** عزمتُ على شراء سيارة، وقد أتاحت شبكة الإنترنت أن أتسوق من خلالها حيث يمكن بسهولة أن أزور العديد من مواقع الشركات وأتعرف على منتجاتها، وبسهولة يمكن أن أحدد السيارة التي أرغب في شرائها، وليس هذا فحسب بل يمكن أن أشتري السيارة من خلال الإنترنت، فما حكم الشرع إبرام العقود عبر شبكة الإنترنت؟ * يجيب الشيخ عصام الشعار عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين على هذا السؤال بالقول: بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد.. فاستخدام شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت) في إتمام الصفقات وإبرام العقود لا يمكن أن يُعمم بشأنها حكمٌ واحد يشمل جميع العقود، وذلك لأن لكل عقد أركانه وشروطه، ومن ثم فكل عقد لا تكون شبكة الإنترنت عائقا في توافر أركانه وشروطه عند التعاقد فلا حرج في إبرامه عبر شبكة الإنترنت، فالمدار إذن على توافر الأركان والشروط التي يجب توافرها في العقد الذي يراد إبرامه عبر شبكة الإنترنت. وبناءً على ما سبق فلا يمكن بيع الذهب والفضة ولا يمكن صرف العملات عبر شبكة الإنترنت؛ وذلك لأن الشارع قد اشترط أن يتم تقابض السلعة (الذهب والفضة والعملات) في مجلس العقد وهذا لا تتيحه شبكة الإنترنت. وقد ناقش مجمع الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي مسألة إبرام العقود عبر وسائل الاتصال الحديثة ومنها شبكة الإنترنت، وإليك ما انتهى إليه المجمع بهذا الصدد "إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره الرابع بجدة في المملكة العربية السعودية من 17- 23 شعبان 1410 ه الموافق 14- 20 مارس 1990م، بعد اطلاعه على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع إجراء العقود بآلات الاتصال الحديثة، ونظراً إلى التطور الكبير الذي حصل في وسائل الاتصال وجريان العمل بها في إبرام العقود لسرعة إنجاز المعاملات المالية والتصرفات، وباستحضار ما تعرض له الفقهاء بشأن إبرام العقود بالخطاب وبالكتابة وبالإشارة وبالرسول، وما تقرر من أن التعاقد بين الحاضرين يشترط له اتحاد المجلس -عدا الوصية والإيصاء والوكالة- وتطابق الإيجاب والقبول، وعدم صدور ما يدل على إعراض أحد العاقدين عن التعاقد، والموالاة بين الإيجاب والقبول بحسب العرف. قرر ما يلي: أولاً: إذا تم التعاقد بين غائبين لا يجمعهما مكانٌ واحد ولا يرى أحدُهما الآخر معاينة، ولا يسمع كلامه، وكانت وسيلة الاتصال بينهما الكتابة أو الرسالة أو السفارة (الرسول)، وينطبق ذلك على البرق والتلكس والفاكس وشاشات الحاسب الآلي (الحاسوب)، ففي هذه الحالة ينعقد العقد عند وصول الإيجاب إلى الموجه إليه وقبوله. ثانياً: إذا تم التعاقد بين طرفين في وقت واحد وهما في مكانين متباعدين، وينطبق هذا على الهاتف واللاسلكي، فإن التعاقد بينهما يعتبر تعاقداً بين حاضرين، وتطبق على هذه الحالة الأحكام الأصلية المقررة لدى الفقهاء المشار إليها في الديباجة. ثالثاً: إذا أصدر العارض، بهذه الوسائل، إيجاباً محدد المدة يكون ملزماً بالبقاء على إيجابه خلال تلك المدة، وليس له الرجوع عنه. رابعاً: إن القواعد السابقة لا تشمل النكاح لاشتراط الإشهاد فيه، ولا الصرف لاشتراط التقابض، ولا السلم لاشتراط تعجيل رأس المال. خامساً: ما يتعلق باحتمال التزييف أو التزوير أو الغلط يرجع فيه إلى القواعد العامة للإثبات. والله أعلم. * لا يمكن بيع الذهب والفضة ولا يمكن صرف العملات عبر شبكة الإنترنت؛ وذلك لأن الشارع قد اشترط أن يتم تقابض السلعة (الذهب والفضة والعملات) في مجلس العقد وهذا لا تتيحه شبكة الإنترنت.