بقلم: نبيل السهلي* بعيداً عن نتائج انتخابات الرئاسة الأمريكية ومن سيكون سيد البيت الأبيض في العشرين من كانون ثاني /يناير من العام القادم 2021 ثمة ضرورة ملحة لإلقاء الضوء على اتجاهات مواقف الإدارات الأمريكية من القضية الفلسطينية. *الاتجاه العام يلاحظ المتابع لسياسة الولاياتالمتحدة في الشرق الأوسط وموقف الإدارات الأمريكية المتعاقبة من القضية الفلسطينية أنها اتسمت منذ إنشاء إسرائيل بقلة المتغيرات وقوة الثوابت وقد ارتبط ذلك بمجموعة من الاعتبارات والمصالح الإقليمية والدولية للولايات المتحدةالأمريكية وليس بوجهة النظر التي يحملها رؤساء الولاياتالمتحدة الذين توالوا على قيادة الإدارات الأمريكية سواء من الحزب الديمقراطي أو الحزب الجهوري. وقد اضطر بعضهم كالرئيس كارتر أن يتراجع عن تعهداته وقناعته بصدد القضية الفلسطينية التي تحدث عنها أثناء حملته الانتخابية. لكن لا بد من الإشارة إلى أن ثمة دوراً للرئيس الأمريكي في رسم وصوغ السياسة الأمريكية. وقد عملت الولاياتالمتحدة على احتواء الصراع العربي – الإسرائيلي وبالتالي جوهره المتمثل بالقضية الفلسطينية وذلك لتحقيق الأهداف المختلفة وفي مقدمها الحفاظ على المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط. ويمثل موقف الإدارات الأمريكية المتعاقبة من قضية اللاجئين بشكل خاص انعكاساً لمدى العلاقة مع إسرائيل فكلما توطدت علاقة الإدارة معها تراجع الاهتمام بالقضية الفلسطينية. ويمكن القول إنه منذ إدارة الرئيس الأمريكي هاري ترومان بقيت القضية الفلسطينية ومن ضمنها قضية اللاجئين أسيرة الصراع الدائر بين قوى الضغط المؤيدة ل إسرائيل والإدارات الأمريكية المتعاقبة لجهة دعم المواقف الإسرائيلية على مستويات مختلفة اقتصادية وسياسية ودبلوماسية. *التطبيق العملي ويلحظ المتابع أنه بعد احتلال إسرائيل للجزء الشرقي من مدينة القدس في الخامس من حزيران /يونيو 1967 اتصفت مواقف الإدارات الأمريكية المتعاقبة وسياساتها إزاء قضية القدس بالانسجام مع السياسات الإسرائيلية إلى حد كبير فانحازت دائماً بوضوح لإسرائيل مع محاولتها إظهار شيء من بعض التوازن في بعض القضايا المتعلقة بالقضية نفسها ومنها نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس على الرغم من وجود قرار للكونغرس في عام 1995 بشأن ذلك والذي لم تنفذه الإدارات السابقة على الرغم من المطالبات الإسرائيلية المتعاقبة منذ 1949 الإدارات الأمريكية بضرورة ذلك ليمثل اعترافا أمريكياً بالضم الإسرائيلي غير المقبول دوليا للقدس إلى إسرائيل وإقراراً من الولاياتالمتحدة أن القدس الموحدة عاصمة لإسرائيل. يعتبر إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في بداية العام الحالي 2020 عن ما يسمى إعلاميا صفقة القرن للسلام في الشرق الأوسط تجسيداً وتطبيقاً عملياً لانحياز الإدارات الأمريكية المطلق إلى المواقف الإسرائيلية إزاء القضايا الفلسطينية الجوهرية القدس والاستيطان واللاجئين والدولة الفلسطينية. حيث تضمنت الصفقة بنوداً لتغييب قضية اللاجئين الفلسطينيين واعتبار القدس الموحدة بشقيها المحتلين خلال عامي 1948 و1967 عاصمة أبدية لإسرائيل وعززت إدارة ترامب ذلك من خلال نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى مدينة القدس ولم تتوقف عند الحد المذكور بل أوقفت بشكل كامل المساعدات الأمريكية لوكالة الأونروا ولقطاع الصحة الفلسطيني فضلاً عن إغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن وأخيرا إصدار قرار بالاستثمار في المستوطنات الإسرائيلية بغرض فرض الواقع التهويدي الإحتلالي في عمق الضفة الغربية بما فيها مدينة القدس ومنطقة الأغوار التي تشكل ثلث مساحة الضفة الغربية. ومن خلال قراءة متأنية لمسار مواقف الإدارات الأمريكية من القضية الفلسطينية بمفاصلها المختلفة يمكن الجزم أن إدارة جو بايدن الديمقراطي القادمة ستبقى كما سابقاتها منحازة لإسرائيل والحفاظ على أمنها ولن تتغير مواقفها في سياقها العام إزاء القضية الفلسطينية وإن تغيرت بعض التكتيكات السياسية وخاصة لجهة العودة إلى مربع التفاوض بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل برعاية أمريكية ودون مرجعيات أخرى. على الرغم من تغير الشخوص في البيت الأبيض سيبقى الثابت الأكبر في المدى المنظور الانحياز الأمريكي لإسرائيل وتبعاً لذلك سيواجه المشروع الوطني الفلسطيني ومعه القضية الفلسطينية خطر التصفية حيث يرتكز المشروع الوطني الفلسطيني على موشور قوامه وحدة الشعب الفلسطيني داخل فلسطين التاريخية وفي الشتات فضلاً عن الانتماء إلى فلسطين وطناً تاريخياً ووحيداً لشعبها والتمسّك بالهوية الوطنية الفلسطينية في مواجهة المشروع الصهيوني الذي توّج بإنشاء إسرائيل عام 1948 على القسم الأكبر من مساحة فلسطين التاريخية وتالياً احتلال باقي الأراضي الفلسطينية في يونيو/ حزيران 1967. *تداعيات الانتخابات ولمواجهة تداعيات الانتخابات الأمريكية على القضية الفلسطينية واستمرار الانحياز الأمريكي المطلق لإسرائيل ثمّة ضرورة ملحّة لوضع أسس جدية لإنهاء حال الانقسام الفلسطيني ووضع أسس لترسيخ الوحدة الوطنية والاتفاق على توجهات كفاحية مشتركة خصوصاً أن الرهان على استمرار المفاوضات تلاشى دون عودة. والأهم من ذلك أن الوحدة الوطنية الفلسطينية هي الحصن الحصين لمواجهة كافة المخاطر المحدقة بالقضية الفلسطينية وثمة قدرات كبيرة كامنة لدى الشعب الفلسطيني في داخل فلسطين التاريخية والمهاجر القريبة والبعيدة يمكن الاستفادة منها لإسقاط كافة المشاريع التي تستهدف القضية الفلسطينية.