التاريخ يكتبه المنتصرون على وباء 2020 هكذا سيبدو العالم بعد كورونا ! خلال الأسابيع الأخيرة تسبب التفشي المتسارع لفيروس كورونا في أصقاع الكرة الأرضية بتعطيل الحياة في مدن عديدة وإغلاق الأسواق وتعطيل حركة السفر والإضرار باقتصاد العالم كما أبرز كفاءة حكومات وكشف فشل أخرى. ويرى العالم ستيفن والت أستاذ العلاقات الدولية في جامعة هارفارد الأمريكية أن جائحة كورونا ستسهم في تقوية الدولة وتعزيز الوطنية وأن الحكومات في مختلف أنحاء العالم ستتبنى إجراءات طارئة لإدارة الأزمة المتمثلة في تفشي الوباء لكن العديد من تلك الحكومات لن ترغب في التخلي عن السلطات الجديدة عندما تنتهي الأزمة. كما توقع أن يسرع انتشار الوباء وتيرة تحول السلطة والنفوذ من الغرب إلى الشرق ويدلل على ذلك باستجابة دول شرقية لمواجهة المرض مثل كوريا الجنوبيةوسنغافورة بشكل أفضل من الدول الأوروبية والولاياتالمتحدةالأمريكية كما أن تعاطي الصين مع الوباء كان جيدا بالرغم من تعثرها في البداية عند اكتشاف الفيروس. وقال إن الاستجابة البطيئة والمتخبطة في أوروبا وأمريكا من الأشياء التي شوهت الهالة التي طالما أحاطت بالتعامل الغربي. ووفقا لوالت فإن الوباء الحالي لن يسهم في تغيير السياسة العالمية السائدة التي يطبعها الصراع ودلل على ذلك بأن الأوبئة التي مرت على البشرية من قبل لم تضع حدا للتنافس بين القوى العظمى ولم تكن نقطة بداية لحقبة جديدة من التعاون العالمي. وخلص إلى أن المعركة ضد الوباء الحالي سينقشع غبارها عن عالم أقل انفتاحا وأقل ازدهارا وحرية نظرا لتضافر عوامل عدة من ضمنها الفيروس القاتل والتخطيط غير المناسب والقيادات التي تفتقر للكفاءة مما يضع البشرية على مسار مثير للقلق. *نهاية العولمة أما روبن نيبليت الرئيس والمدير التنفيذي ل تشاثام هاوس المعروف بالمعهد الملكي للشؤون الدولية ومقره بريطانيا فيرى أن جائحة فيروس كورونا قد تكون القشة التي قصمت ظهر بعير العولمة الاقتصادية. ويُرجع نيبليت ذلك إلى عوالم قبل ظهور الوباء من ضمنها القلق الأمريكي من تنامي القوة الاقتصادية والعسكرية للصين والذي أدى إلى إجماع سياسي على فصل الصين عن التكنولوجيا العالية التي تمتلكها الولاياتالمتحدة ومحاولة حمل حلفاء أمريكا على أن يحذو حذوها. كما أن الضغط الشعبي والسياسي المتزايد لخفض انبعاثات الكربون حماية للبيئة أثار تساؤلات حول اعتماد العديد من الشركات على سلاسل التوريد من مسافات بعيدة. ووفقا لنيبليت فقد أجبر تفشي كوفيد-19 الحكومات والشركات والمجتمعات أيضا على تعزيز قدرتها على التعامل مع فترات طويلة من العزلة الاقتصادية الذاتية ومن المستبعد في ظل كل ما سبق أن يعود العالم إلى فكرة العولمة ذات المنفعة المتبادلة التي طبعت أوائل القرن الحادي والعشرين. عولمة محورها الصين رأي آخر مختلف عن سابقه حول تداعيات وباء كورونا على الاقتصاد العالمي حيث يرى كيشور محبوباني الباحث في معهد آسيا للبحوث بجامعة سنغافورة الوطنية ومؤلف كتاب هل فازت الصين؟ حول تحدي الصين للهيمنة الأمريكية أن الجائحة لن تؤثر كثيرا على الاتجاهات الاقتصادية العالمية ولكنها ستسهم في تسريع تغيير كان قد بدأ بالفعل هو الانتقال من العولمة التي تتمحور حول الولاياتالمتحدة إلى عولمة تتمحور حول الصين. وأشار محبوباني إلى أن هذا السيناريو بات مرجحا في ظل فقدان الشعب الأمريكي الثقة بالعولمة والتجارة الدولية والذي بات أيضا يرى أن اتفاقيات التجارة الحرة أصبحت سامة سواء في ظل حكم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أو غيره. وفي المقابل لم يفقد الصينيون ثقتهم بالعولمة والتجارة الدولية نظرا لعدة أسباب بعضها يعود لأسباب تاريخية حيث يدرك القادة الصينيون جيدًا الآن أن قرن الذل الذي عاشته الصين من عام 1842 إلى عام 1949 كان نتيجة لتهاونها والجهود غير المجدية التي بذلها قادتها لقطعها عن العالم. وقد أثمر انفتاح الصين على العالم خلال العقود القليلة الماضية انتعاشا اقتصاديا وعزز ثقة الشعب الصيني بثقافته فبات الصينيون يؤمنون بقدرتهم على المنافسة في أي مكان من العالم. *أمريكا لم تنجح في اختبار القيادة ترى نائبة المدير العام للمعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية كوري شاك أن عالم ما بعد فيروس كورونا لن يشهد استمرار زعامة الولاياتالمتحدة للعالم. وقالت شاك في توقعاتها إن العالم لن ينظر إلى الولاياتالمتحدة بعد الآن كقائد دولي نظرا لسلوك الإدارة الأمريكية الذي يقوم على تغليب المصالح الذاتية الضيقة وافتقار تلك الإدارة الفادح للكفاءة. وأشارت إلى أنه كان بالإمكان التخفيف من الآثار العالمية لهذا الوباء إلى حد كبير من خلال قيام المنظمات الدولية بتوفير مزيد من المعلومات في وقت مبكر الأمر الذي سيمنح الحكومات الوقت الكافي لإعداد وتوجيه الموارد للأماكن التي تعد أكثر حاجة إليها وكان بمقدور الولاياتالمتحدة الاضطلاع بهذا الدور وتنظيم تلك الجهود لتثبت أن اهتمامها لا ينصب فقط على الشأن الداخلي الأمريكي. وختمت شاك بأن واشنطن قد فشلت في اختبار القيادة وأن العالم قد بات أسوأ حالا نتيجة لذلك الفشل. *التاريخ يكتبه المنتصرون على كورونا توقع جون آلن مدير معهد بروكينغز أن المنتصرين في المعركة ضد فيروس كورونا القاتل هم من سيتسنى لهم كتابة التاريخ كما هي الحال عبر تاريخ البشرية. وقال إن كافة الدول باتت تعاني من الإجهاد المجتمعي الناجم عن انتشار الفيروس بطرق جديدة وقوية وإن الدول التي تنجو بفضل نظمها السياسية والاقتصادية والصحية الفريدة ستفوز على الدول التي خرجت بنتائج مختلفة ومدمرة في معركتها ضد الفيروس القاتل. وأشار آلن إلى أن النظرة لما ستسفر عنه المعركة ضد كورونا ستتراوح بين من يرى فيها انتصارا حاسما للديمقراطية والتعددية والرعاية الصحية الشاملة فيما سيرى فيها البعض دليلا على الفوائد الجلية للحكم الاستبدادي الحاسم. كما توقع آلن أن يتعرض النظام الدولي لضغوط كثيرة بسبب الفيروس الذي اجتاح معظم دول العالم خلال الأسابيع الأخيرة وأدى إلى تراجع النشاط الاقتصادي وزيادة التوتر بين البلدان مما قد يؤدي إلى عدم الاستقرار وإلى نزاع واسع النطاق داخل بعض الدول وفيما بينها.