تواصل الأزمة الاجتماعية في المغرب، تعميق الفجوة بين المخزن والشارع، حيث تتصاعد حدة الاحتجاجات في قطاع التعليم بالتزامن مع تحذيرات نقابية من تداعيات السياسات الحكومية على التماسك الاجتماعي. ودعت التنسيقية الوطنية لأساتذة وأطر الدعم الذين فرض عليهم التعاقد، إلى "حمل الشارات الحمراء" اليوم الثلاثاء، تزامنا مع محاكمة 14 أستاذا على خلفية احتجاجات سابقة بالعاصمة الرباط، فضحت الفشل الحكومي في إدارة الملفات الاجتماعية وكشفت عجز السلطات عن تقديم حلول جذرية لمطالب عمال قطاع التربية والنقابات. وتمت الدعوة لحمل الشارات الحمراء تعبيرا عن رفضهم لهذه المحاكمات التي وصفوها ب"الانتقامية"، وللتأكيد على تضامنهم مع زملائهم المتابعين قضائيا، مشددة على أن نضالاتها ستستمر حتى تحقيق مطالبها العادلة وعلى رأسها الإدماج في الوظيفة العمومية ووقف التضييق على الحريات النقابية وحق الاحتجاج. وأشارت إلى أن هذه المحاكمات "الصورية والانتقامية" تأتي في إطار سياسة التضييق على حرية التعبير والاحتجاج، مضيفة أن التهم الموجهة للأساتذة، والتي تشمل "عرقلة سير الناقلات وتعطيل المرور بالطريق العمومي وإهانة موظف عمومي والاعتداء عليه، ما هي إلا ذرائع لثني رجال ونساء التعليم عن الدفاع عن حقوقهم". واعتبرت التنسيقية، أن هذه المحاكمات ليست سوى امتداد لسياسة التضييق على الأساتذة وحرمانهم من حقوقهم، مؤكدة أن الهدف منها هو ترهيب عمال قطاع التربية وكبح أي صوت يطالب بالإدماج والاستقرار المهني، في وقت يفترض أن يمنح الأساتذة المكانة التي تليق بدورهم المحوري في تربية الأجيال وتكوين وعي مجتمعي مستقل وناقد بدل التعامل معهم بمنطق القمع والتهميش الذي يضر بمنظومة التعليم ككل. كما انتقدت التنسيقية، في نفس السياق التضييق المتزايد على حرية الرأي والتعبير في المغرب، مشيرة إلى أن السلطات تستعمل أساليب العنف المادي والرمزي ضد المعارضين، بدءا من الاعتقال والتشهير وصولا إلى المحاكمات الصورية التي تستهدف الأصوات الحرّة. وأكدت أن هذه الممارسات تعكس رؤية الدولة لبناء "مواطن خاضع لا يطالب بحقوقه"، وهو ما يتجلى أيضا في قمع نضالات الطبقة العاملة خاصة في قطاع التعليم، حيث تمت المصادقة مؤخرا على قانون تجريمي للإضراب في خطوة تهدف إلى تقييد الحريات النّقابية. وبالتوازي مع ذلك حذّر الاتحاد الوطني للشغل، من خطورة الاستمرار في تجاهل الاحتقان الاجتماعي المتنامي بسبب البطالة وتدهور القدرة الشرائية، مؤكدا في بيان له أن "الحكومة تعتمد سياسات عمومية تهدد التماسك والسلم الاجتماعيين". وبعدما ندّد بالإقصاء الممنهج للعمل النّقابي والتضييق على التنظيمات الجادة، شدّد على أن استمرار التضييق على الحريات النّقابية والاستفراد بالقرارات المصيرية خاصة في قطاع حسّاس كالتعليم، يعكس توجها ممنهجا لضرب العمل النّقابي وإفراغه من مضمونه النضالي. وندّد الاتحاد، أيضا بمحاولات فرض "نموذج تعليمي يخدم أجندات سياسية واقتصادية ضيقة" على حساب جودة التعليم وكرامة الأساتذة، معتبرا أن تقييد الحريات النّقابية وقمع الاحتجاجات السلمية لن يسهم في حل المشكلات، بل سيؤدي إلى تفريغ مهنة التدريس من مضمونها التربوي ورسالتها المجتمعية.