* أنا فتاة أتممت حفظ كتاب الله تعالى -ولله الحمد- وأسعى لنيل العلم الشرعي وما زلتُ في البداية، كلما يتقدَّم أحد لخطبتي أشترط عليه أن يكون حافظاً لكتاب الله؛ لأنني أراه أهلاً لتحمل المسؤولية، وأنه أكثر حفاظاً على دينه وخلقه، وأكثر تخلقاً بأخلاق القرآن، وهذا هو ظني، مع أنه قد يتقدَّم لي من هم ملتزمون بصلاتهم وصيامهم، ولكنهم قد يسبلون إزارهم، أو ممن لا يعفون اللحى، وهذا ما لا أستطيع تحمله؛ لأنني في رأيي أن الملتزم بصلاته وصيامه يجب أن يطبق الشرع في ملبسه، ولكن لا يغفل الباطن. و هذا الموضوع حيَّر أمي وأهلي، فكلما يتقدَّم إلي أحد أوصي أخي، وأقول له: كم يحفظ من القرآن؟ وبالطبع البعض يشعر بالإحراج إذا أجاب بأنه يحفظ سوراً قليلة، (أشعر أن سؤال أخي هذا يثير الإحراج، ويشعر الخاطب كأنه في مدرسة، وربما تركني وذهب؛ لأنه يظن أنني أتكبَّر عليه)، وهذا ما حدث بالفعل معي، رغم أن الخاطب ملتزم إلى حد كبير، وحتى أزيل هذا العائق جعلت مهر المتقدِّم لي إن لم يكن حافظاً للقرآن أن يقوم بحفظه حتى يشعر بالتشجيع، ولكن أخشى أن تفسد نيته، وبالتالي لا يكون حفظه خالصاً لوجه الله تعالى. أرشدوني أفادكم الله. * باسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد.. أختي الفاضلة: هنيئاً لك ما بذلت وقتك فيه، وأنت وأمثالك مفخرة لهذه الأمة، ولكن لا أوافقك على ما اشترطيه في خاطبك، فحفظ القرآن وإن كان عملاً جليلاً فاضلاً لكنه لا يضمن حسن الخلق والعِشرة، وإن كان الأولى بحافظ القرآن أن يكون خلُقه القرآن، وسمته على ما جاء في القرآن، لكن المفروض شيء والواقع شيء آخر، فقد عايشنا وخالطنا أناساً حفظة لكتاب الله، لكنهم –وللأسف- سيِّئو العِشرة والخلق، وفي بعضهم من الحمق والنزق وسوء المعاملة والعنف والعدوانية ما ينفر عنهم القريب والبعيد، وكم عايشنا وخالطنا أناساً لا يحفظون من القرآن إلا الشيء اليسير، لكنَّ خلقهم القرآن، وسمتهم على ما جاء في القرآن، يعملون بالقرآن وإن لم يكونوا له حافظين قارئين. ونصيحتي لك أن تأخذي بنصيحة النبي صلى الله عليه وسلم "إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض" أخرجه الترمذي (1084، 1085)، وابن ماجة (1967)، والحاكم (2742). فلم يشترط النبي صلى الله عليه وسلم حفظ القرآن، وإنما أكَّد على حسن الخلق والدين، فارضي بأول خاطب ترضين دينه وخلقه، فإذا تزوجتيه فابذلي وسعك في حثه على حفظ القرآن، وليكن حفظه للقرآن على يديك. وفقك الله. * لم يشترط النبي صلى الله عليه وسلم حفظ القرآن، وإنما أكَّد على حسن الخلق والدين، فارضي بأول خاطب ترضين دينه وخلقه، فإذا تزوجتيه فابذلي وسعك في حثه على حفظ القرآن، وليكن حفظه للقرآن على يديك. وفقك الله.