بقلم: نورالدين مباركي * إن الحديث عن الكفاءة هو موضوع الساعة في العالم خاصة في البلدان السائرة في طريق النمو والتي تسعى لتطوير انظمتها ومسايرة التطورات في شتى المجالات. فالكفاءة وكما تطرقنا إليها سابقا هي مجموع معارف وتقنيات يكتسبها الشخص عن طريق التكوين وحتى الخبرة وبالمعنى الدقيق والفعلي الوظيفي هي قدرة الموظف على التعامل مع وضعية وإشكالية وإيجاد الحل بطريقة سلسة قانونية فعالة وبأحسن النتائج. وبخصوص الأخلاق فيبقى هذا الموضوع حديث كل الأوقات والأزمنة ومجال بحث كل المعنيين خاصة في المجال الوظيفي. لحد الآن تعمل الدول المتطورة والنامية خاصة على غرار الجزائر إلى إيجاد آليات وبرامج تتوافق مع هذا الموضوع الذي يعتبر إشكالية بل أكثر من ذلك نظرية معقدة. لكن هذه النظرية ليست مستحيلة التجسيد والطرح على أرض الواقع وغنما صعبة بصعوبة بيئة العمل والوظيفة. إن تعقيد المحيط المهني يزيد من تعقيد هذه النظرية بل أكثر من ذلك يحول دون تجسيدها ميدانيا. قد يتساءل البعض من خلال عنوان هذا المقال عن ذكر مصطلح الكفاءة المهنية ولماذا لم اكتفي بالكفاءة فقط ؟ نعم وبكل بساطة لأن الأخلاق هي أيضا كفاءة هي كفاءة شخصية تولد عن طبيعة فكرية عقائدية تربوية خاصة تتجسد من خلال سلوك الفرد في المجتمع. إلا أنه في المجل المهني يجب على الشخص العمل على تحسين قدراته وكفاءته الأخلاقية من خلال تجسيد السلوك المثالي مما يتوافق مع العلاقة التي تربطه بالمواطن من خلال مختلف المعاملات كما ان هذا الشخص (الموظف) والذي لا يمثل شخصه فقط في المجال المهني وإنما الإدارة او المؤسسة او الكيان الذي يمثله. كما قد يتساءل البعض عن كيفية تحسين السلوك الاخلاقي بينما هو مكتسب بالفطرة ؟ من خلال هذا التساؤل يمكن القول أن الأخلاق تكتسب بالفطرة وتكون نتيجة تربية حسنة قائمة على المبادئ والقيم لكن يمكن تطوير وتحسين السلوك الاخلاقي من خلال آليات وبرامج يتم تسطيرها ووضعها من طرف الإدارة. من خلال هذه النظرة الوجيزة الفاصلة بين الكفاءة المهنية والأخلاق ومن خلال سهولة النظرية الأولى (الكفاءة المهنية) في الطرح والتجسيد من جهة ومن جهة أخرى صعوبة تجسيد النظرية الثانية (الأخلاق). لازلنا في طور البحث عن العلاقة التي تربط النظريتين مع بعضهما بل اكثر من ذلك تجعلهما متناسقتين متكاملتين. طبعا هذه العلاقة هي مهمة وأساسية بل واجبة لذا وجب العمل اكثر على إيجاد الحلول والمفاتيح اللازمة والآليات لوضع أسس هذه العلاقة وبالتالي ترسيخ الفكر الاخلاقي في الوسط المهني. ربما يمكن القول وطرح بعض الآليات التي قد تطرقنا إليها سابقا من خلال احد المقالات والتي أعتبرها تقنيات يجب على الإدارة اعتمادها وتسطيرها من خلال برامج التكوين الأولي والمستمر على حد سواء. إن هذه التقنيات تتمثل في: تشجيع وتقييم وتوجيه السلوك الاخلاقي للموظف. حيث يتم تجسيد هذه التقنيات وتعزيزها بمراقبة ومرافقة أطباء علم النفس ومختصين في بيئة العمل للقيام بالتحليل والتقييم والتوجيه وكذلك تهيئة الموظف نفسيا ليكون قادرا على تجسيد كفاءته الأخلاقية على ارض الواقع. على غرار الكفاء المهنية إن الأخلاق تبقى العائق الاكبر في مجال الوظيفة في الإدارة الجزائرية فالبحث عن حل لهذه الإشكالية المتمثلة في العلاقة بين الكفاءة المهنية والاخلاق يبقى مطروح ومجال البحث الدائم والمتواصل حيث ان الجميع معني به (المواطن _الموظف-الإدارة) كل له دور في هذه المعادلة الصعبة والتي يرى البعض انها مستحيلة نظرا للأزمة الاخلاقية والإيديولوجية الفاسدة التي طغت على المجتمع ككل وليس الوسط المهني فقط. إن هذا التأثير السلبي على الوظيفة ما هو إلا انعكاس لتأثير الإيديولوجية الفاسدة للمجتمع على الإدارة وحلولها دون الوصول إلى إقامة رابط وإيجاد العلاقة بين الكفاءة المهنية والاخلاق التي تبقى مفقودة.