أخذت ظاهرة الانزلاقات الأرضية التي طالت ما لا يقلّ عن 150 هكتار موزّعة عبر مناطق عين الحمّام شرق ولاية تيزي وزو وتيڤزيرت شمالها منعرجا خطيرا، تطلّب اتّخاذ إجراءات استعجاليه وسريعة تقيّدت بعامل الوقت، أين استغرقت الدراسة المسندة إلى مكتب الدراسات المشترك (الجزائري - الفرنسي) ما يزيد عن سنة واحدة. وفي انتظار ما تسفر عنه النتائج النّهائية التي أودعت أمس لدى السلطات المعنية، تمّ إجلاء العائلات المتضرّرة وإعادة إسكانها ببلدية »أبي يوسف« بعين الحمّام، في حين تمّ هدم البنايات المتواجدة بالأحياء المتضرّرة وكذا المحلاّت التجارية التي أخلاها أصحابها بعدما استعانت السلطات المحلّية بالقوّة العمومية. كما أثار التأخّر الذي عرفته الدراسة خوف المواطنين، خاصّة وأنه لم يتمّ تحديد النّطاق الإجمالي والحقيقي لحدود الانزلاق وبقي الخوف وإلغاء المشاريع التنموية إلى إشعار آخر بالمناطق المتضرّرة ملازما للظاهرة في الفترة ما قبل ظهور النتائج النّهائية للدراسة التي رصد لها غلاف مالي قدّر ب 60 مليون دج، وتعتبر الأولى من نوعها على المستوى الوطني، حيث لم يحدث من قبل وأن عرفت هذه الظاهرة بمنطقة أخرى بالجزائر. وقد بلغ عدد القرى المهدّدة بخطرها مالا يقلّ عن 22 قرية، وباستثناء الإجلاء الاستعجالي للعائلات المتضرّرة بقيت جميع الحلول رهينة نتائج دراسة المكتبين الفرنسي والجزائري المكلّف بالدراسات الخاصّة بقطاعي الري والمحيط، والذي يديره الخبير »بوضياف عزّ الدين«، حيث بقيت السلطات والمواطنون المتضرّرون عاجزين أمام هذه الظاهرة الطبيعية. وأكّدت التقارير الأوّلية المقدّمة من طرف مكتب الدراسات المشترك في 11 أكتوبر من السنة الماضية أن ما مقداره 10 هكتارات من أصل 187 هكتار تتربّع عليها بلدية عين الحمّام مصنّفة في الخانة الحمراء، وجلّ المدينة بنيت على هذه المنطقة المتحرّكة على عمق يزيد عن 30 مترا، و يتعلّق الأمر بكلّ من شارع »عميروش« وشارع »بولنوار« إلى غاية قرية »سيدي سعيد« على مساحة تصل إلى هكتارين. كما تقرّر في تلك الفترة اتّخاذ إجراءات استعجالية تمثّلت في هدم بعض البنايات الكائنة بالمنطقة المسمّاة »السوق« وشارع »عميروش«، ولم يقدّم ذات المكتب توضيحات إضافية عن الأسباب التي جعلت من عين الحمّام منطقة معرّضة للتحرّك والانزلاق المستمرّ للتربة، لعدم اكتمال الدراسة والتصريح بأيّ تفاصيل سابقة لأوانها قد يصيب سكان المنطقة بذعر أكبر ممّا هم فيه. في حين عمد المكتب إلى وضع المنطقة المحدّدة والمهدّدة بالخطر تحت المراقبة المستمرّة من خلال تجنيد تقنيين تواجدوا بعين المكان لمراقبة أدنى تغيّر أو تحرّك للتربة يلاحظ بالعين المجرّدة، إلى جانب وضع المنطقة تحت مراقبة الأقمار الاصطناعية لالتقاط الصور بالساتل وكشف المواقع المعنية بدقّة يستعان بها في الدراسة. وتعتبر البنايات الواقعة بشارع »عميروش« معرّضة للهدم، خاصّة الحي المسمّى »كناب البلدية«، علما أن مدير التعمير كان قد أكّد في وقت سابق أنه تمّ ترحيل 12 عائلة من الموقع المهدّم في نهاية السنة الماضية، فيما سيتمّ إعادة إسكان العائلات الأخرى التي تقطن بالشوارع السالف ذكرها بعد تأكيد إجراءات الهدم، بعدما تمّ تخصيص موقع لإيواء السكان وذلك ببلدية »أبي يوسف« من خلال تجسيد مشروع إنجاز 160 وحدة سكنية. **** انزلاق التربة يهدّد الطريق الوطني رقم 24 بتيڤزيرت بلغت المساحة الأوّلية المصرّح بها والمصنّفة في خانة الخطر ما لا يقلّ عن 150 هكتار، وإن اختلفت حدّة الخطورة التي تمثّلها ظاهرة انزلاق التربة من منطقة عين الحمّام إلى منطقة تيڤزيرت، حيث لا تهدّد هذه الأخيرة التجمّعات السكنية أو القرى إلاّ أن طرح الخطر تسبّب في شلّ الحركة التنموية ووقف المشاريع الاستثمارية التي علّقت إلى إشعار آخر وإعادة بعثها مرهون بالنتائج النّهائية لمكتب الدراسات. غير أن الخطر الحقيقي هو تهديد الطريق الوطني رقم 24 بالانزلاق والانجراف، وأكّدت نتائج الدراسة الأوّلية للمكتب المشترك أن سبب الانزلاق بالمنطقة الساحلية لولاية تيزي وزو يعود بالدرجة الأولى إلى تساقط الصخور وتصنيف الجهة الساحلية في خانة المناطق الزلزالية، بالإضافة إلى الطابع الصخري الموقع المتميّز بالمنحدّرات المحاذية للبحر. وإلى جانب الانزلاق الأرضي المسجّل بعين الحمهام والنّاجم عن ظاهرة طبيعية، لم يلق الخطر الداهم والمترصّد لسكان المنطقة اهتماما كافيا من طرف الجميع، حيث عرفت الجهة الأخرى للمدينة انزلاقا حادّا خلال الشتاء المنصرم تسبّب فيه أحد الخواص الذي باشر أشغال إنجاز بناية خاصّة غير ضارب عرض الحائط كلّ التحذيرات والإعذارات الموجّهة إليه من مختلف المستويات إلى حدّ وقوع الكارثة وبعد فوات الأوان، الانزلاق الذي تزامن وتساقط كثيف لكمّيات الأمطار كاد يتسبّب في إتلاف كامل للشبكة الرئيسية للماء الشروب العابرة للمنطقة المتضرّرة. هذه الشبكة تموّن ما لا يقلّ عن 240 قرية موزّعة عبر 36 بلدية كائنة شرق الولاية، وسارعت الجهات المعنية إلى تهيئة المنطقة والحيلولة دون وقوع الكارثة أخرى تفوق ما سجّل، حيث تمّ إجلاء 12 عائلة وإسكانها بشكل مؤقّت في نادي للشباب قبل نقلهم إلى سكنات لائقة. وكلّفت مؤسسة »كوسيدار« بترميم وتهيئة الطريق المؤدّي إلى مقرّ الوحدة الثانوية للحماية المدنية، إلى جانب بناء جدار تدعيم لمنع إنجراف آخر، وقد مرّت ثلاث أشهر على الحادث. وقبيل الإعلان عن نتائج الدراسة، أكّد سكان المنطقة المتضرّرة جرّاء لا مبالاة وارتجال المقاول، أن مؤسسة »كوسيدار« حملت عدّتها وعادت أدراجها تاركة الوضع على ما هو عليه بسبب حسب مديرية التعمير والبناء لتيزي وزو نقص وغياب الإمكانيات والآلات المطلوبة لإنجاز المهمّة الموكلة إليها، في حين لا يزال معرّض المنطقة للخطر يواصل بنايته الممتدّة على 6 طوابق رغم أن طبيعة التربة وخطر الانزلاق حدّد عدد الطوابق بما لا يزيد عن طابقين وقام ببيعها غير آبه بالإعذارات والإنذارات ال 28 التي تلقّاها من مختلف الجهات المعنية على مختلف المستويات، ولم يكلّف نفسه حتى عناء إعادة تشجير المساحات التي عرّاها من أشجارها قبيل مباشرته لأشغال البناء، ولم يلتزم بما صدر في حقّه من قرارات لدى تقديمه للعدالة. وذكرت مصادر محلّية أن نفوذ المقاول جعله يتعدّى الخطوط الحمراء ويتحدّى الظواهر الطبيعية والقرارات والإجراءات البشرية.