أساطير الكرة الجزائرية (الحلقة ال18) إعداد: كريم مادي فضيل مغارية.. أسد الونشريس اخترنا لكم في حلقة هذا العدد نجما كبيرا فحتى إن كان قد مضى على اعتزاله الملاعب أكثر من ربع قرن إلا أنه لا يزال يضيء أرشيف كرتنا بتلك اللمحات الكروية الرائعة التي قدمها طيلة مسيرته الكروية إنه ابن مدينة الشلف فضيل مغارية وإليكم مسيرته الكروية. وسط عائلة كروية مغارية ولد في مطلع عام 1961 ولد فضيل مغارية في مطلع عام 1961 بمدينة الشلف في الثامنة من عمره بدأت تظهر عبقرية الصبي فضيل من خلال مداعبته الكرة فذيع صيته وهو في الثانية عشر من العمر ليفرض مكانته في فريق المدرسة التي كان يتابع فيها دراسته المتوسطية حيث اختير أكثر من مرة أحسن لاعب في الدورات الكروية الخاصة بالمدارس ومنه كانت بداية التألق في عالم الكرة لكن انطلاقته الحقيقة كانت مع فريق كمسقط رأسه جمعية الشلف. 1974 بداية فضيل مع جمعية الشلف بداية فضيل مغارية مع فريق جمعية الشلف كانت في عام 1974 أي بعد بلوغه سن الرابعة عشر لعب مغارية لجميع أصناف جمعية الشلف يعود الفضل في تألق وبروز مغارية إلى المدرب سحايلية الذي تنبأ له بمستقبل زاهر في عالم كرة القدم وهو المدرب الذي تم ترقية مغارية إلى صنف الأكابر عام 1979. لعب فضيل مغارية أول مباراة لع مع أكابر جميعه الشلف في بداية موسم 79/80 وكان اللقاء أمام غال معسكر في لقاء يدخل ضمن بطولة القسم الوطني الثاني وكان يبلغ حينها فضيل مغارية اقل من 19 سنة ورغم صغر سنه لعب فضيل أمام العديد من نجوم الشلف نذكر منهم كل من محمد بوهلة الهداف التاريخي للفريق ومصطفى مكسي والحارس الصادق وغيرهم من النجوم الأكابر لفريق الشلف في سنوات السبعينيات. استطاع فضيل مغارية في ذلك اللقاء أن يفرض نفسه كلاعب يجيد الكرة اللقاء انتهى بالتعادل السلبي وقد تصدى مغارية لنجوم الغالي الذي يقودهم طل من حبالي وبغدوس وحبي. دون بلومي الذي كان يلعب لفريق مولودية العاصمة بأدائه للخدمة الوطنية. كان قضيل مغارية فأل خير على جمعية الشلف على فريقه في ذلك الموسم بصعود الفريق في نهاية البطولة إلى القسم الوطني الأول بعد أن أنهى بطولة القسم الثاني في الريادة بامتياز. 10 أكتوبر 1980 يوم لن ينساه فضيل في العاشر من شهر أكتوبر عام 1980 ضرب مدينة الشلف (الأصنام سابقا) زلزالا عنيفا هز أركان المدينة وما جاوراها في ذلك اليوم كان من المنتظر أن يلعب فريق الشلف مباراة رسمية أمام فريق دينامكية البناء للجزائر بملعب أول نوفمبر بالحراش لكن وبالنظر إلى وحجم الكارثة تقرر تأجيل اللقاء. زلزال الأصنام كان له تأثير سلبي على معنويات الشاب فضيل مغارية بعد أن فقد بعض من أقاربه وأحبابه في يوم يعد واحد من بين أسوأ أيام تاريخ الجزائر أرغم فضيل مغارية وعلى غرار جميع لاعبي فريقه على الإراحة الإجبارية لمدة طويلة الأمر الذي اثر عليهم في الموسم الموالي حيث وجد الفريق في القسم الوطني الثاني لكن سرعان ماعاد فريق الأصنام إلى حظيرة القسم الوطني الثاني لكن هذه المرة بتسمية جديدة جمعية مطاط الشلف. من موسم 79/80 إلى موسم 89/90 عشرة سنوات مع أكابر الشلف دام بقاء فضيل مغارية مع أكابر جمعية الشلف عشر سنوات كاملة البداية كانت كما سبق الذكر في بداية موسم 79/80 أمام غالي معسكر والذي انتهى بدون أهداف لكن مع انتهاء موسم 89/90 قرر فضيل مغارية ترك جمعية الشلف والانتقال إلى فريق النادي الإفريقي التونسي وهي قصة سنتعرف عليها بعد قليل. عشر سنوات في جمعية الشلف مكنت فضيل مغارية من كسب الجماهير ليس عشاق فريق جمعية الشلف بل كل الجماهير الجزائرية ومما زاد في عشق الجماهير الجزائرية للاعب فضيل مغارية هي أخلاقه العالية وطريقة لعبه الهادئة التي تمتاز بالأداء الجميل. كان يمتاز فضيل مغارية ببرودة دمه فكان من النادر أن يتأثر حتى بعد الخسارة يخرج مبتسما ويقبل جميع لاعبي المنافس بما فيهم ثلاثي التحكيم الأمر الذي جعله محبوب الجماهير الجزائرية. عشر سنوات في جمعية الشلف مغارية بدون تتويج لعب فضيل مغارية عشر سنوات كاملة لفريق جمعية الشلف ورغم كل هاته لسنوات إلا انه لم ينل أي لقب وطني لكن لقبه الغالي كما قال لنا في أول حوار مطول خص به صحيفة جزائرية وهذا لجريدة الشباك في العدد الصادر في مطلع شهر جوان من عام 1993 حيث قال يكفيني فخرا أنني لم ألعب في الجزائر إلا لفريق جمعية الشلف . فضيل كان محل أطماع الكثير من رؤساء النوادي الجزائرية آنذاك وفي مقدمتهم رئيس الشبيبة الراحل بن قاسي الذي سعى في العديد من المرات بضم هذا اللاعب الأنيق إلى الفريق القبائلي وقد عرض عليه في صافة 1983 شقة بمدينة تبزي وزو لكن فضيل فضل البقاء بفريق مسقط رأسه رغم انه كان يحصل على راتب شهري لم يكن يتعدى عشرة آلاف دينار. مسيرو مولودية وهران عملوا كذلك في بداية كل موسم المستحيل للاستفادة من خدمات شأنهم شأن مسيري فريق مولودية العاصمة لكن حب فضيل لفريقه جمعية الشلف كان فوق من كل الإغراءات المالية لجميع مسيري الفرق الجزائرية. لكن هل ندم لبقاء فضيل في فريق الشلف؟ يجيب قائلا ودائما للحوار الذي خصنا به عام 1993 لم اندم بل كنت سأندم لو غادرت الفريق واللعب ضد جمعية الشلف وهو الفريق كان وراء بروزه في تلك السنوات. من 1984 إلى 1992 ثماني سنوات مع الفريق الوطني لعب فضيل مغارية للفريق الوطني ثماني سنوات كاملة امتدت من عام 1984 بمناسبة الأدوار النهائية لكاس أمم إفريقيا بكوت ديفوار واختتمت بدورة السنغال عام 1992. لكن إذا كان بداية فضيل مع المنتخب الوطني بدأت خضراء كاخضرار الألوان الوطنية حيث لم يخيب ظن المدرب الوطني آنذاك محي الدين خالف الذي أدرج اسمه ضمن قائمة الفريق الوطني لتمثيل الجزائر في كاس أمم إفريقيا عامة 1984 بكوت ديفوار ولعب مغارية في تلك الدورة إلى جانب كل من قريشي ومنصوري وقندوز وهذا عوضا للاعب مرزوقان شعبان الذي تم الاستغناء عنه لأسباب وصفت آنذاك بالانضباطية مغارية لم يخيب ظن المدرب خالف وكان عند حسن ظن الجماهير الجزائرية التي تابعت تلك الدورة عن كثب فحتى وان لم يتوج فيها منتخبنا الوطني بلقب ألكاس إلا أنه لعب واحدة من أجمل الدورات التي شارك فيها فلولا ضربة الجزاء اللعينة التي أهدرها المدافع محمود قندوز في الدور نصف النهائي أمام المنتخب الكاميروني لكان لقب الدورة من نصيب الجزائر عاد الفريق الوطني دون لقب الدورة لكن ربح لاعبا كبيرا اسمه فضيل مغارية أبرزها نهائيات كأس العالم بالمكسيك عام 1986 مغارية ومباريات العمر مع الخضر شكلت دورة كوت ديفوار البداية الحقيقة للاعب فضيل مغارية حيث تمكن من فرض مكانته في المنتخب وهذا إلى غاية اعتزاله اللعب دوليا عام 1992 حيث لعب في جميع المقابلات التي خاضها منتخبنا الوطني وقد ساهم بنسبة كبيرة في قيادة الخضر إلى نهائيات كأس العالم بالمكسيك عام 1986 وأدى ماعليه في اللقاءات الثلاثة التي لعبها منتخبنا الوطني في تلك الدورة. لازال الجمهور الجزائري يتذكر اللقاء الأول الذي خاضه منتخبنا الوطني أمام منتخب ايرلندا الشمالية وقد تصدى ببراعة للنجم الإيرلندي واتسايد وكان بحق رجل الفريق الوطني أما اللقاء الثاني الذي لعبه الفريق الوطني بملعب مدينة غوادا لاخارا المكسيكية أمام منتخب الصامبا البرازيلي أسال فيه مغارية بفضل طريقة أدائه الرائع فالعرق البارد لهجوم الصامبا يقودهم الجوهرة البيضاء كما كان يطلق عليه زيكو ولولا الخطأ الفادح المرتكب بين الحراس دريد والمدافع مجادي لما فاز المنتخب البرازيلي على الجزائر. اللقاء الثالث والذي خسره المنتخب الجزائري أمام المنتخب الاسباني بنتيجة ثقيلة 3/0 قدم فيه مغارية كل ما يملك لكن خيانة بعض اللاعبين خاصة المحترفين للألوان الوطنية ذهب مجهودات ابن مدينة الشلف أدراج الرياح ومما يحكى عن هذا اللقاء ان مغارية خرج من الملعب والدموع نسيل على خديه متأثرا بالخسارة ومرارة الإقصاء لكن بالمقابل خرج بعض اللاعبين وهو يقهقهون وكان الفريق الوطني فريق لأحد الأحياء أو اقل من ذلك. بعد دموع الأسى سنة 1988 دموع الفرح عام 1990 سنتين بعد مونديال المكسيك كان الجمهور الرياضي الجزائر على موعد مع كأس أمم إفريقيا التي احتضنتها الجارة المغرب وهذا في ربيع عام 1988 ورغم الوجه الجيد الذي قدمه فريقنا الوطني بوصوله إلى الدور نصف النهائي قبل أن يقصى بضربات الجزاء أمام المنتخب النيجيري الأمر الذي جعل مغارية يبكي بعد إخفاق بلومي بتسجيل ضربته بكاء الصبيان تأثرا بالخسارة لكن تلك الدموع تحولت بعد سنتين بملعب 5 جويلية إلى دموع الفرح بمناسبة تتويج منتخبنا الوطني بأول وآخر كأس قارية حيث أدى مغارية واحدة من أجمل مقابلاته الكروية وساهم إلى جانب نجوم ذلك المنتخب الذي قادهم كل من ماجر وجمال مناد هداف الدورة وشريف وجاني وسرار والحارس عصماني وجمال عماني وشريف الوزاني وغيرهم من نجوم المنتخب إلى معانقة اللقب القاري في لقاء عاني فيه منتخبنا الوطني وفضي مغارية الأمرين أمام المنتخب النيجيري بقيادة رشيدي ايكيني لتنتهي المباراة بفوز بهدف لصفر وفقعه للإشارة اللاعب شريف وجاني. مهزلة زيغنشور عجلت برحيل مغارية من الفريق الوطني ودّع مغارية الألوان الوطنية لكن من الأبواب الضيقة من خلال المشاركة السلبية والهزيلة في دورة السنغال 92 ليغادر البطل البطولة في الدور الأول ليعلن بعدها مغارية اعتزاله اللعب دوليا لكن حاول بعد ذلك العودة إلى المنتخب الذي صنع له الكثير من الانتصارات لكن الساهرين آنذاك على المنتخب رفضوا عودة أسد اللاعب الجزائرية بالرغم من صنعه لأمجاد النادي الإفريقي التونسي. مغارية في النادي الإفريقي قبل دورة الجزائر القارية عام 1990 فضل فضيل مغارية دخول عالم الاختراق فرم العروض الذي توصل بها من طرف الكثير من النوادي الفرنسية والبلجيكية إلا أنه فضل اللعب للنادي الإفريقي وهو الفريق الذي استطاع فيه مغارية أن يصنع أمجاده ولازال عشاق هذا النادي يتذكرون تلك اللمحات الرائعة التي صنعها فضيل طولا المواسم الأربعة التي لعب فيها للنادي الإفريقي حيث قاده في موسم 90-91 إلى التتويج برباعية تاريخية لم يسبق وان توج بها لا من بعد ولا من قبل الفريق إذ فاز بكأس تونس ولقب البطولة التونسية وكاس إفريقيا للأندية البطلة والكأس الإفريقية الممتازة ويقول عشاق الفريق إن فضيل مغارية ساهم بقسط كبير في تلك التتويجات الأمر الذي جعله محل إعجاب وتقدير كل التونسيين إلى درجة أن أحد مسيري الاتحادية التونسية صرح قائلا لصحيفة الصباح التونسية في هددها الصادر في شهر ديسمبر من عام 1991 لو لم يسبق لفضيل مغارية اللعب للمنتخب الجزائري لعرضنا عليه الجنسية التونسية للعب للمنتخب التونسي . 1995... الاعتزال مغارية في المملكتين في عز حب أنصار النادي الإفريقي لفضيل مغارية قرر ترك أصحاب الزى الأبيض والأحمر والانتقال إلى فريق اتحاد طنجة المغربي حيث لعب له موسم واحد وهذا في موسم 93/94 لكن سرعان ماغادره إلى المملكة العربية السعودية حيث لعب موسم واحد 94/95 لكن بعد أن أحس أن لكل بداية نهاية قرر ترك الفريق والعودة إلى ارض الوطن. اعتزل فضيل مغارية ملاعب كرة القدم في فريق العربي السعودي وهذا في مطلع صائفة عام 1995 بعد بلوغه سن ال34 وكان بإمكانه مواصلة اللعب في الجزائر مع فريق مسقط رأسه لكن مغارية قرر وضع حد نهائي لمسيرة من العطاء انطلقت في عام 1974 مع أصاغر جمعية الشلف وانتهت في عام 1995 مع العربي السعودي وبين السنتين لعب فضيل المئات من المقابلات أحسنها تلك التي خاضها أمام المنتخب التونسي بملعب المنزه في خريف 1985 حيث فاز حينها منتخبنا الوطني بنتيجة تاريخية 4/1 وأسوأها تلك التي أرغم فيها منتخبنا الوطني من ولوج الأدوار النهائية لكاس العالم خسارة اللقاء التصفوي الأخير أمام المنتخب المصري بملعب ناصر بالقاهر بهدف دون رد. بعد 13 سنة من الاعتزال جوبيلي مغارية خارج مدينة الشلف في صائفة عام 2008 اي بعد 13 سنة من اعتزال فضيل مغارية كرة القدم اقيم على شرفه مباراة توديعه بملعب القليعة بدل من ملعب الشلف ومن المفارقات الطريفة ملعب القليعة لم يسبق لفضيل مغارية وان لعب فوقه أي مباراة لا رسمية ولا ودية لكن حين سألنا مغارية في حفل وداعه للملاعب رد قائلا للأسف لم أجد أي اهتمام من طرف السلطات المحلية لمدينة الشلف حتى أقيم هذا العرس بمدينة الشلف.