بعضهم يغيّر حياته كلها مواطنون ينوون التوبة في رمضان ماذا لو استغفرت الله واستقمت؟ ماذا لو توقفت عن السكْر والآثام والمجون والجنون الذي أعيش فيه؟ ماذا لو أطلت لحيتي، وارتديت قميصا أبيض، فأصلي، وأصوم، وأزكي، ولا أخوض مع الخائضين؟ ماذا لو حدث هذا اليوم؟ هذه الساعة··· وهذه اللحظة؟ مصطفى مهدي هذا ما فكّر فيه سيد علي، ولولا أنه انتبه إلى أنه وصل إلى العمارة التي يسكنها بحي (ميزون) بباب الواد لما أفاق من كلّ تلك الأفكار التي كانت تعصف به··هل ستحطّ به إلى برّ الأمان، أو ترمي به في المجهول؟ حتى هو لا يدري، ما يعلمه أنه قرر أن يتوب عن المعاصي التي يرتكبها سنة، و12شهرا، وأن يستقيم في شهر رمضان) لم لا؟ ما الذي سيحدث لو فعلت، سأصبح إنسانا محترما، سأعمل، وسأدخل البيت على الثامنة، وسأنام، وآكل، وأتحدث، وأفعل كل ما يفعله البشر···)· إنه يعلم أنه لم يصبح بشرا منذ أن أدمن كل شيء، الشرب، والمخدرات، والبنات، ولكنه يتوب مع اقتراب كل شهر رمضان، فيعود، وفي أوّل يوم عيد إلى عادته··(لا، لا، هذه المرّة ستكون الأخيرة، لن أعود إلى الشرب، سأصبح محترما، أجل، أجل)· سيدعلي ليس الوحيد في حيه، ولا في المدينة، ولا في العالم، فالكثيرون ينوون التوبة مع اقتراب شهر التوبة، وقد ينجحون، وقد لا ينجحون، يقول لنا سيد علي: (في كل مرة أحاول فأفشل، ولكن ليس هذه المرة، أحس بأنني قوي، وأنني قادر على المواصلة في توبتي) يقول لنا رضا، والذي، هو الآخر حاول، ليس في رمضان فقط، ولكن حياته تحوّلت منذ سنتين إلى صراع مستمر بين الشر، والخير بداخله، وسؤالان يمرّان بذهنه: (إلى متى؟) و(لمَ؟) أجل إلى متى يبقى مدمنا، لا يستطيع لا تكوين أسرة، ولا بيت، ولا شيء، ولكن سؤال آخر في كل مرة يعصف به، لم يستقيم، وهو الذي لا يجد عملا، ولا وظيفة محترمة تساعده، ولا حتى ملعبا يمارس فيه كرة القدم فتلهيه، بل لا يجد في احتضانه إلاّ حفلات راقصة، عبر كامل أحياء العاصمة وملاعب لرؤية مبارايات الكرة، وكلها أماكن تغريه بالشرب والفجر لا بالاستقامة؟ فما الذي يفعله؟ نحن لم نطرح عليه هذا السؤال لأنه صعب، لأنه هو لم يستطع الإجابة عليه، ولم نستطع أن نطرح عليه سؤالا آخر عمّا نواه، لأنه لم ينو إلى الآن شيئا، ولم نستطع أن نشجعه لأننا نرى الخراب من حوله، وليس لنا أدوات إقناع، ووجدنا أنفسنا أكثر حيرة منه، فتركناه وشأنه وذهبنا· وحتى الفتيات، أو كثيرات منهن، من حاولن، أو قررن، أن يتبن ويتخلين عن بعض العادات، مثل التزين، ومصاحبة الشبان، والمُداومة على الصلاة، وغير ذلك، وخاصّة ارتداء اللباس الشرعي، أي الحجاب، تقول لنا بهية: (في أوّل أيام رمضان سأرتدي الحجاب، إنشاء الله، وهذا بعد تفكير دام أكثر من سنتين، ولكني في النهاية خلصت إلى أنني لا بدّ أن أرتديه، وأتوب عن الأيام التي لم أفعل فيها)·