بقلم: عبد القادر حمداوي* ولد الشهيد سي جلول بالميلود في 16 افريل سنة 1923 بدوار بوهلال بلدية مسلمون غرب ولاية تيبازة حاليا. نشا يتيما بعد وفاة والده وهو في سنة مبكرة بعدما ادخله أبواه المدرسة القرآنية التابعة للدوار مما أهله للقراءة والكتابة بعد بلوغه سن الرشد بدا يحتك بشخصيات مناضلة ساعدته في تنمية روجه الوطنية فابدى كراهيته للعدو الفرنسي لا سيما الأعمال القمعية الوحشية التي كان يقوم بها العدو في حق سكان الريف كانت كراهيته تزداد وخاصة حين يرى العدو يجبر السكان على دفع الضرائب على ابسط الاشياء.. كان يرتقب لحظة ما يكسر فيها قيود الطغيان ويقول للمستعمر الحرب فالحرب وفي ليلة ؤول نوفمبر 1954 اندلعت الثورة المباركة فأخذت جموع الجزائريين تلتحق بها تلبية للجهاد في سبيل الرحية والكرامة والدفاع عن الدين والوطن فكان من الأوائل في الانخراط مباشرة في صفوف جبهة التحرير الوطني سنة 1954 باشر العمل الثوري وقام مع جماعة من المناضلين بنواحي شرشال بتخريب منشات العدو من طرق واسلاك كهربائية وقنوات صرف المياه واحراق مزارع المعمرين وتدمير عتادها الفلاحي. كان يجول في ضواحي سيدي سميان ومناصر يعبئ الشعب ويدعوه الى الجهاد ضد الاستعمار رغم ايمانه الذي لا يقهر بحتمية انتصار الثورة.. كان يعلم جيدا ان العدو لا يخرج من الجزائر الا بالتحديد والنار فخطورة مؤامرات العدو التي كان يفرضها على الشعب كان دائما يقضا يواجه عمل العدو بكل حذر في شتى الميادين بالإضافة الى مواجهة الاستعمار والموالين له كلما اطلقوا اشاعة او اذاعوا خبرا مضادا ضد الثورة إلا وبادر دون تردد في الرد على العدو فيتصل بالقرى المجاورة فيعيد اليهم الامل والثقة ولذلك تمكن من كسب محبة الشعب وسمعة كبيرة لدى الجميع وفي شهر فيفري 1955 القي عليه القبض واودعه الاستعمار سجن شرشال وبفضل ما كان يتمتع به من صفات كقوة الشخصية والشجاعة والبساطة والذكاء والسيرة الحسنة فقد اصبح سي جلول بالميلود محل اعجاب وتقدير من زملائه في السجن. وقد انتهت القواعد التنظيمية لديه بالحزم والسرية التامة فاختار بعض المناضلين وفق مقاييس صارمة كالاقتناع والشجاعة والفعالية والقدرة البدنية فكان يحث فيهم الالتزام بان يغادر السجن في اي وقت يقرر. وفي سنة 16 افريل 1956 قام يقتل حارس السجن وزوجته ولاذ بالفرار رفقة من كان معه من المناضلين الذين التحقوا بصفوف جيش التحرير الوطني فكانت الاتصالات مع المجاهدين ثم عن طريق تقسيم الفوج الى قسمين :جماعة اتجهت الى سيدي سميان والأخرى إلى جبل بوحرب فكانت الاتصالات منظمة تنظيما سريا على الصعيد الداخلي وبهذه الصرامة في التنظيم والسرية التامة في العمل عمل سي موسى على إعداد المخابئ في شتى جهات النواحي والمناطق وباشر في تدريب المتطوعين على استعمال السلاح ووضع القنابل واعددا هؤلاء الشباب لحرب العصابات ضد الاستعمار وكانت التدريبات يشرف عليها رجال قادرون على التحكم في عملية التكوين العسكري. كان سي موسى يعرف ان المناضلين الذين يدربهم قد اكتسبوا الخبرة فكان هو من اولئك الذين شاركوا في حرب الفيتنام سخر خبرته لخدمة اهداف الثورة ومطامح آمال شعبه في التحرير والاستقلال. عين سي جلول بالميلود سنة 1957 قائد فصيلة تابعة للقسم الثاني الناحية الثالثة المنطقة الرابعة خاض خلالها عدة معارك بطولية اثبتت كفائتة في ميدان القتال وعبقريته في التسيير كان الحاكم العادل الذي وزع الغذاء والكساء كان عادلا كان كالمورد الذي لا يشوبه كدر كان يتميز بالأخلاق العامة ويغلب على نفسه ويتحكم في عاطفته ويفكر في نفسه ويفكر في عواقب الأمور ويقرا ألف حساب لسمعة الثورة التي هي سمعته وتاريخه وهنا تظهر قيمة المجاهد وتتجلى عظمته وقوته النادرة كان سي جلول بالميلود يؤمن حق الإيمان بان الثورة ضوابط وحدود فهي التي تمكنه من إن يعيش مع المجاهدين ويناضل معهم نضال المتعة والقدرة على مقومة الاستعمار. واصل سي جلول معاركه واشتباكاته في نواحي مختلفة من الولاية الرابعة وعادة البطل سي جلول منذ اندلاع الثورة. انه كان ينصب الكمائن ويشن المعارك وينظم الهجومات على المراكز العسكرية ويبرهن في كل ذلك عن بطولاته ويواجه العدو بثبات نادر. كان البطل يهب هبة السد الجسور ينقض على الجنود الأوغاد يلقنهم درسا في الشهامة. لقد عرف كيف كان العدو يجرب في المناضلين فنونا مختلفة من الهانة والتعذيب وكيف يكون الموت عندما تتسع جرائم العدو الفرنسي وكيف يتحول الى قطيع من الوحوش عندما ينهزم في معركة او كمين فعندئذ ينتقم بخسائره بارتكاب أفظع الجرائم والموبقات وكيف كان التعذيب بالكهرباء حتى يغم على المعذب بين الظفر واللحم. و في سنة 1961 رقي سي جلول لرتبة عضو سياسي بالمنطقة الرابعة بعدما كان قد عين عضوا بالناحية وأصبح مسؤولا الناحية سياسيا وعسكريا من قبل ان يرقى ساهم سي جلول مساهمة كبيرة في تطبيق لوائح مؤتمر الصومام استطاع مع رفاقه المجاهدين آن يحافظ على السرية التامة في محاربة ( بلا بلويت) شبكة التجسس الفرنسية المندسة حتى النصر. و في بداية شهر مارس 1962 قاد معركة ضارية رفقة مجموعة من المجاهدين ضد قوات الاستعمار بنواحي خميس مليانة تكبد فيها العدو خسائر فادحة في الارواح والعتاد. أصيب خلالها سي جلول بجروح خطيرة قادته الى مستشفى القطاع بالعاصمة بفضل تخطيط من المناضلة ( شرشالي ) التي أخذت وثائق شخصية تبين حالته المدنية لكن القدر شاء ان يكون بجوار ربه حين سمع تصريح رئيس الحكومة المؤقتة بوقف إطلاق النار في 16 مارس 1962 محققا امنيته فشهد الدنيا والآخرة وهو يقاتل لتكون الجزائر حرة كريمة فحياة هذا الشهيد حياة خاصة ذاق فيها صنوفا من النعم وضروبا من الرحمة والحسان. كان سي جلول يقول أن هذه الأرض أرضنا والجزائر جزائرنا سوف نسقيها بدمائنا حتى تنبت الحرية فيها فالموت الذي يحيط بالمجاهدين في كل يوم وهم يندفعون إلى الأمام في قوة عاصفة كالتيار الجارف. فكان العدو يشاهد هذا بأعينه فروح الثورة هي التي كانت تحرك الشعب الجزائري اشد قوة وصلابة من الحديد فكانت الحياة لا تعطي هباء منثورا بل تجود على القوى كالبطولات والتضحيات لان هؤلاء هم عماد الدين والوطن هم الذين غيروا مجرى التاريخ. فالموت في سبيل الجزائر تضحية عظيمة فسي جلول بالميلود لا يعرف الكلل ولا الملل كان يجوب المنطقة الرابعة يحث المجاهدين على الصبر والايمان ومواصلة المسيرة حتى النصر كان يضم ويعانق المجاهدين ويذكرهم بذكريات الطفولة والحياة الوادعة لان النفس العافية التي لا تعرف إلا الإحسان والمعاملة الصادقة لأنه كان يطمئن على مستقبل الجزائر إذا أصبحت في يد آمنة عالي الهمة مكتمل الرجولة غيور على دينه ووطنه شديد الاعتزاز بأمجاد تاريخه يترفع على الهامشيات. فسي جلول يحب المجاهدين وخاصة منهم الصغار كان يشجعهم ويعلق عليهم المال كان يقول انهم اليوم شباب وفي الغد رجال تبنى الجزائر بهم. كان يلاحظ القمع الرهيب الذي كان العدو يصبه على اهل القرى العزل لم يزد إلا قوة والتحاما لجيش التحرير الوطني كانت ثورتنا مدرسة للنضال شارك فيها الشعب على اختلاف كبقاته. انه ما يزال على قيد الحياة الكثير ممن عرفوا النقيب سي جلول بالميلود وعاشوا معه وعرفوه معرفة حقيقية. وفي سنة 1958 تولى العقيد سي امحمد بوقرة قائد الولاية الرابعة وقد ارسى العقيد عبر ولايته بكل خبرة وذكاء لتجديد هياكل الثورة وهذا ما سمح له بإحباط كل الدسائس والعدو الاجرامية لقد خسر العدو خسائر فادحة فالمعارك والكمائن تشهد عليها تلك الجبال الراسيات والوديان والشجار والحجار والغابات والتلال وكل شيء في هذا المكان. و قد اعترف العدو وقبل غيره بشجاعة المجاهدين النادرة وكل مرة استطاع المجاهدون ان يلحقوا بالقوات الاستعمارية هزيمة نكراء فادحة عبد سي امحمد بوقرة الطريق لهؤلاء المجاهدين لاختراق الحصار الذي فرضه العدو على الشعب الذي وضعهم في محتشدات وتجمعات للقضاء على الثورة لكن وجد رجالا يعرفون كيف يتم فتح الحصار بالبطولة والصمود من قبل المجاهدين. رحم الله الشهيد البطل سي جلول بالميلود.. هذه لمحة مختصرة عن حياة بطل كتبتها بعد ما سمعت الكثير والكثير اخذت بعض المعلومات عن المجاهدين الذي عايشوا الشهيد والبعض لام عن نسيان هذا الشهيد فرحم الله الشهيد واسكنه في جنات النعيم.. (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون).