اللامبالاة واللاوعي يُنذران بكارثة.. الشعب في مواجهة مباشرة مع كورونا! ما إن أقرت السلطات العليا للبلاد مباشرة بعض النشاطات التجارية التي تعد ضرورية واساسية للمواطن، خاصة في هذا الشهر المبارك. حتى انطلق المواطنون في سباق مع الزمان وحتى المكان لاقتناء حاجياتهم ناسين أو متناسين خطر الوباء الذي يحوم في كل مكان ويتربص بالمهملين لقواعد الوقاية التي سطرتها السلطات، وهذا ما يجعل منهم فريسة سهلة للوباء. هو لاوعي واهمال شعبي باتم معنى الكلمة، ربما يجدر بنا التساؤل حول الأسباب والدوافع؟ كما يجدر بنا أيضا التعمق قليلا والبحث عن مصدر هذا الفكر الفاسد الذي أدى إلى ظهور ايديولوجيات فاسدة أفسدت طبيعة المجتمع الجزائري واصالته الفكرية...؟! بدون شك، هذا الفكر مصدره تاريخي يرجع إلى ما بعد الاستقلال كما ذكر المفكر مالك بن نبي، حيث ظهر فكر جديد قائم على مبادئ وقيم تتنافى كليا مع الفكر الإسلامي الأصيل! من أهم هذه المبادئ، الأنانية وحب النفس، تفضيل وتسبيق المصلحة الخاصة على العامة، وهذا طبعا ما أدى إلى اندثار عقيدة وروح العمل الجماعي والتعاون. مما أدى بدوره إلى اختلال التوازن المجتمعي. هذا الاختلال أدى بدوره إلى بروز ايديولوجيات كثيرة ومتنوعة، لكنها كلها سلبية وفاسدة ومتناقضة حتى مع صاحبها بالذات. بحيث مع مرور الوقت لا يستطيع التحكم فيها وهذا ما يؤدي إلى انعكاس الأثر عليه. بل أكثر من ذلك، تصبح وراثية ! يرثها الأبناء، فالآباء هم قدوة أبنائهم. إن الاختلال في التوازن المجتمعي الذي أدى إلى ظهور طبقات في المجتمع، كان له دور كبير في بروز وميلاد جيل لا يعرف معنى النظام والتنظيم، لا يأبه بالقانون، لا يبالي حتى بالسلوك والأخلاق. و بالرجوع لجاءحة كورونا واللاوعي الشعبي، بالرغم من أن هذا الوباء استطاع فرض منطقه وتبيين قدرته التي لا تنفك تتوقف ومازالت تحصد الأرواح يوم بعد يوم، إلا أن فئة كبيرة من الشعب لا زالت متمسكة في فكرها وايديولوجيتها الفاسدة التي أصبحت صفة أو بتعبير آخر أكثر دقة ؛ اتخذت شكلا متمثل في سلوكيات يمارسها المواطن يوميا دون شعور، أي بصفة عفوية وكأنها مغروسة في نفسه منذ ولادته. مع أن التاريخ والأصل غير ذلك !!. في هذا الإطار، وفي الظروف الحالية، والأزمة الفكرية الأخلاقية التي طالت المجتمع وافقدته قيمه ومبادئه، لابد من العمل على بناء نظام كامل متكامل، سياسي اجتماعي، قائم على مبادئ وقيم إسلامية، أساسها التربية والأخلاق. يجب العمل على ترسيخ عقيدة الأخلاق والسلوك الأخلاقي من خلال زرع ثقافة التعاون والتشارك والتبادل... كما يجب أن تعمل الجهة السياسية على تفعيل برامج توجيهية رقابية على مستوى هياكل المجتمع ومكوناته، من أسرة وإدارة وكل تجمع يشكل عينة من المجتمع. بمعنى آخر، إن الدور التوجيهي الرقابي للسلطة السياسية يجب أن يكون صارما ويتماشى مع المعطيات والظروف حتى يتمكن من مسايرة الأوضاع والتطورات وبالتالي التقرب من المواطن ومشاركته الحياة اليومية حتى تتمكن من توجيهه ومراقبته. حقيقة هو عمل صعب خاصة في ظل الوضع والأزمة الفكرية التي طالت المجتمع الجزائري، إلا أنه ليس بالمستحيل. يستوجب فقط القيام ببعض التعديلات وإعادة تنظيم وسائل التواصل بكل انواعها واشكالها التي تربط السلطة بالمواطن، وذلك من أجل استرجاع المصداقية وكسب ثقة المواطن. هذه الثقة التي فقدت وبفقدانها تلاشت العلاقة حتى أصبح المواطن لا يبالي ولا يكترث مما يصدر عن السلطة، بل أكثر من ذلك في بعض الأحيان يكذبه ! إن هذا الوباء، هو فرصة سانحة لكلا طرفي العلاقة ( الشعب والسلطة) من أجل تدارك الأوضاع وإعادة النظر في الأسباب والمشاكل وطرح الحلول من أجل بناء دولة قوية بسلطتها وشعبها. محاربة كورونا والقضاء عليه ليس مهمة السلطة وحدها، كما هو ليس مهمة الشعب لوحده، بطبيعة الحال هو مهمة الطرفين معا، هو مهمة الجميع، ومن أجل تحقيق الهدف يجب العمل معا بصفة جماعية متكاملة ومنظمة. باختصار وببساطة، السلطة تعمل على توفير الإمكانيات واصدار القرارات والتعليمات المناسبة والفعالة، والمواطن يحترم هذه التعليمات ويلتزم بها.