وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ هكذا كان صحابة رسول الله يحتفون بليلة العمر ليلة القدر هي أفضل الليالي في العام كله وتحظى بمكانة كبيرة وكيف لا وهي ليلة خير من ألف شهر العبادة فيها وقيامها وقراءة القرآن فيها والتصدق والإكثار من الطاعات يفوق عبادة 83عاما بل أن المقام الرفيع قد بدا واضحا في آيات القرآن الكريم في سورتين مختلفتين بل أن عظم قدر السورة قد جعل الله يخصص لها سورة كاملة باسمها ناهيك عما جاء حول الليلة في سورة الدخان فقد قال الله تعالى في سورة الدخان أنها ليلة مباركة وأنه يفرق فيها كل أمر حكيم حيث بدأ سبحانه وتعالي سورة الدخان بقوله :حم * وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ * إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَة مُبَارَكَة إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْر حَكِيم * أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ * رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ الدخان:1-8. وكذلك قال الله في سورة القدر: إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْر * تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْر القدر * سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ *من الأية * 1: 5. *فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْر حَكِيم وهناك إجماع بين أولي العلم إن ليلة القدر لا تكون إلا في ليلة وترية من العشر الأواخر من رمضان وعلاماتها لا تظهر إلا في صباح اليوم التالي لها. ولعظمة هذه الليلة كان الصحابة رضوان الله عنهم أشد الناس بحثاً عنها وتحرياً لها حتى أنهم تراءوها في منامهم كما روى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رجالاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أُروا ليلة القدر في المنام في السبع الأواخر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر فمن كان متحريها فليتحرها في السبع الأواخر. بحسب إجماع العلماء فإن هناك علامات متعددة لليلة القدر أنها تطلع الشمس صبيحتها لا شعاع لها قال صلى الله عليه وسلم صبيحة ليلة القدر تطلع الشمس لا شعاع لها كأنها طست حتى ترتفع مسلم. وقيل لكثرة نزول وصعود وحركة الملائكة فيها فتستر بأجنحتها وأجسامها اللطيفة ضوء الشمس وشعاعها و تكون ليلة القدر معتدلة لا حارة ولا باردة قال صلى الله عليه وسلم ليلة طلقة لا حارة ولا باردة تصبح الشمس يومها حمراء ضعيفة بل أن سيدنا أبي هريرة رضي الله عنه قال: تذاكرنا ليلة القدر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أيكم يذكر حين طلع القمر وهو مثل شق جفنة) وقال صلى الله عليه وسلم إنها ليلة بلجة -أي: منيرة-مضيئة لا حارة ولا باردة لا يرمى فيها بنجم . دعاء ليلة القدر ارتفاع مقام ليلة القدر وكونها خير من ألف شهر ينسجم مع الصحابة والسلف الصالح علي ضرورة تخصيص أدعية معينة لهذه الليلة المباركة وهو ما بدا واضحا عندما سألت عائشة رضي الله عنها فقالت: يا رسول الله: إن وافقت ليلة القدر فما أقول فيها قال: قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني وكان أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام وكان السلف بعدهم يعظمون هذه العشر ويجتهدون فيها بأنواع الخير. ومن ثم فقد شرع للمسلمين في كل مكان أن يتأسوا بنبيهم عليه الصلاة والسلام وبأصحابه الكرام وبسلف هذه الأمة الأخيار فيحيوا هذه الليالي بالصلاة وقراءة القرآن وأنواع الذكر والعبادة إيمانًا واحتسابًا وبل يكثروا كذلك من الطاعات والقربات والصدقات حتى يفوزوا بمغفرة الذنوب وحط الأوزار والعتق من النار مصداقا لقوله إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلًا كَرِيمًا النساء الأية31. فاللهم بلغنا ليلة القدر واجعلنا فيها من عتقائك من النار.