"أخبار اليوم" ترصد الآراء حول الأعمال الفنية العربية في شهر رمضان: المشاهدون يُغربلون ما يُعرَض في الشاشات إعداد: جمال بوزيان تتكرر كل شهر رمضان فضائح متنوعة في أعمال تُوصَف ب"الفنية"؛ وتُقدَّم على أساس زرع البسمة والتسلية للمشاهدين؛ لكن هذا العام تطورت "المَقالِب" عبر "الكاميرا الخفية" إلى الأسوأ؛ وإهانة الإنسان الذي كرمه الله أحسن تكريم؛ إضافة لِمَا سببته سلسلة فكاهية خدشت العلاقة المتينة بين الشعبين الشقيقين الجزائريوالتونسي.. بذلك وغيره سقطت أوراق التوت الأخيرة عن كثير من المُنتِجين والمُخرِجين والفنانين والقنوات التلفزيونية لدرجة الدعوات الصريحة إلى التطبيع مع "الكيان الصهيوني" الغاصب. في هذا الإطار رصدت "أخبار اليوم" آراء فنانين وإعلاميين وكُتَّاب حول هذه الظاهرة التي تنخر جسم المجتمعات العربية والإسلامية. ميادة مهنا سليمان "شاعرة سوريا": فنانون رسم المتابعون لهم صورا جميلة وضعوا أنفسهم في مواقف الإذلال والإهانة! يأتي شهر رمضان الكريم، وتبدأ المنافسة بين شركات الإنتاج، والمحطّات في جذب المشاهدين إليها، بغية نيل أكبر نِسَب متابعة، وتتنوّع هذه الأعمال الفنّيّة ما بين التّاريخيّ، الدّراميّ، الكوميديّ، وبرامج الطّبخ الّتي تستهوي الكثيرين، وبرامج المسابقات السّخيفة الّتي يرافقها ميوعة المقدِّم، والمُقدِّمة، وكأنَّ ذلك بات شرطًا من شروط نجاح هذه البرامج الّتي تتخلّلها الأغاني، والتّصفيق إن أجاب الفائز عن سؤال يسير بغيةَ أن يربّحه القائمون على البرنامج. أمّا بخصوص مسلسلات رمضان صراحةً أنا منذ قرابة خمسة أعوام لا أتابع مسلسلات إلّا نادرًا، رغم أنّي كنت سابقًا أتابع عددًا كبيرًا منها حتّى أنّي كنت أكتبها على ورقة كي لا أنسى مواعيدها، بسبب كثرتها. لكن الأمر السّليم أنّ المرء يجب أن يصبح أكثر نضجًا عندما يتقدّم في العمر، ولذلك أعتبر الآن أنّ وقتي أثمن من أن أضيّعه على تلك المسلسلات الّتي باتت أفكارها مكرّرة، وممثّلاتها يعرضنَ أجسادهنّ، وأزياءهنّ أكثر ممّا يعرضنَ مواهبهنَّ، عدا عن أنّ كثير من تلك المسلسلات بات يصوّر مآسي الحرب الّتي عشناها.. أنا لا أحتمل رؤية مَشاهد عنف إطلاقًا، هذا من قبل الحرب، فكيف الآن وقد رأينا أبشع الجرائم، وأقذرها بحقّ المواطنين الأبرياء؟. نحن بأمسّ الحاجة لما ينسينا تلك المَشاهد القاسية الّتي تحتفظ بها ذاكرتنا، لذلك إن تابعتُ مسلسلًا فسيكون كوميديًّا من غير ابتذال أو إسفاف في طرح الأفكار، أو مبالغة في حركات الممثّلين، لإضحاك المَشاهد، لذلك يشدّني مسلسل (بقعة ضوء) رغم تفاوت اللوحات المقدّمة فيه، وكنت سابقًا أتابع مسلسل (مرايا) للفنّان ياسر العظمة، وممّا أذكره من أيّام الطّفولة أنّني كنت أتلهّف فيها لشهر رمضان، بسبب طقوسه الجميلة، وقدسيّة لحظاته، وكنت أتابع فيه فوازير (نيللي وشيريهان) وكنت معجبة جدًّا، بل مسحورة بالفنّانة شيريهان، وأحتفظ بصورها لشدّة تأثير أعمالها وأدائها على ذاكرتي. لكن الآن كلّ شيء تغيّر، لم تعد هناك بهجة لِما يُقدَّم بسبب ضخامة الإنتاج التّلفزيونيّ، وكأنّ العمل إن عُرِضَ برمضان سيصبح أجمل!. ومن اللافت هو ظاهرة (المقالب) المبتذلة، والمهينة كما قدّمته قناتي الشّروق ونوميديا الجزائريتين بسبب ما وصف بأنّه "لا يحترم الكرامة الإنسانيّة". وأعجب من البرنامج السّخيف جدًّا (رامز مجنون رسميّ) حقيقةً حين رأيت برومو البرنامج شعرت باستفزاز وقرف شديدَين، فكميّة العنف كبيرة جدًّا، وهذا شيء مؤسف أن يعرض في شهر الرّحمة والبركة والخير، كنت سابقًا قد تابعت حلقة من سلسلة برامج هذا الممثّل الّذي بات يقدّم البرامج على أنّه ظريف وقريب إلى القلب، نعم هناك من يتابعه، ولكن كثيرون ممتعضون ويطالبون بوقف برنامجه، ولكن أعتقد أنّ محطّة "إم.بي.سي" الّتي تدعمه قد تقف ضدّ أيّ إجراء من هذا القبيل، والشّيء الّذي لا يعلمه كثيرون هو أنّ الضّيوف على علم مسبق أنّهم سيكونون ضحيّة مقلب، ليس في هذا الجزء، لأنّ أحدهم قد يقول: بأنّ اسم المقدّم اقترن بالمقالب، ولكن منذ الأجزاء الأولى أكّدَ فنّانون أجريت لقاءات معهم بأنّهم أُخبروا بأنّ مقلبًا ينتظرهم، ولكن لا يعلمون ما هو؟. حتّى أنّ إحدى الممثّلات قالت بأنّها اتّفقت مع القائمين على البرنامج كيف ستظهر، ماذا ستلبس، وأين ستجلس، بل أكثر من ذلك اعترفت بأنّها كتبت جُملًا، وحفظتها كي تردّدها، لتوهم المشاهد أنّها خائفة!. إذن، كلّ ما يتابعه المُشاهد هو سخرية منه، وإضاعة لوقته، وكذب على عقله وفكره، وأعجب لمن يرضى لنفسه أن يكون ضحيّة برنامج مبتذل كهذا. وأعجب من فنّانين رسَمَ المتابع لهم صورًا جميلةً كيف وضعوا أنفسهم موقف الإذلال والإهانة في برنامج المقالب الأخير لرامز جلال لكن على ما يبدو أنّ المبالغ الخياليّة الّتي وضعت في جيوبهم كمّت أفواههم!. عدا عن أنّ الممثّل رامز جلال يقدّم برنامجًا في الأصل لا يناسب عمره، فهو ليس صغيرًا كما يبدو على وجهه بسبب التّجميل الّذي أجراه، وكان الأجدر به أن يحترم عمره، وما قدّمه سابقًا من أعمال فنّيّة نسفَها بهذه المقالب والأفعال الصّبيانيّة المبتذلة. دعاء محمود حسن الشنهوري "أستاذة وشاعرة مصر": الفكاهة صارت كبسولات في قالب مبتذل وصورة عقيمة فنيا للأعمال الفنية أثرها الكبير على المتلقي لما تتمتع به من انتشار واسع وسريع لعدد كبير من المتابعين، ومن هنا تأتي قيمة الفن وتكمن رسالته، ولكن تتعدد الأسئلة حول هذا العنوان "الفن رسالة" فهل كل الفن رسالة؟ وهل كل الفن يقدم في قالب يحترم عقل المتلقي أم أن الفن أصبح سلعة يسلب بها عقل المتلقي ويبيع له كبسولات الفكاهة في قالب مبتذل وصورة عقيمة فنيا أكثرها إضاءة وصخب دون هدف واضح ومعنى محدد؟. وفي المقابل هل المشاهد لديه الوعي الكامل والكافي لغربلة الأعمال المعروضة والوقوف على الجيد منها والابتعاد عن المبتذل أو المفتعل أو الملتبس. لنأخذ القياس على ثلاث أعمال عربية متنوعة تعرض حاليا في إطار السباق الرمضاني وتزامن مع عرضها ضجة كبيرة وجدل بين المؤيد والمعارض لها لنرى إلي أي مدى يمكننا أن نطبق قاعدة "الفن رسالة" خاصة وان هذه الأعمال باقية لأجيال وأجيال وإن اندثر الرديء منها لكن قد تؤثر على الجيل الحالي. العمل الأول وهو الأكثر مشاهدة عربيا على مدى السنوات السابقة رغم أنه ليس عمل درامي ولكنه برنامج مقالب له انتشار واسع بسبب الدعاية المسبقة وتنوع النجوم المشاركين فيه "اتفاقا أو غير ذلك" على مستوى الوطن العربي برنامج مثل "جلال رامز".. وباختلاف المسميات من "واكل الجو"، "في البحرّ، وأخيرا "مجنون رسمي"، إلا أن هذا العام صاحبه انتقاد شديد رغم أن الفكرة لم تتغير وأن تغير شكل المقلب إلا أنك تستطيع أن تستمع في هذا البرنامج على كم من السباب ونصف الحلقة تصفير وفي النهاية يتصدر نسبة المشاهدة هل هو المخطئ أم المتلقي أم الممولون لمثل هذا العمل؟. نتساءل أين الرسالة التي يخرج بها المشاهد من الحلقة على مدار الشهر الفضيل؟. الدراما والسياسة صورة نمطية برؤية عصرية سبق وأن تحدثنا عن عملين دراميين يتزامن عرضهما معا في هذا العام، العمل الأول هو المسلسل الكويتي (أم هارون) الذي قيل عنه أنه دعوة علنية للتطبيع مع "الكيان الصهيوني" ويعالج هذا المسلسل العلاقة بين المسلمين والنصارى والجالية اليهودية في فترة الأربعينيات والمظالم والتمييز الذي يعانيه المجتمع اليهودي خلال ذروة الحركة الصهيونية والنكبة، تليها العنصرية والتمييز المنهجي الذي واجهوه في "إسرائيل" بعد طردهم من وطنهم.. والمسلسل بطولة حياة الفهد التي اتهمت بالعنصرية بعد دعوتها لطرد المصابين ب"كورونا 19" من الكويت.. لا يزال المسلسل يعرض إلى الآن رغم كل الانتقادات الموجهة له. العمل الآخر هو عمل درامي مصري اسمه "النهاية" تدور أحداث المسلسل بعد قرن من الآن عام 2120 في أول مشاهد المسلسل وتحت مسمى "مشهد تحرير القدس" دار حوار بين معلم وبعض التلاميذ قائلا: "الولاياتالمتحدةالأمريكية كانت الداعم الأكبر للدولة الصهيونية ولما جاءت الفرصة للدول العربية للتخلص من عدوها اللدود قامت حرب التحرير "حرب تحرير القدس" التي قضت فيها الدول العربية على "إسرائيل".. العمل يحكى عن عالم بلا أمريكا و"إسرائيل" بمشاهد في القدس.. مما دفع الخارجية "الإسرائيلية" للاعتراض قائلة: ".. إنه من المؤسف وغير المقبول أن يكون مثل هذا عمل في دولة أبرمت معها معاهدة السلام..". ورد المُخرج بأنه حلم داخل كل عربي برغم معاهدة السلام المبرمة. إن الأعمال الفنية صورة من صور التاريخ وقد تكون الموثق له سواء كان العمل دراميا أم تشكيليا أم غير ذلك.. ما تزال لوحة بيكاسو "الجرنيكا" تخلد ذكرى المدينة المحروقة في اسبانيا.. ويبقى السؤال:متى يكون الفن رسالة؟. مهدي قاصدي "فنان مسرحي-الجزائر": هناك مسلسلات مملة وتفتقر للجاذبية ومسلسلات تستحق المتابعة أثارت القناة التلفزيونية الفضائية "إم.بي.سي" موجة غضب جديدة وشديدة مع بداية شهر رمضان المبارك، بعد اتهامها بالترويج للتطبيع مع "إسرائيل". "الدراما الرمضانية عام 2020 مملة وتفتقر للجاذبية بشكل عام".. لم يعد المشاهد العربي يهتم بما يقدم له من أعمال درامية في الشهر المبارك لأسباب قد تكون معروفة للجميع، ولعل من أبرز أسباب نفور المتلقي عن متابعة هذه الأعمال أنها غدت مملة ولا تناقش همومه وقضاياه التي يبحث عن وجودها من بين هذه الدراما التجارية، وهناك أعمال تستحق المشاهدة، مثلا في تونس "مسلسل 27" وفي مصر مسلسل "الاختيار". إن دراما 2020 في الجزائر حدث ولا حرج ما تزال تعيش في "موت سريري" إذ تعيش فترة من الضياع وغياب المهنية.. أكبر دليل ما شاهدناه في حصة الكاميرا المخفية عبر قناة "نوميديا" التي دنست شخصية المواطن الجزائري، وراحت تستغل هذه الفئة من الشعب.. هل لكم فقر فكري لهذه الدرجة؟، للأسف الشديد إننا نعيش فترة من فترات الضعف التي تتطلب وجود صحوة لإنقاذ الموقف والتجديد في هذا الميدان بعيدا عن المجاملات التي قتلت الدراما الرمضانية الجزائرية وجعلتها تعيش اليوم أسوأ أيام عصورها. الحلول لرفع المستوى، أولا، يجب على المُنتِجين أن يعطوا الأولوية القصوى للمسرحيين الممارسين، كفانا أشباه ممثلين يأخذون مكان من لهم باع طويل في التمثيل المسرحي، ويجب أن تكون قائمة أسماء موسعة توزع على المُنتِجين للخروج من هذه الأزمة، ويجب إعادة النظر في كتابة السيناريوهات، يوجد كُتاب ذوو اختصاص لكنهم مهمشون. في الأخير، كنت أتمنى مثل كل الشعب الجزائري مشاهدة سلسلة "دقيوس ومقيوس" لكن للأسف لا نعرف حتى الآن الجهة التي حرمتنا من هذا الإبداع. أيمن دربال "فنان مسرحي-الجزائر": مسلسل "مَخرج 7" يعرض خطاب كراهية ضد الفلسطينيين ودعوة صريحة للتطبيع مع "إسرائيل" تراوح شعور الجمهور العربي بين الاستياء واللامبالاة بالأعمال الفنية الرمضانية هذا العام لأن تلك الأعمال الدرامية والتلفزيونية لم تكن متاحة بالزخم الذي اعتاده المشاهد كل عام، وهذا راجع إلى تفشي وباء "كورونا 19"، فكانت الإجراءات الصارمة التي اتخذها العالَم للحد من هذا الفيروس كمنع التجمعات والعمل وتوقيف الرحلات والطيران.. كل هذا أثر تأثيرا مباشرا على الأعمال الفنية لا سيما المسلسلات وبرامج المقالب التي كانت السلوى للمشاهد ف"كورونا" أصاب الدراما بالشلل، ولم نشاهد إلا القليل من الفن والدراما. أما في الجزائر فقد أثارت حصة الكاميرا الخفية المعنونة "أنا وراجلي" التي بثت عبر قناة "نوميديا" الجزائرية أثارت جدلا واسعا في أوساط مجتمعنا الذي عرف بالأخلاق العالية والنخوة. فجر "أنا وراجلي" غضبا على مواقع التواصل الاجتماعي إذ يتم إحضار فرد وإخباره بفوزه بهدية والمفاجأة أن الهدية امرأة وأنه سيتزوجها في الحين، ويتم تحضير كل شيء لإقناعه أن الزواج حقيقي.. ليتم إخباره في النهاية أنه مقلب.. وقد أثارت الحلقة الأولى ضجة كبيرة لأن الضحية رجل أربعيني يعاني ظروفا صعبة ويفرح كثيرا بخبر الزواج لينتهي حلمه بكذبة كان هو صاحبها لا لشيء إلا لإضحاك الناس. أما المسلسلات فقد صار دورها تعليم فتياتنا أن النجاح وبلوغ الشهرة يكون بتحدي الأعراف والتقاليد والتمرد على المبادئ والقِيم إذ صارت تروج إلى أن الحجاب تخلف ورجعية وأن المرأة المتبرجة متعلمة ومثقفة.. مسلسلات تعلم النساء الساذجات أن حب الزوج عبث وأن العشيق والخليل تمدن.. تعلمهن أن الحياء والعفة عادات بالية بائدة فتغري المرأة بإقامة علاقات مع الرجال وتغري الأزواج بتقبل الأمر. أما قناة "إم.بي.سي" فقد صارت تروج علنا للتطبيع مع "إسرائيل" حيث تجلى ذلك واضحا من خلال مسلسل "مَخرج 7" حيث ظهر هناك خطاب كراهية وعنصرية ضد الفلسطينيين ودعوة صريحة للتطبيع، وبدا الممثل ناصر القصيبي وراشد الشمراني في حوار بينهما تمثل في الدعوة لتوسيع الأعمال التجارية والتعاون مع "إسرائيل" لينتهي الحوار بعبارة:"دخلنا حروبا علشان فلسطين، قطعنا النفط علشان فلسطين، ويوم صارت سلطة ندفع رواتب نحن أحق بها، وهم ما يصدقون فرصة يهاجمون السعودية".. هذه عينة من الأعمال الفنية الرمضانية والحُكم لك أيها المُشاهد.