❊ تجسيد الديمقراطية التشاركية عبر تكريس سُنّة التشاور ❊ الالتفاف حول مؤسّسات الدولة ودعم توجهاتها الاستراتيجية ❊ تقوية الجبهة الداخلية بعيدا عن الاستنساخ الخطابي يعكس اعتزام رئيس الجمهورية إطلاق الحوار الوطني مع نهاية العام الجاري وبداية السنة القادمة، حرصه على تعزيز الورشات السياسية تكريسا لثقافة الدولة التي اضطلع على تجسيدها منذ انتخابه على رأس البلاد، فضلا عن التزامه بالاستجابة لمطالب الأحزاب السياسية الموالية والمعارضة، من أجل مناقشة القضايا السياسية والخيارات الاقتصادية والأوضاع الاجتماعية، في ظل التطوّرات الإقليمية والدولية والعربية. طمأن الرئيس تبون في التصريحات التي أدلى بها مؤخرا خلال اللقاء الإعلامي الدوري مع ممثلي الصحافة الوطنية الطبقة السياسية، بأن يكون عند وعده بخصوص إرساء حوار وطني شامل، مثلما تعهّد بذلك خلال تأدية اليمين الدستورية للعهدة الثانية، انطلاقا من قناعته بتجسيد الديمقراطية التشاركية التي جسّدها بسنة التشاور والحوار مع ممثلي الأحزاب الذين استقبلهم في عديد المناسبات بمقر رئاسة الجمهورية لمناقشة عديد القضايا الوطنية والدولية، لينجح بذلك في خلق تلاحم وطني والالتفاف حول مؤسّسات الدولة ودعم توجهاتها الاستراتيجية. ويبرز حرص رئيس الجمهورية على إعداد الأرضية الملائمة لإنجاح هذا الموعد من خلال إرساء مرتكزات صلبة، كونه ينصّب في إطار تقوية الجبهة الداخلية بعيدا عن الاستنساخ الخطابي، حيث سيكون مسبوقا بجملة من الأولويات المتصلة بالاقتصاد الوطني وجعل الجزائر في مأمن ومناعة من التقلّبات الاقتصادية والسياسية التي يشهدها العالم، قبل المرور إلى مرحلة بناء الديمقراطية الحقّة، من خلال مراجعة القوانين المتعلقة بأجهزة الدولة العصرية، على غرار قانوني البلدية والولاية. والواقع أن تحضيرات عقد هذا الحوار قد سبقته المشاورات التي أجراها الرئيس تبون مع التشكيلات السياسية التي تمتلك تمثيلا شعبيا على المستويين المحلي والوطني، والتي سمحت له بالاستماع إلى مقترحاتها خاصة في مجال تكريس الحقوق الأساسية من خلال القوانين المكرّسة في الدستور والقانون العضوي المتعلق بالأحزاب والجمعيات. وبالإضافة إلى سعيه لاستحداث إطار جديد للعمل السياسي من خلال إضفاء الفعالية على دور الأحزاب وإشراكها في الشأن العام الوطني، فإن الرئيس تبون يهدف عبر هذا الموعد الهام لصدّ التدخلات الأجنبية والقضاء على محاولات زرع الفتنة بين أبناء الشعب الجزائري.كما أن إعلان الرئيس تبون عن موعد الحوار منذ الآن رغم أنه مازال يفصلنا عنه عدة أشهر، يهدف لتمكين الأحزاب الوطنية من تحضير نفسها عبر إعداد خارطة طريق وتنظيم مبادرات محلية بين الطبقة السياسية مثلا لمناقشة أبرز الملفات تحسّبا لعرضها على الحوار الوطني، مما سيساهم في توحيد المواقف وتقريب مخرجات اللقاء، وفق رؤية مشتركة لمواجهة كل التحديات على الصعيدين الداخلي والخارجي. علاوة على ذلك، فإن رهان الرئيس تبون يتركز على تحصين أسس الدولة وتقوية مؤسّساتها لإعادة ثقة الشعب فيها، مع ضمان انخراطه في المشروع الوطني الواعد وحماية الحقوق والحريات، فضلا عن إعادة الاعتبار للحياة السياسية والقوانين الناظمة لها وبما يعني مصلحة البلاد. وبالإضافة، إلى ذلك فإن التزام رئيس الجمهورية بإطلاق هذا الحوار، يعكس قناعته بضرورة تعزيز الجبهة الداخلية وتأمين المصالح الوطنية العليا، مع مواكبة التحوّلات الدولية وفق رؤية استراتيجية تعكس مكانة الجزائر وثقلها الجيوسياسي. وتدعم مختلف التشكيلات الوطنية رؤية الرئيس تبون، بالنظر إلى المعطيات الجديدة التي يشهدها العالم، داعية إلى تحصين الجبهة الداخلية لمواجهة أي محاولة لابتزاز الجزائر، حيث تركزت لقاءاتها مع الرئيس تبون في وقت سابق على إرساء دعائم الديمقراطية التشاركية والتأكيد على تقوية مناعة البلاد ومعالجة كافة المشاكل التي تضعفها عبر جملة من الإجراءات، لاسيما في المجال السياسي والاجتماعي. وعليه، يمكن القول إن مبادرات رئيس الجمهورية تتسم بالاستباقية من أجل إرساء معالم تحصن البلاد من كافة المخططات التي تستهدفها، خاصة على ضوء استفزازات اليمين المتطرّف الفرنسي المتصاعدة، والمؤامرات التي تحاك من قبل المخزن المدعوم بالكيان الصهيوني، ما يجعل الحوار الوطني القادم بمثابة "حقنة مناعة " ضد المتربّصين بأمن واستقرار البلاد.