* الشيخ أبو اسماعيل خليفة إن في منهج الله قمة الخير للإنسانية لتعيش الجماعة كلها في هدوء وأمان. فّعَنِ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِير رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَثَلُ القَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ وَالوَاقِعِ فِيهَا كَمَثَلِ قَوْم اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَة فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلاَهَا وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنَ المَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ فَقَالُوا: لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا وَنَجَوْا جَمِيعًا . رواه البخاري. هذا الحديث الشريف يُقرر سنة من سنن الله سبحانه وتعالى في الكون وأصلا من الأصول العظيمة وهو تكافل أفراد الأمة وتضامنهم وتعاونهم في سبيل تثبيت دعائم الحق والخير والفضائل والقيام على حراسة هذه الأصول والقضاء على أهل الباطل والشرور والرذائل وإلا فلا قيام لحق ولا استقرار لفضيلة ولا دوام لعزة وسلطان.. وإن حسن النية والقصد أو انعدام سوء القصد لا يُسَوغ العمل إذا كان فيه أو في مآله ضرر وفساد. فأصحابنا الذين أرادوا الخرق في نصيبهم لم يقصدوا إلى إغراق السفينة ولا إلى الانتقام ممن فوقهم وإنما أرادوا بكل براءة وحسن نية أن يأخذوا الماء لأنفسهم ويتجنبوا إزعاج جيرانهم! فهم.. أضافوا النصيب إلى أنفسهم نصيبنا هم يملكون الحق الكامل في هذا النصيب. وخَرقُهم ذلك النصيب هو ممارسة الحق بعينه..ولكن هذا لا يشفع لهم ولا يسمح بالتغاضي عنهم.. فالرسول صلى الله عليه وسلم يوضح أنْ ليس للإنسان أن يستعمل حقّه إن أضرّ بحقوق الآخرين وهذا ما يسمى في القانون الوضعي: نظرية التعسف في استعمال الحق . بمعنى: إن ممارسة الحقوق في المجتمع مرهونة بعدم مسّ حقوق الآخرين والمجتمع كلٌّ متكامل وكلُّ خطأ يرتكبه كلُّ فرد فيه يؤثر على بنيانه بأكمله كما قال رسول الله عليه أفضل السلام: المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضاً . رواه أبوداود والنسائي. فاللهم ألهمنا رشدنا وقنا شر نفوسنا وأعذنا من مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن..