قال فضيلة الشيخ د· محمد بن حسن المريخي خلال خطبة الجمعة أمس: الحمد لله الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد، أحمده سبحانه وأشكره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمداً عبد الله ورسوله وصفيه وخليله وأمينه على وحيه ودينه وشريعته· صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً، أما بعد··· فيا أيها المسلمون: اتقوا الله تعالى ما استطعتم واسمعوا وأطيعوا وأنفقوا خيرا لأنفسكم، أنصروا الله ورسوله ودينه، وكونوا عباد الله المسلمين ترجون رحمته وتخافون عذابه (إن عذاب ربك كان محذورا وإن من قرية إلا نحن مهلكوها قبل يوم القيامة أو معذبوها عذابا شديدا كان ذلك في الكتاب مسطورا)· عباد الله: لكل أهل ملة خلق وأدب يتميزون به وأهل ملة الإسلام خلقهم الحياء، الحياء هو شعور داخلي يبعث على الكف عن ارتكاب القبائح ودناءة الأخلاق، ويحث على استعمال مكارم الأخلاق ومعاليها· ويتولد الحياء عند العبد ويستقر في قلبه وفؤاده حين يطالع نعمة الله عليه ويطالع تقصيره نحوها في شكرها ويكون الحياء من رسول الله حين يعرف حقه عليه وما قدمه له رسول الله من التسبب في الهداية والنجاة من النار فيكثر من الصلاة عليه ويجعل في نفسه تعظيما له صلى الله عليه وسلم وتوقيرا فيحب سنته ويقدمها على كل قول بعد قول الله تعالى، ويحترمه ويصدقه ويتبعه احتراماً وتوقيراً لله تعالى وعرفانا وجزاء· أيها الإخوة في الله: الحياء زينة الإنسان رجلا كان أو امرأة وهو أوكد للمرأة وهو خلق النبيين والمرسلين والصالحين والصحابة والأئمة والموفقين والفائزين والناجين· يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم "إذا لم تستح فاصنع ما شئت" رواه البخاري· يقول ابن رجب: المعنى إن من لم يستح صنع ما شاء فإن المانع من فعل القبائح هو الحياء فمن لم يكن له حياء انهمك في كل فحشاء ومنكر، وقال الحديث فيه التهديد والوعيد· إن حياة المسلمين بدأت تطرد هذا الخلق الكريم وتعمل عبثا على تفريغ المسلمين منه· إننا في زمان الحياء فيه عيب وسبة وعار، زماننا أو تصرفات بعضنا يقول لسان حاله: لا تستحي واترك الحياء جانبا فقد ولى زمن الحياء، إننا نعاني من قلة الحياء في اللباس والهيئة، فالهيئة النسائية ليست إلى خير كبير ولكنها إلى شر مستطير، التشبه بالكافرات والمشركات اللائي لا يؤمن بالله ولا بلقائه واللباس الواصف والمفصل والمفتح والفاتن والشفاف· قلة الحياء عند الذكور من التشبه بالنساء واستعمال حوائج النساء كالأصباغ والعطور وما شابه ذلك ومخالطتهن والتطبع بطبائع الإناث، كما تظهر قلة الحياء في اختلاط المرأة بالرجل باسم المسميات المتعددة والأعذار الواهية والتعليلات الهزيلة· إن منهج القرآن الكريم يعد أكمل المناهج بلا شك، وأشرفها وأرفعها ولن يبلغ منهج أسلوب القرآن وهو شرع لابد من تبليغ الناس به، فلما أراد أن يبلغ ما يخص الطهارة بعد قضاء الوطر نجده يلمح ويكني ولا يكشف ويصرح كما في قوله تعالى (نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم وقدموا لأنفسكم واتقوا الله···) وقدموا لأنفسكم أي مما يهيئ الحال من المقدمات· كما أن البعض يردد مقولة خاطئة، لا حياء في الدين، إن الدين الحنيف يبرأ إلى الله تعالى من هذه المقولة لأن الإسلام دين الحياء والأدب، بل عد رسول الله الحياء من الإيمان وهدد من لا أدب له ولا حياء وهو صلى الله عليه وسلم أشد حياء وصحابته وأكثر القرآن من ذكر الحياء داعيا إليه ومثنيا على أهله وواصفاً عباد الله الفائزين عنده بهذا الخلق النبيل· فقول القائل: لا حياء في دين، كلام باطل مردود وأجرى الحال البعض بناء على هذه العبارة، فقال لا حياء في العلم وأخذ يشرق ويغرب في القول والنشر والبحث دون مراعاة للأدب، معتمدا على قول باطل، وما بني على باطل فهو باطل فلا يجوز التصريح والكشف عما أمر الشرع بستره والتزام الحياء عنده، تحت أي ظرف أو عذر من الأعذار ويعد هذا تعديا لحدود الله تعالى· (ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون)، إن الجرأة في هذه الأمور خطيرة وبلوى فإنها تجرئ المراهقين وتطلعهم علانية وجهارا على ما يجب ستره والأدب عنده· حفظ الله ديار المسلمين من كل سوء ومكروه، إنه سميع مجيب، بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم·