الشيخ: قسول جلول التطويب هو طقس شعائري خاص بالنصارى وهوالمرحلة الثالثة من الخطوات الأربعة لعملية تقديس الرهبان والأصل أن يكون في الفاتيكان للدلالة على رمزية معينة. وقد احتفلت قبل أيام قليلة بإعلان التطويب لرهبان تيبحرين 9 الفرنسيين الذين اختطفوا في مارس من دير سيدة الأطلس في جبال المديةجنوب العاصمة و12 من الرهبان والراهبات الكاثوليك الآخرين الذين قتلوا خلال العشرية السوداء في التسعينيات هذه العملية التي استغلها بغض الأشخاص لإنتقاد العملية واعتبروها كأنها ردة للمجتمع الجزائري المسلم وممن حضروا طعنوا في دينهم نطمئن أبناءنا ونقول : لا ولم تؤثر هذه العملية على تدين الجزائريين بل أنقذت الديبلوماسية الدينية تبعات اغتيال رهبان تبحريين وتطويب 19 رجل دين كاثوليكي توفوا خلال العشرية السوداء بوهران _دلالة قوية لأخوة الجزائرية في اتجاه العالم أجمع وحدث غير مسبوق وتنظيم هذه المراسيم تساعد في تضميد جراح الماضي وخلق ديناميكية جديدة للقاء والعيش معا بسلام .فكلكم تتبعتم هذا الملف وكيف أراد أعداء الجزائر في توظيفه سياسيا للضغط على الجزائر ومساومتها في سيادتها ...ولكن حكمة الحكمة أن رجالا ممن لهم ثقافة التوازنات والمآلات وفقه الواقع عملوا على تسيير هذا الملف وفق قواعد المصالحة الوطنية وأبعادها وطوي هذا الملف والحمد لله وأعطت الجزائر درسا في السياسة الخارجية مع الملفات المعقدة وأصبحت قدوة تقتدي بها الدولK ثم أن ما قامت به الجزائرهو تأطيرللعملية وتسيير هذا الملف لا غير. وأيضا رسالة الجزائريين للعالم بأنها دولة تحترم الخصوصيات الدينية لكل أتباع الديانات السماوية خاصة أن المذهب المسيحي المعتمد الكاثوليكي لا يقوم بالعمليات التبشيرية ولا يبثها على أرض الواقع ومن الناحية الدستورية : تنص على حرية ممارسة الشعائر الدينية وهذه واحدة من الممارسة الدينية الخاصة بالمسيحيين ... كما انبثق عن المصالحة الوطنية 16أفريل يوما عالميا للعيش بسلام وتبنته الأممالمتحدة للكلام على هذا الموضوع لابد من التأصيل والتعليل والتدليل من الناحية الشرعية من المغالطة الظاهرة أن يُطعن في من قاموا بهذا التطويب ودخلوا الكنيسة وهم أغلبهم علماء واستندوا في قولهم على أقوال الفقهاء التي صدرت عن اجتهادهم لا عن نصوص صريحة من السنة أوكتاب الله تعالى فأقوال الفقهاء ليست وحيا معصوما بل هي أثر جهد بشري يصيب ويخطئ فلا تحاكم السنة وكتاب الله تعالى إلى كلام الفقهاء وإنما يحاكم كلام الفقهاء إلى نصوص الوحي ومع ذلك فلا بد من التنبيه إلى أنّ التراث الفقهي الذي خلفه الأئمة المجتهدون لا غنى عنه لمن أراد فهم الشريعة فهما صحيحا وهذا التراث مفخرة لهذه الأمة وركيزة من ركائز حضارتها وشاهد على بلوغ هؤلاء الفقهاء مبلغا عظيما من العلم ودقة الفهم مع الورع والإنصاف وصدق الاتباع للحق ولا ينكر ذلك إلا مكابر حاقد أو جاهل بتراثهم وسيرهم وأخلاقهم. أما بخصوص من قالوا بجواز دخول الكنيسة وحضور مراسم ديانتهم في هذه المسألة كان مراعيا لظروف عصرهم وعرفهم وعاداتهم فاجتهاد الفقهاء مبني على عرف قائم في عصرهم أما الآن فقد أصبحت الحاجة إلى كسب العلاقات الدولية بين الشعوب كالحاجة إلى الضرورات والضرورات تبيح المحظورات ومن المعلوم أن الفتاوى تتغير بتغير الأحوال قال ابن القيم رحمه الله: فَإِنَّ الْفَتْوَى تَتَغَيَّرُ بِتَغَيُّرِ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَالْعَوَائِدِ وَالْأَحْوَالِ وَذَلِكَ كُلُّهُ مِنْ دِينِ اللَّهِ. ولذلك فإنّ بعض الفقهاء المتقدمين كانوا يقولون بعدم الجواز كقول بن تيمية المعروف وهذه المسألة ليست من مسائل الاتفاق بين الفقهاء المتقدمين والمتأخرين ولتأصيل ذلك نجده في دستور المدينة أو ما عرف بصحيفة المدينة أو كتاب النبي (صلى الله عليه وسلم) أو العهد النبوي كلها أسماء وضعت لوصف أول دستور مدني متكامل في التاريخ أرسى قواعد المواطنة وثبت أركان العدل بين مكونات المجتمع وطوائفه ونظم العلاقات بينهم لكي يسود التسامح والمحبة ويدخل الناس في السلم كافة..فبعد هجرة النبي (صلى الله عليه وسلم) إلى المدينةالمنورة أقام قواعد المجتمع الإسلامي الجديد على قاعدة التعايش السلمي والتسامح والتعاون بين المسلمين وبقية الطوائف الأخرى فدخل المسلمون في ميثاق مع القبائل العربية واليهودية وحتى من بقوا من المشركين المقيمة هناك فكانت وثيقة المدينة هي الدستور الذي ينظم العلاقات بين مكونات المجتمع الجديد وبين من انضوى تحته من الطوائف والتزموا جميعاً بموجبها مسلمين أكانوا أم غير مسلمين بالتعاون فيما بينهم على إقامة العدل والحفاظ على الأمن وحماية الدولة. وقد علق ابن القيم الجوزية على قصة وفد بني نجران حيث يقول ابن القيم -رحمه الله تعالى-: في القصة جواز دخول أهل الكتاب مساجد المسلمين وفيها تمكين أهل الكتاب من صلاتهم بحضرة المسلمين وفي مساجدهم أيضا إذا كان ذلك عارضًا ولا يمكنون من اعتياد ذلك أما في قول ابن تيمية بعدم تمكينهم والتعاون معهم وحضور احتفالاتهم وطقوسهم :فهذا يحمل على الزمن الذي كانوا فيه حيث كانت العداوة والحملات التبشيرية قائمة والحروب قائمة وفي هذا الحال تتغير الفتوى زمانا ومكانا ولقد أفتى الشيخ أحمد حماني في وقت الاستعمار بان التجنس يعتبر ردة ويخرج صاحبه من الإسلام هذا في وقت الاستعمار لكن بعد الاستقلال أفتى بخلاف ذلك وعليه هذه المسائل وأشباهها يجب أن ينظر إليها العالم بعلمية وموضوعية وبقواعد المستعملة في استنباط الأحكام لا أن يستعمل من لا علم له ولا فقه وينشئ أحكاما يكفر هذا ويفسق ذاك وعلى المتتبعين والناقدين على صفحات الفايسبوك وغيرها نقول لهم (واسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون