الشيخ: أبو إسماعيل خليفة كما أن الناس متفاوتون في العقول والمواهب والقدرات فكذلك هم متفاوتون في الهمم والأحلام فلكل إنسان في هذه الحياة أمنيات وآمال يسعي إلى تحقيقها وتتفاوت هذه الأمنيات وتلك الآمال بتفاوت الأشخاص زماناً ومكاناً. فلا تضحك على أحلام الآخرين ولا تثبِّط هممهم فعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم.. يروى أنه اجتمع عبدالله بن عمر وعروة بن الزبير ومصعب بن الزبير وعبدالملك بن مروان بفناء الكعبة وكانوا آنذاك فتية صغارا لا تتجاوز أعمارهم سن العاشرة . فقال لهم مصعب: تمنَّوا؟. فقالوا: ابدأ أنت؟. فقال: ولاية العراق وتزوُّج سكينة ابنة الحسين وعائشة بنت طلحة بن عبيد الله.. ودارت الأيام كما يقولون .. فنال ذلك وأصْدق كل واحدة خمسمائة ألف درهم وجهَّزها بمثلها.. وتمنّى عروة بن الزبير الفقه وأن يُحمل عنه الحديثُ فنال ذلك. وتمنّى عبد الملك الخلافة فنالها. وتمنّى عبد الله بن عمر المغفرة. قال الذهبي في سير أعلام النبلاء (4/141): قال أبو الزناد: فنالوا ما تمنوا ولعل ابن عمر قد غُفر له. انظر يا صديقي إلى علوّ همة هؤلاء وتأمل في سموّ نفوسهم ولو نظرنا إلى واقعنا المعاصر ووضعنا همم الرجال والنساء في مجتمعنا على الميزان لوجدنا أن همم الجميع وفي كل المجالات قد بلغها العجز والقصور والله المستعان قال الشاعر: لا تَعدَمُ الهِمَّةُ الكُبرى جَوائِزَها * سِيَّانِ مَن غَلَبَ الأَيَّامَ أَو غُلِبا وَكُلُّ سَعي سَيَجزي اللهُ ساعِيَهُ * هَيهاتَ يَذهَبُ سَعيَ المُحسِنينَ هَبا فلا تطاوع نفسك على أن تكون في مؤخرة الركب وأنت قادر على أن تكون في المقدمة ولا ترض بالدون إذا كنت قادراً على تحقيق المعالي ولا تقل إن منتهى همتي وغاية جهدي ما أنا عليه أحرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز . ومن يتهيب صعود الجبال * يَعِشْ أبد الدهر بين الحُفَر أكتب على جدار الزمن أمنياتك وحدد آمالك واجعل لك في حياتك أهدافا تحلق روحك بها وتسعدك في لحظات إنجازها وتضمن بها مقاومة الصدأ من روتين العمل أو مشنقة التقاعد واجعل هدفك الاسمي وطموحك الأعلى مرضاة ربك ولا ترتض بغير جنة الخلد بديلاً ولا بغير الفردوس الأعلى منزلا ومقيلا..