بعد الإدمان عليها من طرف ملايين المستخدمين الشبكات الاجتماعية ... خطر على الخصوصية أم فرصة للتواصل؟ مع تزايد استخدام الشباب للشبكات الاجتماعية تتزايد تحذيرات الخبراء من سوء استخدام ما يتم نشره من معلومات خاصة فهل تعد تلك الشبكات خطرا على الخصوصية وهروبا من الواقع أم هي قناة للتواصل وفضاء للتعبير؟ خ.نسيمة /ق.م أظهرت دراسة قام بها معهد يوجوف سايكونوميكس المتخصص في دراسة الأسواق أن عدد مستخدمي فايسبوك حتى نهاية عام 2009 فاق عدد سكان الولاياتالمتحدةالأمريكية ليصبح فيسبوك بذلك ثالث أكبر دولة من حيث عدد السكان بعد الصين والهند. وتشير هذه الدراسة إلى أن عدد الشباب الذين يستخدمون الشبكات الاجتماعية في تزايد مستمر وأن الكثيرين منهم أصبحوا أعضاء في أكثر من شبكة اجتماعية. ويقبل الشباب على الشبكات الاجتماعية بشكل خاص للدردشة مع أصدقائهم كما تؤكد الشابة الألمانية يوهانا مشتركة في الفيسبوك وتقضي نحو ساعة يومياً في الدردشة مع أصدقائها عبر تلك الشبكات وهي تجدها عملية لأنها تمكنها من الرد والتعقيب على ما تحصل عليه من رسائل أو على الصور المختلفة دون الارتباط بوقت معين ودون أن يتطلب ذلك تواجد الطرف الآخر في الوقت نفسه. وتوافقها الرأي الشابة المصرية ليلى والتي تعتبر أن الفيسبوك يجعلها تتواصل مع أكبر عدد ممكن من الأصدقاء في وقت قليل إذ لا يتطلب منها الأمر سوى ساعة موزعة على مدار اليوم لتعرف أخبار الأصدقاء في كل مكان وترسل لهم كما أنها تجد فيه وسيلة عملية وسريعة لتبادل الصور. أما أندريا التي تكتفي بالاشتراك في شبكة التلاميذ لأن ليس لديها أصدقاء على الشبكات الأخرى فهي تجد أن أهم ما في تلك الشبكات هو توفير الفرصة للدردشة مع الأصدقاء الذين يسكنون في مدن بعيدة. الأمر نفسه هو الذي دفع لارا المولودة لأم ألمانية وأب مصري إلى الاشتراك في الفايسبوك ليمكنها تبادل الأخبار والصور مع أصدقائها وأقاربها في مصر. وكذلك أتاحت تلك الشبكة الفرصة للشابة الفلسطينية رزان التي كانت تعيش في الولاياتالمتحدةالأمريكية ثم انتقلت مع عائلتها للعيش في الإمارات العربية فرصة التواصل مع أصدقائها من الولاياتالمتحدة. فضاء لتبادل الآراء والأفكار من خلال الفايسبوك يشارك الشباب في عدد من المجموعات التي تتبنى قضايا مختلفة لكن التواصل والدردشة لا يعتبران التطبيقين الوحيدين لتلك الشبكات في رأي الشاعر الجزائري الشاب علي مغازي والذي يعتبر الفيسبوك نافذة للتواصل مع الآخرين ومعرفة ما يفكرون به وماذا يريدون ويضيف: تلك الشبكات هي فضاء للتعاطي الفكري والثقافي والاجتماعي واهتمامي بها ثقافي بالدرجة الأولى. وأنا أعتقد أن الفيسبوك مثلاً فضاء واسع للحصول على عدد كبير من الزوار وللتسويق لفكرة ما في ذهني . من خلال الفيسبوك يشارك علي في عدد من المجموعات التي تتبنى قضايا مختلفة وعلى رأسها قضايا حرية الفكر والدفاع عن الكتّاب الذين يتعرضون للرقابة أو للقمع بسبب أعمالهم. كما يعتمد علي أيضاً على تلك الشبكات للترويج لأعماله الأدبية وللتفاعل مع قرائه ومع الكتاب الآخرين. وهو يقضي لذلك نحو ست ساعات أمام شبكة الانترنت لأن هذا جزء هام من عمله على حد قوله. منشورات تهدم الخصوصية ومع تزايد انتشار تلك الشبكات الاجتماعية حيث ينشر الشباب الكثير من تفاصيل حياتهم تزايدت أيضاً الأصوات المحذرة من إمكانية سوء استخدام تلك المعلومات المنشورة وأوضحت دراسة قامت بها مجلة تست الألمانية التي تنشرها هيئة شتيفتونغ فارين تست المتخصصة في تقييم المنتجات المختلفة أن معظم الشبكات لديها ثغرات فيما يتعلق بحماية الخصوصية وهو ما يؤكده المحرر بالمجلة فالك موركو موضحاً: حقوق الملكية الفكرية الخاصة بكل محتويات تلك الشبكات مما ينشره المستخدمون من نصوص وصور تخص تلك الشبكات: أي أنها تملك الحق أن تفعل ما تشاء بتلك المعلومات وهو الأمر الذي يعتبر تعدياً صريحاً على الحقوق الشخصية . ومن ناحيته يحذر هولجر براكمان المستخدمين قائلاً إن عليهم أن يقرأوا شروط الاستخدام والتي عادة ما تهمل ويضيف في هذا الإطار: يجب أن يستخدم المرء تلك الشبكات بوعي وألا ينشر شيئاً ما إلا إن كان مستعداً أن يتم نشره على لوحة كبيرة أمام منزله من ناحية أخرى أقام الاتحاد الأوروبي يوما ل سلامة الانترنت في مطلع العام حمل شعار فكر قبل أن تنشر وطالب خلاله تلك الشبكات بحماية الشباب خاصة صغار السن منهم وذلك بجعل الصفحات الخاصة بها غير متاحة في محركات البحث. مستخدمو الشبكات الاجتماعية في تزايد مستمر ويبدو أن تحذيرات الخبراء وصلت إلى الشباب خاصة في ألمانيا فقد أكدت ليزا أن أكثر ما تهتم به قبل اختيار الشبكة التي تستخدمها هو مدى الأمان الذي تتيحه وإمكانية منع شخص ما من التواصل معها في حال صدرت منه تصرفات أو تعليقات غير لائقة . ليزا التي تسمع في نشرات الأخبار عن الكثير من الجرائم التي تحدث بسبب علاقات تتم عبر الإنترنت لا تتقبل أي دعوات من مجهولين كما أنها لا تضع الكثير من الصور خوفاً من أي يساء استخدامها. أما إيسبون فهو لا يخشى كثيراً من تلك التحذيرات لأنه لا يضع الكثير من المعلومات عن نفسه كما أنه لا يضع أية صور لأنه لا يريد أن يشاهد بعض الغرباء صوره. كذلك يوهاناً لا تجد نفسها معنية كثيراً بتلك التحذيرات إذ أنها تعتمد غالباً على الرسائل الشخصية كما أن ما تضعه من صور صور عادية يمكن لأي شخص رؤيتها . ومن جانبها تحرص ليلى على اختيار من يمكنه أن يرى الصور كما تحرص على اختيار صور لا تخشى أن يراها الآخرون. لكن ليلى تجد أن الخطر موجود في كل ما نستخدمه من تطبيقات وأن القراصنة يمكنهم أيضاً الوصول إلى البريد الالكتروني لكن هذا لم يمنع الناس من استخدامه. وتضيف: إننا مضطرون أن نثق في كل من يقدم لنا خدمات الاتصال بداية من شركات الاتصالات ووصولاً إلى تطبيقات الانترنت كما أنني أرى فوائد تلك الشبكات الاجتماعية أقيم من أن أكف عن استخدامها بسبب الخوف من تلك المخاطر . أما علي مغازي فهو يعتبر أن الفيسبوك نافذة لتمرير آرائه ولذلك فهو ينشر الكثير ويحرص على أن يرى الجميع أعماله وهو لا يتضرر من إعادة نشر تلك الأعمال من قبل آخرين. ويرى علي أن على المرء أن يتصرف أمام الناس كما يتصرف أمام نفسه وهو بالتالي لن يخشى من نشر صوره أو تعليقاته. وإن كان يؤكد على ضرورة الحرص وقراءة شروط الاستخدام والتعامل مع تطبيقات تلك الشبكات بذكاء بحيث يمكن الاستفادة بإمكانياتها دون التعرض لخطر. خطر العيش في عالم وهمي ويشير علي في هذا السياق إلى أن تلك الشبكات فتحت فضاء لمناقشة قضايا لم يكن من الممكن مناقشتها من قبل ويعطي مثلاً بالمجموعة التي أنشأها والتي تدعو لفتح الحدود بين الجزائر والمغرب لكنه يضيف في هذا الإطار أن تلك المناقشات لن تصبح فعالة إلا إذا اتخذت خطوات على أرض الواقع مشيراً إلى خطورة أن يكتفي الشباب بالعيش في عالم وهمي. وهذا التهديد يعد في نظر ليلى خطراً أكبر من خطر سرقة المعلومات حيث تقول: لقد كان هدف الفيسبوك أن يسمح للمرء بالتواصل مع أشخاص بعيدين لكن ما يحدث هو أن بعض الأشخاص يتركون من يجلسون معهم من أصدقاء وأهل ليستخدموا تلك الشبكات بشكل مستمر وتراهم دائماً يفتحونها في كل مكان وأيا كانت الظروف . ترى ليلى أن توعية الشباب من أضرار تلك الحياة الافتراضية أهم من توعيتهم بمخاطر سرقة المعلومات مشيرة إلى أنه لا يوجد أي اهتمام بتلك القضية بل أن تطبيقات تلك الشبكات في تزايد مستمر ما يدفع الشباب لقضاء أوقات أطول أمام تلك الشبكات. وتوافقها الرأي الألمانية لارا التي لا تضع الكثير من أخبارها على الفيسبوك لأنها تفضل الاتصال شخصياً بأصدقائها وتقول: لا أعتقد أنه أمر جيد أن يقضي المرء وقتاً طويلاً على الفيسبوك لأنه ليس العالم الحقيقي ومن المهم أن نتقابل بشكل شخصي ونتكلم معاً .