جثث بعض جنود القذافي القتلى في القصف استهدفت غارات جوية لقوات التحالف الدولي بلدة سبها جنوب العاصمة الليبية طرابلس ومناطق بين أجدابيا وسرت شرقها، في حين أكدت فرنسا تدمير طائرات تابعة لقوات العقيد معمر القذافي بقاعدة مصراتة الجوية. يأتي ذلك بعدما تمكن الثوار من السيطرة بشكل كامل على مدينتي أجدابيا والبريقة شرق البلاد. وذكر التلفزيون الرسمي الليبي نقلا عن مصدر عسكري أن الغارات استهدفت مناطق عسكرية ومدنية في سبها. كما نقل متحدث حكومي ليبي أن كتائب القذافي بين أجدابيا التي انسحبت منها أمس وسرت إلى الغرب منها، تعرضت لقصف عنيف شنته قوات التحالف. من جهتها أعلنت القوات المسلحة الفرنسية أن طائرات حربية فرنسية دمرت خمس طائرات عسكرية ليبية ومروحيتين في القاعدة الجوية بمصراتة (200 كلم شرق طرابلس) خلال الساعات الماضية. وقال المتحدث باسم القوات المسلحة الفرنسية تييري بوركار إن جميع الطائرات الليبية السبع دمرت أثناء استعدادها لتنفيذ هجمات في المنطقة. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن متحدث باسم الثوار وطبيب أن مدينة مصراتة تعرضت مجددا "لقصف عنيف" من قوات القذافي، مما أدى إلى سقوط ثلاثة قتلى على الأقل. وقال المتحدث طالبا عدم كشف اسمه "كما يحصل يوميا قصفت قوات القذافي بشكل عشوائي مدينة مصراتة، كما يواصل قناصون ترهيب السكان"، مؤكدا "وقوع قتلى وجرحى". ونقلت الوكالة ذاتها عن طبيب قوله إن ثلاثة أشخاص قتلوا يوم السبت، مما يرفع إلى 117 عدد القتلى منذ 18 مارس الجاري في هجوم قوات القذافي على هذه المدينة، وهي ثالث أكبر مدن البلاد وأهم المدن التي يسيطر عليها الثوار غربا. وأكد المتحدث باسم الثوار أن "عشرات القناصين أرسلوا السبت إلى مصراتة" حيث أخلت القوات الموالية للقذافي بالقوة منازل تقع غرب المدينة. وقال إن "مصراتة في خطر ونطالب بتدخل عاجل للمجتمع الدولي لحماية السكان"، مشيرا إلى أن "طائرات التحالف كانت تحلق مساء السبت فوق المدينة". من جانبها نقلت وكالة رويترز عن شاهد عيان اسمه سعدون أن "قصف قوات القذافي توقف حينما ظهرت طائرات التحالف في سماء مصراتة". وبوقت سابق قال شاهد العيان إن قوات القذافي شنت هجمات على مصراتة من جهتي الغرب والشرق وقصفت ميناء المدينة بقذائف الهاون والمدفعية. وأضاف أن القذافي "سحب قواته من أجدابيا والبريقة ليتمكن من وضع كل ثقله في مهاجمة مصراتة وتحقيق الفوز كي يتمكن من السيطرة على الغرب كله في مقابل خسارة الشرق كله". وفي السياق قال مراسل الجزيرة إن الثوار يسيطرون بالكامل على مدينة البريقة (80 كلم عن أجدابيا) بعدما انسحبت منها كتائب القذافي، وإنه لا أثر لتلك الكتائب إلا لبعض الآليات التي تركت على جوانب الطرقات. وكانت قوات الثوار قد دخلت مدينة أجدابيا من مداخل عدة وسيطرت عليها بالكامل، وقتلت وأسرت بعض عناصر كتائب القذافي. كما أفادت مصادر بأن اللواء بلقاسم إبراهيم القانقا أُسر في مدينة أجدابيا بعد تحريرها. ونقلت مصادر صحفية عن الثوار إنهم قتلوا وأسروا عددا من عناصر كتائب القذافي في المعارك التي دارت للسيطرة على أجدابيا، المدينة الإستراتيجية الواقعة جنوب بنغازي معقل الثوار. وسهلت قوات التحالف التي شنت غارات عنيفة على كتائب القذافي عند المدخلين الشرقي والغربي لأجدابيا المهمة على الثوار، مما جعلهم أكثر تنظيما من ذي قبل، واستطاعوا القيام بما وُصف بمحاولات التفافية ضد قوات القذافي. وأوضح العقيد جمال الزاوي -أحد قيادات شباب ثورة 17 فبراير- في وقت سابق أن الثوار مشطوا مشارف البريقة واستولوا على ما تركته قوات القذافي من راجمات صواريخ وأسلحة وذخيرة بعد فرارها من القصف الجوي. وأكد أنه لم تحدث أمس السبت أي مواجهة مع كتائب القذافي بعدما فرت على وقع الضربات الجوية للتحالف. وأكد خالد كعيم نائب وزير الخارجية الليبي سقوط أجدابيا بيد الثوار، وعزا الانسحاب إلى "القصف الكثيف المركز على الأحياء السكنية والمدنية من قبل القوات الغربية"، متهما قوات التحالف بتوفير غطاء جوي للثوار، وقال إنها ضالعة بشكل كبير في تقدمهم. وفي هذا الخصوص اتهم وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس قوات القذافي بنقل جثث للضحايا التي تسقط بهجماتها إلى المواقع التي تتعرض لضربات الائتلاف للإيحاء بأنهم ضحايا قصف الحلفاء. وقال غيتس في مقابلة تبثها اليوم شبكة سي.بي.أس الأميركية وعرضت مقتطفات منها السبت "لدينا تقارير استخبارية عدة تفيد بأن القذافي ينقل جثث الناس الذين قتلهم لعرضها في المواقع التي هاجمناها". وأكد أن النظام الليبي يتهم قوات الائتلاف بالتسبب في مقتل عدد كبير من المدنيين، إلا أن طياري الولاياتالمتحدة وباقي الدول المشاركة يظهرون "حيطة قصوى" لتفادي ذلك، لكنه أقر أن "الحقيقة هي أننا نجد صعوبة في التحديد بدقة ما إذا كنا مسؤولين عن سقوط ضحايا مدنيين". وأكد المسؤولون العسكريون في التحالف مرارا خلال الأيام الماضية أنه "ما من مؤشر لسقوط ضحايا مدنيين" بعد الضربات الجوية. من جهتها أعلنت وزارة الدفاع الأميركية أن وتيرة العمليات الجوية التي شنتها دول التحالف في ليبيا لم تنحسر السبت مع تسجيل 160 طلعة جوية مقابل 153 في اليوم السابق. وحسب حصيلة صادرة عن الوزارة للعمليات خلال الساعات ال24 الأخيرة فإن ثلثي المهام الجوية المسجلة (96 مهمة) هي ضربات جوية، أما الباقي فهي طلعات تهدف إلى فرض احترام منطقة حظر جوي. ومن المفترض أن يتم نقل مهام حظر الطيران في الأيام المقبلة إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو)، في حين أن مهام حماية المدنيين التي تشمل ضربات على أهداف برية ضد القوات الليبية ستبقى من مسؤولية دول التحالف. وأشارت الوزارة الأميركية إلى زيادة مشاركة باقي دول التحالف خلال الأيام الماضية في العملية العسكرية. ويؤكد المسؤولون السياسيون والعسكريون الأميركيون دائما أن الالتزام الأميركي سيتقلص تدريجيا ليصل إلى دور مؤازرة.