بقلم: الدكتورة سميرة بيطام* لطالما أحدثت قضايا العنصرية في العالم احتدام واصطدام بين البيض والسود رفضا للتمييز في اللون والانتماء والعقيدة لم تكن ظاهرة العنصرية تُرتكب من أجل تصفية حسابات بقدر ما هي نابعة عن الشعور بالكراهية وعدم تقبل الجنس الأسود والعرف العالمي والقانوني لا يعترف بفروقات بين الجنس واللون لأن البشرية تحفظ كرامتها قوانين وتؤيد تنوع الفكر والمذهب والرأي قناعات ما لم يكن فيه تجاوز للحدود واختراق للحريات وتعدي على الحقوق والممتلكات هو القرن الجديد والذي شهد منذ أيام عملية مقتل جورج فلويد المواطن الأمريكي من أصل افريقي بتاريخ 25 ماي 2020 في مدينة منيابولس بولاية مينيسوتا عندما قام ضابط الشرطة ديريك تشوفين بالضغط على عنقه عند اعتقاله فيرديه ميتا لينتشر فيديو الجريمة على نطاق عالمي واسع أعقبه استنكار شديد اللهجة لطريقة تقييد الحق في الحياة . الى هنا يبدو الأمر واضحا بنوع من التحفظ السياسي الذي لطالما فهمت الشعوب أن السياسة اذا دخلت مجالا الا وحرفته عن أصله وجعلته يخضع لمتطلبات القادة الذين يسعون لتطبيق أجندة مكتوبة بزمن محدد لتظهر أسباب اعتقال فلويد مبهمة وربما بالية لا ترقى لأن تنال جزاء القتل البشعة هذا وأمريكا تُعتبر بلد الحرية والديمقراطية التي من المفروض ضباطها السامون يعرفون جيدا أن تقديس الحرية لديهم خط أحمر لكن في لقطة ما يصبح تحقيق المأرب شيء آخر يخالف الأعراف ولقوانين ولكن الرد الشعبي من أمام سفارات أمريكا في لندن وغيرها يعطي صورة نمطية للاستنكار الذي لابد أن يأخذ مجراه من حقيقة الأمر حتى لا تُميع الصورة وحتى لا تبقى السياسة تتحكم في كل شيء . الى هنا تبدو خرجة الرئيس الأمريكي في خطابه على احترام المسيرات السلمية بشرط أن لا ترقى الى استعمال العنف يجعل من الخطاب غير مُقنع والرجل يريد الحفاظ على صورته المألوفة للظفر بالانتخابات الرئاسية القادمة. المؤسف أن تنطلق المظاهرات سلمية لتتحول الى أعمال عنف وتخريب نوافذ لمقرات الشرطة والحاق أضرار بمتاجر هي ردود أفعال لعدم تقبل سيناريو الاعتقال الذي تحول الى جريمة ما دفع بزوجة الضابط الأمريكي مرتكب الفعل الى طلب الطلاق بعد أن تأثرت للحادثة وطلبت الاعتذار من عائلة الفقيد مواقف كهذه تؤيدها مواد حقوق الانسان ومنظمات الدفاع عن الحقوق ويبقى الاشكال يُطرح في كل مرة : لماذا يستمر استعباد السود لدى البيض على الرغم من أن العصور تتغير بنسق حياتي اجتماعي واقتصادي وسياسي جديد فمن المفروض لا يبقى هناك ما يسمى تمييز عنصري ولا يبقى هناك ما يسمى اعدام البشرية التي لا تتفق في اللون والفكرة والمذهب الديني الأفكار تتزاحم لتأخذ حقها من القضية والأمر تكفله العدالة الآن وفي انتظار تحريات التحقيق وملابسات الجريمة تترسخ في أذهان السود أن التمييز العنصر مستمر في حقهم ما يجعلهم متأهبين للتخريب والفوضى في أي وقت قد يتكرر معه نفس المشهد. فبحسب الاتفاقية الدولية للقضاء علي جميع أشكال التمييز العنصري والتي اعتمدت وعرضت للتوقيع والتصديق والانضمام بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 2106 ألف (د-20) المؤرخ في 21 ديسمبر 1965 بتاريخ بدء النفاذ : 4 جانفي 1969 وفقا للمادة 19 إذ ترى أن ميثاق الأممالمتحدة يقوم على مبدأي الكرامة والتساوي الأصيلين في جميع البشر وأن جميع الدول الأعضاء قد تعهدت باتخاذ إجراءات جماعية وفردية بالتعاون مع المنظمة بغية إدراك أحد مقاصد الأممالمتحدة المتمثل في تعزيز وتشجيع الاحترام والمراعاة العالميين لحقوق الإنسان والحريات الأساسية للناس جميعا دون تمييز بسبب العرق أو الجنس أو اللغة أو الدين واذ ترى أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان يعلن أن البشر يولدون جميعا أحرارا ومتساوون في الكرامة والحقوق وأن لكل إنسان حق التمتع بجميع الحقوق والحريات المقررة فيه دون أي تمييز لا سيما بسبب العرق أو اللون أو الأصل القومي فهل ستُطبق العدالة الأمريكية بنود هذا الاتفاق لتترجمه في سن مواد جديدة تكون أكثر ردعا لمن تُسول له نفسه ارتكاب جريمة في حق السود؟ أم ان الأمر سيأخذ مجرى عادي من باب حماية المجتمع من جرائمهم ولتحقيق كراهية قديمة تريد أن تحوز على استمرارية لنبذ السود مدى العمر... وللعدالة الأمريكية الفيصل في ذلك حتى يهدأ الشارع الأمريكي حتى لو تم تصنيف منظمة انتيفا منظمة إرهابية الا أن التصنيف يأخذ جانبا واثارة غضب السود حول لون بشرتهم شيء لا يُغتفر.