** ابتليت بمشاهدة المواقع الإباحية ووصل الأمر معي إلى حد الإدمان وبعد كل مرة أتوب ولكن سرعان ما أرجع إلى الذنب مرة أخرى فماذا أفعل؟ هل طمس على قلبي وحيل بيني وبين التوبة؟ هل مشاهدة المواقع الإباحية من الصغائر فتكفرها الصلوات؟ * أجاب على السؤال الشيخ عصام الشعار عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بالقول: بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد·· فنسأل الله تعالى أن يرزقنا وإياك خشيته في السر والعلن وألا يجعلنا من الذين إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها·· آمين· أما الجواب عن سؤالك فمشاهدة المواقع الإباحية كونها من الكبائر أم من الصغائر هذا يتوقف على حال من يشاهدها، فالذي يقع في هذه المعصية مرة ثم يتوب ففعله ليس من الكبائر، أما الذي يصر على مشاهدة المناظر الإباحية فهذا مقترف لكبيرة من الكبائر في هذه الحالة، فالإصرار على المعصية حتى وإن كانت من الصغائر يجعلها من الكبائر· قال الإمام الغزالي في الإحياء: اعلم أن الصغيرة تكبر بأسباب منها الإصرار والمواظبة ولذلك قيل لا صغيرة مع الإصرار ولا كبيرة مع الاستغفار· وقال البدر الزركشي: والإصرار يكون باعتبارين: أحدهما: حكمي، وهو العزم على فعل تلك الصغيرة بعد الفراغ منها، فهذا حكمه حكم من كررها فعلاً، بخلاف التائب منها، فلو ذُهل من ذلك ولم يعزم على شيء فهذا هو الذي تكفره الأعمال الصالحة من الوضوء والصلاة والجمعة والصيام، كما دل عليه الأحاديث· والثاني: الإصرار بالفعل· فالإصرار على الصغيرة يجعلها كبيرة لا تكفرها الصلاة، بل لا بد من التوبة منها بشروطها· والمشكلة ليست في كون هذه المعصية من الصغائر أم الكبائر، لكن المشكلة تكمن في الجرأة على الله ومبارزته بالمعصية، فالذي يأمن عاقبة الذنب على خطر عظيم، وقديما قال سلفُنا الصالح: "لا تنظر إلى صغر الذنب ولكن انظر إلى عظمة من عصيت"· فالاستهانة بالذنب خطرُها عظيم، لأنها تورِّث في القلب النفاق، فكما قال ابن مسعود -رضي الله عنه: المؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه، وإن المنافق يرى ذنوبه كذباب مر بأنفه فقال به هكذا· فالذي يتذكر عاقبة الذنب في الدنيا والآخرة لما تجرأ على الله وبارزه بالمعصية، وصدق الله "فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ" (النور: 63) ولذلك يحذر النبي صلى الله عليه وسلم من الاستهانة بصغار الذنوب فيقول: "إياكم ومحقرات الذنوب، فإنما مثل محقرات الذنوب كمثل قوم نزلوا بطن وادٍ فجاء ذا بعودٍ وجاء ذا بعودٍ حتى جمعوا ما أنضجوا به خبزهم، وإن محقرات الذنوب متى يُؤخذ بها صاحبها تهلكه" رواه أحمد والطبراني· وعند النسائي وابن ماجه من حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: "يا عائشة إياك ومحقرات الذنوب فإن لها من الله طالباً"·