تضمن مواكبة تطور الجريمة والتصدي لها النشاطات الأمنية الاستباقية ...آلية جادة لمكافحة العنف الحضري تعتبر النشاطات الأمنية الاستباقية التي تعتمدها مصالح الشرطة بولاية عنابة في السنوات الأخيرة خيارا ناجعا أعطى ثماره في مواكبة تطور الجريمة والتصدي لمختلف مظاهر العنف الحضري حسب شهادات أساتذة وباحثين في علم الاجتماع بجامعة عنابة متتبعين لواقع ومظاهر الحياة الجماعية داخل النسيج الحضري بعنابة. خ.نسيمة /ق.م العنف الحضري ظاهرة اجتماعية سلبية ذات علاقة مباشرة بأمن الأشخاص والممتلكات كما أوضح الأستاذ مسؤول فرع الانحراف والجريمة بقسم علم الاجتماع بجامعة عنابة السيد نور الدين شوبة والذي أوضح أن قضية مكافحة الجريمة الحضرية ترتكز على ضرورة مواكبة تطورها وتكييف آليات وأساليب التدخل لمواجهتها. ذلك ما يتأكد من خلال الأهمية القصوى التي يوليها جهاز الأمن بهذه الولاية للعمليات الشرطية الدورية والمنتظمة التي تستهدف بصفة مدروسة وبمتابعة دقيقة من طرف فرقة التحليل الجنائي لظاهرة العنف وتطور الجريمة داخل النسيج الحضري وخارجه وفقا لما صرح به من جهته محافظ رئيسي للشرطة ورئيس مصلحة الشرطة القضائية لأمن ولاية عنابة محمد يزيد بوبكري. وتستهدف هذه العمليات التي تكتسي حيزا هاما من العمل الشرطي الدوري لمصالح هذا الجهاز الأمني مواقع الإجرام وأنواعه الذي يتباين تمركزه كما أفاد به ذات المسؤول بين منطقة وأخرى عبر الولاية وبين أمن حضري وآخر مشيرا إلى أن بعض بلديات ولاية عنابة التي لم تشملها عمليات التعمير المكثف على غرار سرايدي وبرحال والحجار ومنطقة جوانو ببلدية عنابة لم تتسلل إليها ظاهرة الإجرام والعنف بالشكل الذي تعرفه تجمعات سكانية أخرى على غرار حجر الديس وسيدي عمار والسرول وسيدي سالم وبوزعرورة وبوخضرة إلى جانب بعض التجمعات السكانية الكبرى. وأردف قائلا أن الاعتداء وحمل السلاح الأبيض المصحوب باستهلاك المؤثرات العقلية والسرقة تأتي في مقدمة حالات العنف الحضري المسجلة عبر الولاية وهو ما تترجمه -حسبه- نتائج العمليات الشرطية الدورية التي سجلت 3282 قصية تتعلق بالاعتداء على الممتلكات خلال 2017 مقابل 2922 عملية اعتداء مماثلة سجلت خلال عام 2016. كما سجلت فرق الأمن خلال السنة الماضية 1659 قضية اعتداء على الأشخاص مقابل 2000 حالة اعتداء مماثلة في 2015. وتم تسجيل هذه النتائج بعد إجراء أكثر من 50 ألف عملية شرطية أنجزت خلال سنة 2017 ومكنت من توقيف أزيد من 7 آلاف شخص متورطين في قضايا مخدرات وحمل أسلحة بيضاء محظورة إلى جانب توقيف أشخاص محل بحث. ومكنت العمليات من تراجع حالات حمل الأسلحة البيضاء المحظورة بحيث سجلت 477 حالة خلال سنة 2017 مقابل332 حالة خلال 2016 و807 حالات خلال 2015. وإلى جانب العمليات الشرطية الدورية التي أصبحت منهجا للعمل الهادف إلى امتصاص جيوب الجريمة في الوسط الحضري وخارجه مكنت عملية القضاء على التجارة العشوائية (غير القانونية) بوسط مدينة عنابة من تراجع معدل الجريمة وظاهرة الاعتداء والشجار واستعمال الأسلحة البيضاء. ذلك ما أكده من جهته محمد العربي صاحب محل عريق لبيع العقاقير والأعشاب الطبية بالشارع التجاري قومبيطا بوسط مدينة عنابة الذي صرح أن ظاهرة تجول الفتيات والسيدات وهن تحملن هواتفهن النقالة وسط هذا الشارع بأريحية تعد أحسن مثال لعودة الإحساس بالأمن داخل النسيج الحضري للمدينة لافتا الى أن القضاء على ظاهرة فوضى التجارة بالأرصفة لعبت دورا كبيرا في استعادة الشعور بالأمن بوسط المدينة. من جهتها أصرت السيدة فاطمة الزهراء إحدى زبائن ذات التاجر على التعقيب عن ما أفاد به صاحب المحل لتؤكد قائلة: صحيح أن هناك شعورا بنوع من الأمن داخل النسيج الحضري وخاصة بوسط المدينة بعد أن انتشرت عمليات السرقة باستعمال العنف والأسلحة البيضاء في السنوات الماضية بمدينة عنابة واستهدفت أيضا السيدات المسنات قبل أن تضيف بأن الأمن قضية الجميع وأن المواطن العنابي لا يزال غير مبال بمسألة أمن غيره. للمواطن دور في المعادلة الأمنية وهو ما أكده بدوره حمدان مداح ملازم أول للشرطة بأمن ولاية عنابة متحصل على شهادة ماستر 2 في علم الاجتماع ( تخصص الانحراف والجريمة) بجامعة عنابة من خلال دراسة ميدانية أجراها حول الجريمة الحضرية بعنابة . و اعتبر ممثل الأمن الوطني في هذا السياق من خلال دراسته أن للمواطن دور هام في المعادلة الأمنية بالوسط الحضري من خلال الحس المدني وسلوك متحضر والشعور بالانتماء إلى المجموعة التي لا بد أن يتحلى به مضيفا أن الدراسة التي قام بها والتي شملت عينة من 112 شخصا موقوفا معنيا بظاهرة العنف الحضري وذلك بمختلف الدوائر الحضرية الأمنية بالولاية أن هناك نوعا من اللامبالاة وغياب المسؤولية تجاه الغير موضحا أن أغلبية التجمعات السكانية الحضرية عبارة عن مراقد يغيب فيها التعامل ما بين السكان وتغيب فيها الروابط الإنسانية التي تنمي الشعور بالمسؤولية تجاه الغير . فكم من عملية سرقة بالكسر تمت على دراية من جيران الضحية دون أن يلجأ الجار إلى التبليغ وكم من سيدة تعرضت للعنف أمام مرأى من المارة دون أن يتدخل أحد يتساءل ذات الضابط. وأضاف كذلك أن ظاهرة العنف الحضري تتنامى بتلاشي الروابط ما بين الناس التي تبدأ داخل العائلة لافتا إلى أن أغلبية المنحرفين الذين خضعوا لهذه الدراسة يعانون من غياب الحوار العائلي وتراجع دور الأسرة في التربية والأخلاق ونشر روح المسؤولية وقيم التحضر. وفي ظل هذا الوضع اعتبر المتحدث أن مواجهة العنف الحضري تقتضي التربية والتوعية وإشراك مختلف الفاعلين من أسرة ومجتمع مدني وخاصة الجمعيات الثقافية والرياضية قصد نشر ثقافة التبليغ لدى المواطن وجعله يكتسب سلوكا إيجابيا ومسؤولا تجاه المجتمع. شبكة أمنية ذات طابع إنساني لاحتواء العنف بقسنطينة تستفيد المدينة الجديدة علي منجلي التي تم تصنيفها لفترة طويلة كمنطقة حساسة من مساعدة مندمجة قائمة على انخراط المواطن وإرساء شبكة أمنية ذات طابع إنساني من أجل احتواء ظاهرة العنف الحضري. وفي واقع الأمر تعد مكافحة العنف لاسيما بهذا التجمع الحضري الضخم الذي تجاوز عدد قاطنيه ال370 ألف نسمة جزءا لا يتجزأ من الانشغالات الكبرى للمصالح الأمنية التي تعمل على إرساء تغطية أمنية بالمنطقة تعزز الاتصال المتواصل مع المواطنين. و تم اعتماد هذه المقاربة المطبقة بعلي منجلي حسب مخطط ينخرط فيه بصفة مباشرة الشرطي كما المواطن في إطار شراكة اجتماعية تشكل حصنا ضد أعمال العنف والاعتداء حسب ما أشار إليه في هذا الصدد رئيس الأمن الولائي السيد عبد الكريم وابري. واستنادا لذات المسؤول فإن الهدف من هذه المقاربة هو تزويد مدينة علي منجلي ب12 مقرا للأمن الحضري من بينهم 6 دخلت حيز الخدمة فعليا في إطار مساعي مرافقة عملية تنمية هذا المركز الحضري الضخم. وأشار في ذات الصدد إلى أنه من الضروري نسج روابط متينة مع السكان معتبرا هذا الأمر الوسيلة الأكثر فعالية لمكافحة الجريمة لاسيما العنف وأردف ذات المسؤول بأن التدخل الأمني في هذا القطب الحضري الذي ما يزال يشهد عمليات ترحيل للسكان من عاصمة الولاية قائم على العمل الوقائي الذي يعزز العمل الجواري في إطار اللقاءات والحملات التحسيسية مع المواطنين . و أوضح السيد وابري في هذا الصدد أن مصالح الشرطة بقسنطينة تنظم لقاءات شهرية مع جميع لجان أحياء الولاية وجلسات متسارعة مع لجان أحياء علي منجلي التي تشهد نمو ديمغرافيا متواصلا. عندما تتولد عن العنف استراتيجية ميدانية تسببت سلسلة الاشتباكات بين الشباب التي وقعت خلال الفترة الممتدة بين نهاية سنة 2014 ومنتصف سنة 2015 بالوحدة الجوارية رقم 14 بالمدينة الجديدة علي منجلي في إجبار مصالح الشرطة على اعتماد طريقة عمل جديدة تشجع التواصل والاتصال مع السكان من أجل تهدئة النفوس وفي مرحلة لاحقة منع السلوكيات العنيفة. وأضاف انطلاقا من وعي المصالح الأمنية بوجود مناورات خبيثة حاولت من خلالها دوائر خفية إعادة إحياء غضب المواطنين لجأت ذات المصالح -حسبه- للعب ورقة الحوار . وسرعان ما أعطى هذا المسعى ثماره ليضحي فيما بعد استراتيجية ميدانية مطبقة في إطار شراكة اجتماعية أكدت فعاليتها وفق ما عاينته المصالح الأمنية و المواطنون أيضا. وأضحت المشاجرات التي وقعت في أوقات متفرقة طوال سنة كاملة بين مجموعة شباب أعيد إسكانهم بالوحدة الجوارية رقم 14 في إطار امتصاص السكن الهش من الزمن الماضي بفضل العمل الجواري و التحسيسي الذي تم القيام به من طرف مصالح الشرطة. وأصبحت الوحدة الجوارية رقم 14 التي كانت مرادفا للعنف والاعتداءات مكانا آمنا بل و أعيد إصلاح الآثار التي خلفتها أعمال العنف على واجهات المباني المستهدفة خلال المناوشات ومحوها من طرف ذات الشبان الذين يرغبون في نسيان تلك الحقبة المظلمة من تاريخ حيهم. و في هذا الصدد لم يسجل مقر الأمن الحضري العامل بذات الموقع قضايا كبيرة متعلقة بالعنف مع عودة الهدوء في هذا الشطر بعلي منجلي حسب ما أكده مسؤولو هذا المقر للأمن الحضري الذين يستقبلون المواطنين باعتبارهم شركاء . التحلي بالحس المدني في الوقت الراهن تصنف هذه الوحدة الجوارية التي يقطنها أكثر من 12 ألف ساكن والتي التصقت بها لسنوات بها صفة الحي الذي لا يمكن زيارته من طرف مصالح ديوان الترقية والتسيير العقاري في صدارة الترتيب في مجال تسديد الإيجار. ويتعلق الأمر بمؤشر تطور الحس المدني الذي أبرزه سكان الوحدة الجوارية رقم 14 بفضل تحليهم بوعي حقيقي عززه عاملا الاتصال و الحوار اللذين أرستهما مؤسسات الدولة وفق ما تم إيضاحه. وعلاوة على ذلك تم تعزيز القطب الحضري لعلي منجلي خلال الفترة الممتدة بين مارس وجويلية 2017 ب4 مقرات للأمن الحضري علاوة على هيكلين مماثلين دخلا حيز الخدمة بذات المنطقة في وقت سابق حسب ما ذكر به ذات المصدر متحدثا عن إنشاء فرقة متنقلة للشرطة القضائية وأخرى للبحث والتحري. وأوضحت نورة بيلاك أستاذة العلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة قسنطينة 2 أن شبكة هذه المدينة التي تشمل عددا كبيرا من الهياكل المخصصة للأمن الحضري ستظل غير كافية ما لم يتم إطلاق عمليات استرجاع الأرضيات الشاغرة. وغالبا ما يتعزز العنف في الأوساط الحضرية لاسيما بالمدن الجديدة بسبب تواجد أوعية عقارية شاغرة يستغلها الشباب للقيام بأفعال إجرامية بجميع أنواعها حسب ما أردفته ذات الأخصائية التي شددت على الدور الكبير للأسرة في الوقاية من هذه الظاهرة.