته 3.1 بالمائة وتبلغ نسبة الأراضي المرورية منها حوالي 2.6 بالمائة وهو ما يراه الأستاذ المختص في الاقتصاد بجامعة جيجل الأستاذ عميروش شلغوم دليلاً على عدم استعمال الوسائل التكنولوجية المتطورة في عمليات ريّ الأراضي وسقيها والاعتماد شبه الكلي على ما تجود به السماء سنوياً من مياه تستعمل أغلبها في سقي المزروعات الشتوية بالخصوص ورغم كل الإمكانيات الهائلة التي تتميز بها الجزائر في المجال الفلاحي والزراعي ووجود كذلك أكثر من 4.2 مليون هكتار من الغابات وحتى بالنسبة لقطاع الصيد البحري فإن بلادنا زيادة على طول سواحلها التي تناهز 1622كلم هناك حوالي 9 ملايين هكتار من المناطق الساحلية صالحة لصيد البحري فالجزائر استوردت بأكثر من 7.53 مليار دولار العام الماضي لتلبية حاجياتها الغذائية المتزايدة فيما بلغ حجم صادراتها الزراعية 170 مليون دولار في سنة 2012 مثلاً. القطاع الفلاحي والذي يعرف عجزاً يقدر بحوالي 30 بالمائة في مجال الإنتاج الزراعي لوحده وبالتزامن مع ذلك فإن بلادنا كذلك تعرف عجزاً في الإنتاج الحيواني وبنسبة تقدر بأكثر من 50 بالمائة تعوضها عن طريق الاستيراد الذي تجاوزت فاتورته الإجمالية 51.4 مليار دولار سنة 2015 وبالتالي إذا رغبت الجزائر في تقليص فاتورة الواردات لتصبح في حدود 41 مليار دولار مع نهاية العام الجاري مثلما تطمح إلى ذلك وزارة التجارة الوطنية على الحكومة الجزائرية إتباع سياسة وطنية مشجعة من خلال دعم القطاع الفلاحي والذي يمكن أن يكون الرافعة التي ستساهم في تحقيق تلك الإستراتيجية الوطنية الرامية إلى تخفيض نسبة الواردات التي تستنزف المواد المالية للبلاد في السنوات القليلة القادمة وذلك عن طريق معالجة المشاكل والنقائص التي يعرفها هذا القطاع ومنها قلة المساحة الصالحة لزراعة وكذلك ضعف التحكم في الموارد المائية بسبب تذبذب التساقط وضعف تساقط الأمطار في العديد من المناطق الجغرافية وقلة العتاد اللازم لزراعة وأيضاً ديون البنوك والتي تثقل كاهل الفلاحين لأن خسائرهم المالية تكون كبيرة جداً في المواسم التي تشهد حدوث كوارث طبيعية كالفيضانات أو السيول الجارفة والتي قد تقضي على المواشي أو المحاصيل الفلاحية والزراعية بالإضافة إلى نقص اليد العاملة المؤهلة المختصة وفي مجالات زراعية عدَّة وفشل الاستراتيجيات الزراعية المتبعة منذ 1963 في تحقيق الاكتفاء الذاتي وفشل السياسات الاستصلاحية للأراضي الفلاحية وخاصة في مناطق الجنوب في ظلِّ غياب دراسات طبوغرافية وميدانية مفصلة عن أماكن تواجد الأراضي الفلاحية الصالحة للزراعة في المناطق الجنوبية والصحراوية وانتشار ظاهرة البناء وعلى نطاق واسع في المناطق الشمالية الصالحة كالزراعة وذات الجودة الإنتاجية العالية كسهل متيجة الزراعي ومن أجل معالجة هذه المشاكل على المختصين والمسؤولين عن هذا القطاع إتباع مجموعة من الإجراءات والخطوات العملية كتوسيع استصلاح الأراضي الزراعية وخاصة في مناطق الجنوب وذلك باستعمال تقنيات زراعية وعلمية متطورة والقيام بإنشاء المزيد من السدود والتي يجب تكون مخصصة بالأساس لدعم القطاع الفلاحي مائياً وإنشاء المعاهد والمدارس الفلاحية وفي كل ولاية تقريباً وذلك من أجل رفع نسبة اليد العاملة المؤهلة واستخدام البيوت البلاستيكية لحماية المزروعات الموسمية من الآفات التي تصيبها أو من التقلبات المناخية التي تقضي على معظمها في كثير من الأحيان وتقديم المزيد من الدَّعم المالي للفلاحين ودعم المنتجين منهم بالعتاد الفلاحي المتطور وإصلاح نظام التأمينات الاجتماعية الصحية ليشمل الفلاحين الصغار والاعتناء بمختلف رؤوس الماشية والأبقار المنتجة لمادة الحليب التي تستوردها بلادنا وبكميات معتبرة بالرغم من توفرها على كل الإمكانيات الطبيعية والحيوانية التي من الممكن أن تجعل الجزائر من الدول المصدرة لهذه المادة إن تمَّ الاهتمام برعاية هذه الحيوانات طبياً وإنتاجياً فالقطاع الفلاحي يمكن إن كانت هناك إرادة سياسية وإستراتيجية وطنية متكاملة بعيدة المدى أن يكون بديلاً أكيداً عن النفط الخام وكذلك يجب دعم التنافسية الإنتاجية بين المواليين والفلاحين وتقديم منح ومكافئات مالية مجزية لهم من أجل ضمان استمرار يتهم في هذا القطاع الذي يشهد نزيفاً مستمراً كل سنة للأسف الشديد.